ازدواج السلوك الإنساني

ازدواج السلوك الإنساني
ازدواج السلوك الإنساني

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ازدواج السلوك الإنساني, اليوم الأربعاء 14 مايو 2025 10:33 مساءً

"ما يفعله الغير تجاهك جريمة لا تغتفر أما ما تفعله تجاههم فهو - في نظرك - مجرد هفوة وزلل..." - خضر.

الحديث عن الإنسان حديث شائك، فما بالك حينما نتحدث عن سلوكه وما يعتريه من تناقضات من الصعب الإحاطة بها، وذلك لأن محيط السلوك إنما يتأطر بمفهومين عويصين تحدث عنهما الفلاسفة وهما: المحصل والمعدول.

فالسلوك الإنساني إما ما اكتسبه الإنسان وتوارثه وأضاف إليه من تجاربه ما يعزز منه، وإما ما كان نتاجا لهدم أو ترميم لسلوك اندثر أو سلوك لم يعد يقدم لصاحبه امتيازات وفرص حياتية، وهنا تولد الازدواجية. والازدواجية في السلوك هي جمع بين متناقضين، إن حل أحدهما أزاح الثاني ورحم الله المعري حين قال:
رويدك قد غررت وأنت حرٌ
بصاحب حيلة يعظ النساء
يحرم فيكم الصهباء صبحا
ويشربها على عمد مساء
إذا فعل الفتى ما عنه ينهى
فمن جهتين لا جهة أساء

ومن أبسط الأمثلة على الازدواج في السلوك ما نسميه بـ"الرفد"، وهو مال يدفع للمتزوج كمعونة له على الزواج وليته كان ذاك! بل هو مظهر من مظاهر النفاق عند الغالب يهدف من خلاله لإرضاء ثلة من المجتمع بذلك المبلغ الذي يقتطعه من قلبه قبل أن يكون من حسابه، فتجده قبل أن يدفع الرفد، وقد استنزف كل الدعوات والثبور على هذا المتزوج الذي اختار هذا اليوم لزواجه. والازدواج ليس في دفع الرفد وإنما في "لمن سيدفع الرفد؟" لأنه إن تزوج فقير ومحتاج ستجد بأن محصلة "الرفد" الذي قيد في دفتر "الحضور" لا يتجاوز العشرة آلاف تقل أو تزيد، ولكن حينما يكون صاحب الزواج من ذوي الحظوة والحضور المجتمعي ومن وجهاء القبيلة، فستجد بأن الرفد قد شارف على المليون ريال يقل أو يزيد.

والسؤال هنا: أيهما أولى بالمعونة "صاحب الجاه" أم "صاحب الشاه"؟
ومن الازدواج في السلوك - أيضا - ما تجده من بعض رؤساء وملاك الشركات الكبرى والمتاجر التي يتعامل معها بعض الزبائن لشراء السيارات أو لصيانة سياراتهم أو لشراء الأجهزة أو المستلزمات الأخرى، فتجد بأن الأسعار التي يدفعها العميل تفوق كل وصف، بل ويأخذون أجور أتعاب حتى لو ألقى نظرة خاطفة على المنتج كي يتعرف على عيوبه وتعول هذه الشركات على انتهاء فترة الضمان وما إلى ذلك حتى لا تتكلف بشيء مجاني ولو بنصف ريال، وأظن بأن جل دعاء رؤساء مثل هذه الشركات ومنسوبيها بأن تنتهي فترة الضمان على العميل قبل حصول أي عطل حتى تسلم الشركة من تحمل تبعات الأعطال المرتبطة بالمال فيكون - كما قيل - "الجمل بما حمل" على ظهر العميل، فالدخول للشركة مرهون بالدفع منذ دخول العميل عبر بوابة الشركة إلى حين خروجه، ويخرج وقد نفض ما في جيبه ليتحسب على الشركة التي تأخذ بعض هذه الأموال من جيب العميل - في المقابل - كي تصنع بها مؤسسات مجتمعية خيرية من جيب العميل "الغلبان" الذي كان أولى بهذا المال أو بتخفيض جزء من الرسوم التي يدفعها بدلا من دفعها للمؤسسات والجمعيات الخيرية التي يبتغي بها بعض رؤساء الشركات الكبرى الأجر والثواب، ظانين بأن الثواب لا يكون في العميل بل في من ليس بعميل للشركة، ناسين بأن الأجر يكون - أحيانا - في سعادة تدخلها لقلب مسلم فكيف بسعادة تدخلها في قلوب عملاء الشركة بتخفيض الرسوم.

ومن الازدواج ما تجده من شخص يدفع في فنجان قهوة ما يقارب الأربعين ريالا بابتسامة تشق وجهه ويغطي ما بقي منها أرجاء المكان، وحينما يتوقف لشراء مسواك من رجل أظناه الفقر وألهبته حرارة الشمس يقوم بمجادلة صاحب السواك على ريال وريالين يريد إنقاصها من أصل خمسة ريالات لمسواك يتجاوز طوله عشرين سم ويكفي لخمسة أفراد ويستمر معك لأسبوع، وإن وضعته في أكياس حفظ الأطعمة بقي معك شهرا، وهو يظن أنها "شطارة" أنه أخذ السواك بسعر زهيد ولا يعلم بأن بائع السواك يعول أسرة من هذه الريالات وأنت تكف يده عن الحرام، فما تدفعه وتتنازل عنه مال حلال وصدقة منك عليه - إن أحسنت نيتك - وهو مبلغ زهيد يا عزيزي مقارنة بفنجان "الاسبريسو" وفنجان "الموكا" الاستعراضي. إنه الازدواج الذي نجده ليل نهار ما بين من ينثر الآلاف على الراقصات والمومسات وبنات الهوى ليثبت الكرم، ويتقاتل مع صاحب "كشك" يبيع الشاي أو البليلة وصاحب بساط بسط عليه بطيخا أو سواكا أو غيرها من الأمور التي لا تعرف خلفية وظروف صاحبها كي تثبت شطارتك بأنك أخذتها بسعر زهيد... أثبت شطارتك مع أصحاب القهوة الراقية والماركات العالمية وفي الأماكن خافتة النور وذات الألوان الجاذبة وليس مع الضعيف المحتاج ومع من لو جلست بجانب بسطته وكشكه ساعة لسجدت لله شكرا على نعمه وفضله.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق سادة وسيادة..!
التالى علامة جال في مراكز الاقتراع في الغبيري وحارة حريك : للارتقاء بمناطقنا نحو الافضل - خليج نيوز