نتابع معكم عبر موقعنا خليج نيوز
أظهرت دراسة حديثة أجرتها جامعة كوليدج لندن، أن النماذج اللغوية الكبيرة قدرة استثنائية على التنبؤ بنتائج الأبحاث العلمية بدقة تفوق أداء الخبراء البشريين، خاصة في مجال علوم الأعصاب.
وفقًا للدراسة المنشورة في مجلة “Nature Human Behaviour”، أثبتت النماذج اللغوية الكبيرة، المدربة على مجموعات هائلة من النصوص العلمية، قدرتها على تحليل الأدبيات العلمية واستخلاص الأنماط الكامنة، هذه الإمكانية تجعلها أداة قيمة للتنبؤ بنتائج التجارب العلمية بدقة تتجاوز حدود الخبرات البشرية.
مع الكم الضخم من الأبحاث المنشورة يوميًا، يواجه العلماء صعوبة في تتبع التطورات الجديدة في مجالات تخصصهم، لذلك، سعى فريق بقيادة الدكتور كين لو من قسم علم النفس واللغويات في جامعة كوليدج لندن إلى اختبار إمكانات الذكاء الاصطناعي في المساعدة على التنبؤ بنتائج التجارب العلمية بشكل أسرع وأكثر دقة.
الدراسة طرحت سؤالًا مهمًا: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتخطى دوره التقليدي في استرجاع المعلومات ليصبح أداة لتوقع نتائج الأبحاث؟ للإجابة على هذا السؤال، طور الفريق أداة باسم “BrainBench” لتقييم أداء النماذج اللغوية الكبيرة مقارنة بالخبراء البشر.
عبر مقارنة ملخصات لدراسات علوم الأعصاب، أظهرت النتائج تفوقًا واضحًا للنماذج اللغوية الكبيرة، إذ بلغت دقتها في تحديد النتائج الصحيحة 81%، مقارنة بدقة الخبراء البشريين التي لم تتجاوز 63%، حتى أكثر الخبراء خبرة حققوا دقة لا تتجاوز 66%.
كما لاحظ الباحثون أن دقة النماذج تزداد مع ارتفاع ثقتها في الإجابات، مما يعكس إمكانيات التعاون بين الإنسان والآلة لتحقيق نتائج أفضل في البحث العلمي.
في خطوة لاحقة، طور الفريق البحثي نموذجًا متخصصًا في علوم الأعصاب أطلق عليه اسم “BrainGPT”، وقد أُعدّ هذا النموذج باستخدام نسخة معدلة من النموذج المفتوح المصدر Mistral، مما مكنه من تحقيق دقة تصل إلى 86% في التنبؤ بنتائج الدراسات، مقارنة بـ83% للنموذج العام.
أكد البروفيسور برادلي لوف، المؤلف الرئيسي للدراسة، أن هذا التقدم يمثل تحولًا نوعيًا في أساليب البحث العلمي.
وأوضح أن العلماء سيتمكنون في المستقبل من إدخال تصاميم تجاربهم المقترحة والحصول على تنبؤات دقيقة حول احتمالات النتائج، مما يسهم في تسريع عمليات البحث وتحسين كفاءتها.
رغم هذه القفزة التقنية، يظل التساؤل قائمًا حول دور الإنسان في ظل هذا التقدم، يشدد الباحثون على أن الذكاء الاصطناعي لن يكون بديلًا للعلماء، بل شريكًا يعزز من قدراتهم، إذ يتيح لهم التركيز على الجوانب الإبداعية والاستكشافية في أبحاثهم.
تمثل هذه الدراسة دليلًا قويًا على الإمكانيات الثورية للذكاء الاصطناعي في البحث العلمي. ورغم التفوق الملحوظ لهذه النماذج، يبقى تطويرها وتطبيقها بشكل مسؤول أمرًا ضروريًا لضمان تحقيق أقصى استفادة منها في خدمة التقدم العلمي والإنساني.