نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الذكاء الاصطناعي الذي "يُبدع" في الإجابات.., اليوم الخميس 29 مايو 2025 04:45 صباحاً
لكن هذا البرنامج؟ غروك 3.5؟ قد لفت انتباهي ولسبب واحد محدد للغاية.
يبدو أن (Grok 3.5) ليس مجرد روبوت دردشة أو معالج بيانات. وفقا لماسك، فهو "أول نموذج ذكاء اصطناعي قادر على إيجاد إجابات غير موجودة على الإنترنت".
دعونا نستكشف ما يحدث بالفعل، ولماذا هو مهم، وما إذا كان هذا هو المستقبل... أم مجرد دورة ضجيج أخرى مدفوعة بمنصة X.
تدرَّب معظم نماذج الذكاء الاصطناعي على أكوام هائلة من البيانات الموجودة. فكِّر في الكتب والمقالات والمواقع الالكترونية ومدخلات ويكيبيديا ومواضيع ريديت، وما إلى ذلك. باختصار، لقد اطلعوا على جميع ما في الإنترنت، وهم بارعون جدا في إعادة صياغة ما هو موجود بالفعل.
لكن ماذا عن "غروك 3.5"؟
يدّعي ماسك أنه قادر على تجاوز ذلك. فبدلا من مجرد إعادة ترتيب المعرفة الموجودة، يمكنه توليد إجابات لا تستند مباشرة إلى بيانات سابقة.
للوهلة الأولى، يبدو هذا من الخيال العلمي. هل هو اختراع للمعرفة؟ اختلاق حقائق؟ التنبؤ بالمستقبل؟ الحقيقة هي أن الأمر أكثر واقعية (وأكثر إثارة للاهتمام أيضا).
ليس الأمر أن Grok 3.5 يخلق الحقيقة من العدم، بل إنه قادر على التوليف والاستنتاج ووضع الفرضيات بما يتجاوز بيانات التدريب، بطريقة أقرب إلى التفكير الأصلي وليس إلى التكرار.
فكر في الأمر كما لو كان عالم ذكي للغاية يقوم بعصف ذهني للتوصل إلى تفسيرات محتملة للغز لم يتم حله... باستثناء أن العالم عبارة عن ذكاء اصطناعي، واللغز هو كل شيء حرفيا.
ولكن هل هذا جيد؟
من ناحية، قد تمثّل هذه القدرة على طرح الفرضيات أو "سد الثغرات" خطوة كبيرة إلى الأمام. تخيّل ذكاء اصطناعيا يساعد الباحثين باقتراح مركّبات دوائية جديدة كليا لم تنشر بعد. أو ذكاء اصطناعيا يقدّم حلولا هندسية مبتكرة لتحديات المناخ. أو حتى ينتج أعمالا فنية أصلية، لا مجرّد نسخ معدّلة من الأساليب التي رآها.
ومن ناحية أخرى... فإنه سيخلق وضعا معقدا يؤدي لعدة مشاكل من الصعب السيطرة عليها. فإذا لم يكن من الممكن تتبع إجابة الذكاء الاصطناعي إلى البيانات الموجودة، فكيف نتحقق من صحتها؟ كيف نثق بها؟ هل نشجع الآلات على اختلاق معلومات ونسميها "ابتكارا"؟
هناك سبب يدفع الناس إلى الاعتقاد بأن هلوسات الذكاء الاصطناعي تشكّل مشكلة. وإذا نجح برنامج "غروك 3.5" كما يدّعي ماسك، فقد يكون الحل الأمثل للجنون.
لم أستطع منع نفسي من التفكير عندما كتبت بعض المقالات عن تزايد ذكاء الذكاء الاصطناعي بوتيرة أسرع في مجالات عدة. لست متأكدا مجددا إن كان هذا أمرا جيدا أم سيئا، تماما كما في تلك المقالات.
إذن... ماذا يوجد خلف الكواليس؟ التفاصيل قليلة (كما هو الحال مع ماسك الكلاسيكي)، ولكن إليكم ما توصلت إليه.
بني Grok على xAI، مشروع الذكاء الاصطناعي الذي أنشأه ماسك، والذي صمم ليكون موازنا لـ OpenAI وGoogle DeepMind. وقد صوّره على أنه "مؤيد للحقيقة" وأقل خضوعا للرقابة، ردا على ما يراه أنظمة ذكاء اصطناعي متحيزة. ولكن يبدو أن Grok 3.5 يهدف على وجه التحديد إلى "الاستدلال" و"الاستنتاج" بدلا من استرجاع الحقائق الخام.
ويتكهن بعض الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي بأنه يستفيد من تقنيات حديثة أكثر عدوانية في هندسة الشبكات العصبية (طريقة تعلم أجهزة الحاسب معالجة البيانات بطريقة مستوحاة من الدماغ البشري)... أو المزيد من التعلم غير الخاضع للإشراف، أو التعلم التعزيزي من ردود الفعل البشرية، أو حتى الرسوم البيانية المعرفية التي تربط الأفكار بطرق جديدة.
شيء واحد واضح: صمم هذا النموذج ليبدو واثقا، واثقا جدا، أما صحة ذلك أو عدم صحته، فهذا أمر آخر تماما.
تخيّل ذكاء اصطناعيا يخبرك بثقة كيف تبني آلة حركة دائمة من دون طاقة خارجية. أو يجادل في علاجات طبية غير موجودة. أو يصوغ نظريات مؤامرة لدرجة تبدو أنها محكمة.
بصراحة، يذكرني هذا بنظرية الإنترنت الميت، وكيف أن جزءا كبيرا من شبكة الإنترنت اليوم مولّد تلقائيا وأن التبادل المفتوح للأفكار على الشبكة العنكبوتية قد مات. فإذا أطلق Grok 3.5، فإنه قد يشكّل طبقة أخرى من المحتوى المصنّع... إلا أنه لن يكون من الممكن تتبعه إلى أي مصدر. وفي عصر تنتشر فيه المعلومات المضللة كالنار في الهشيم، يعدّ هذا أمرا مقلقا، بل وخطيرا للغاية.
قد يبدر إلى الأذهان تساؤل، هل سيحل هذا النموذج محل نماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى؟
ليس تماما. فيبدو أن Grok 3.5 ليس بديلا عن برامج الدردشة الآلية مثل ChatGPT أو Google Gemini، بل هو فرع تجريبي يهدف إلى توسيع آفاق المعرفة.
حتى إن ماسك نفسه ألمح إلى إمكاناته في "إشعال شرارة الابتكار" في الشركات الناشئة ومختبرات الأبحاث في مراحلها المبكرة. ورغم أن هذا يبدو مثيرا للضجة، إلا أنني أستطيع أن أفهم جاذبية الذكاء الاصطناعي الذي لا يكتفي بتلخيص ويكيبيديا، بل يجرؤ على التفسير والحلم.
وختاما، فإن Grok 3.5 هو خطوة أخرى نحو أنظمة الذكاء الاصطناعي التي ليست مجرد مرايا للإنترنت، بل شيء أشبه بـ... مرايا للخيال البشري.
والسؤال الحقيقي ليس ما إذا كنا قادرين على بناء ذكاء اصطناعي "يفكر خارج نطاق الإنترنت". بل ما إذا كنا سنستخدمه بحكمة... أم سنتركه يروي قصصا لا نستطيع فك طلاسمها.
HIJAZMUSLEH@