في حديث فكري عميق خلال بودكاست "مع نور الدين"، المذاع عبر قناة الناس، تناول الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الديار المصرية الأسبق، مفهوم وجود الله وعلاقته بالزمان والمكان، موضحًا أن الله هو الكائن الباقي الوحيد، وهو "واجب الوجود" الذي لا يفنى ولا يحده شيء.
الله خارج نطاق الزمان والمكان
أوضح الدكتور علي جمعة أن الله سبحانه وتعالى لا تحكمه حدود الزمان أو المكان، ولا يتأثر بالأشخاص أو الأحوال، مؤكدًا أن هذه الفكرة ضرورية لفهم طبيعة الوجود، فالكون بكل أبعاده – من زمان ومكان وأحداث وأشخاص – هو أمام الله في لحظة واحدة، ما يجعله علام الغيوب، المطلع على كل شيء.
مفهوم الوجود الإلهي والزمن
وأشار إلى أن الزمن هو خاصية مخلوقة تنطبق على الوجود الإنساني، لكنه لا يشمل الله، فهو خارج حدود الماضي والحاضر والمستقبل، مشيرًا إلى أن مفهوم الغيب لا يمكن إسقاطه على الله، لأن علمه مطلق من البداية إلى النهاية.
هل يمكن استيعاب فكرة عدم خضوع الله للزمن؟
أكد علي جمعة أن الإنسان، بطبيعته، خُلق في إطار الزمان والمكان وبين الأشخاص والأحداث، مما يجعل من الصعب عليه إدراك وجود خارج هذه الأبعاد، لكنه في الوقت ذاته قادر على تصديق هذه الحقيقة دون أن يكون ملزمًا بتصورها بالكامل.
ولتوضيح هذه النقطة، قدم مثالًا بسيطًا:
"إذا طرق أحدهم الباب، فإن العقل يدرك وجود شخص بالخارج، حتى لو لم يتمكن من رؤيته أو معرفة هويته. فالعقل يستطيع التصديق دون الحاجة إلى التصور الكامل."
دور العلم والرياضيات في استيعاب الفكرة
استشهد الدكتور علي جمعة بمثال رياضي لتقريب الفكرة للعقل البشري، مشيرًا إلى تجربة حسابية تتعلق بطي ورقة رقيقة عدة مرات، فإذا تم طيها 48 مرة، فقد يصبح سمكها مساويًا للمسافة بين الأرض والقمر، وهو أمر قد يصعب تخيله لكنه حقيقة رياضية مؤكدة.
الخلود في الآخرة وعلاقته بالزمن
انتقل الدكتور علي جمعة للحديث عن مفهوم الخلود في الآخرة، مشددًا على أن الخلود يعني غياب الزمن، حيث لا تغيير ولا فناء.
وأوضح أن أهل الجنة يحيون في حالة ثابتة من السعادة والنعيم دون أن يصيبهم تحول أو زوال، وذلك لأن الزمن، كما نعرفه، لن يكون له وجود هناك.
بهذا الطرح العميق، قدم الدكتور علي جمعة رؤية فلسفية ودينية تساعد في فهم العلاقة بين الله والكون والزمن، مسلطًا الضوء على جوانب علمية وروحية تسهم في تعميق الوعي الديني والفكري.
