تحل اليوم ذكرى رحيل الكاتب الكبير يسري الجندي، والذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من عام 2022، ويسري الجندي كان عبارة عن موهبة كبيرة تمشي على رجلين، وله إسهامات لا يمكن إنكارها في المسرح والدراما المصرية والتراث الشعبي.
يسري الجندي
ويسري الجندي كاتب مسرحي وسيناريست مصري، بدأ تواجده في الساحة المسرحية ابتداء من أواخر الستينيات بكتابة مسرحية: ما حدث لليهودي التائه مع المسيح المنتظر وتتالت بعدها مسرحيات مهمة حيث توجت اجتهاداته عام 1981 بحصوله على جائزة الدولة التشجيعية في المسرح ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى ثم جائزة الدولة للتفوق عام 2005 للفنون. مثلت أعماله في العديد من الدول العربية كما مثلت أعماله في عدة مهرجانات دولية وعربية. قدمت له اتحادات الفنانين العرب أول افتتاح مسرحي بمسرحية «واقدساه».
بدأ مسيرته الفنية بتقليد نجيب الريحانى..
شخصية ماكبث
رأى الكاتب الراحل يسرى الجندى أن دمياط التى ولد بها وشهدت نشأته الأولى، هى المدينة التاريخية التى وهبته المعرفة، وهو ما عبر عنه فى أكثر من حوار سابق مع «الدستور» بقوله: «محافظة دمياط لها فضل كبير علىّ، فبذور فكرى نبتت هناك، فى ظل تميزها بثقافات غنية وكبيرة استثارت شخصًا مثلى، عن طريق احتكاكها مع حضارات مختلفة، مثل الشوام والإيطاليين واليونانيين وغيرها".
وتذكر يسري الجندي أنه ذهب إلى فريق التمثيل وقت أن كان طالبًا، وكانوا يستعدون لتمثيل الرواية الشهيرة ودرة اعمال شكسبير "ماكبث"، وبهدوء وبقدرة ورهان على موهبته قال لهم: «أريد أن أقدم شخصية (ماكبث)»، فنظر أحدهم إليه وتفحص فيه ثم قال له: «اجلس هنا وسنجد لك دورًا مناسبًا».
كان «الجندى» نحيف الجسد، وهذا ما أغاظه كثيرًا، فراح يبحث عمن يشبهونه، وبالفعل جمع مجموعة من النحفاء، وأَلّفَ أول عمل فى حياته، وقسم أدواره وأخرجه بنفسه، بل كان أحد أبطاله، لينجح فى فرض رؤيته واعتمادها، مع تأثره الكبير وقتها بقدرات نجيب الريحانى، الذي كان يقلده بشكل مميز جدًا.
حلم يسري الجندي
لم ينته حلم يسرى الجندى عند هذا الحد، وكان يؤمن بقدرته على الوصول لما هو أبعد، ومن هنا وبعد أدائه الخدمة العسكرية انفتحت آفاقه، وكوّن فرقة مسرحية فى دمياط أطلق عليها اسم: «جماعة المسرح التجريبى»، قبل وقت طويل من انتشار مصطلح «المسرح التجريبى»، واستند فيها إلى الاطلاع على ثقافة المسرح، وأن يملأ أفقه بكل ما يمكن معرفته عن هذا العالم الفريد.
وبالفعل كتب مسرحية ومَثّلها مع زملاء له فى مدينة «رأس البر» للمصطافين هناك، لكنها لقيت فشلًا ذريعًا، لكن هذا الفشل كان سببًا لاستكمال المسيرة، ودافعًا قويًا لأن يجود من كتابته ورؤيته، صحيح أن التجربة كانت قاسية إلى حد أنه استلقى فى البيت مريضًا، لكنه من جهة أخرى تعلم منها الكثير، واستقر على نوعية الكتابة التى يمكن أن يتجه إليها، فكان قراره بالاتجاه إلى التراث الشعبى.