أكثر ما يُزعجنى فى أداء بعض الممثلين الذين يقومون بأدوار الشر هو المبالغة الشديدة فى الأداء والانفعال، لدرجة أن المشاهد يكره الدور أكثر من الشر نفسه.
بعض الممثلين فاهمين الشر غلط، وإنه كلما ارتفعت نبرة الصوت هيكون شرير جدًا وشبح فى نفسه.. أشاهد أحدهم فى مسلسل رمضانى حالى.. أكاد أجزم إن هيجيله بواسير من كتر ما بيزعق وينتع.
وفضلًا عن الزعيق والصوت العالى، هناك ماسورة الشتائم التى انفجرت من بلاعة لم ينتبه صناع تلك الأعمال أنها تضايق الناس فى الشارع أصلًا.
هى مدارس فى التمثيل، وربما يكون أحدهم شاهد عملًا نجح والبطل كان فيه شرير صوته عالى، فقالك نكررها، وهى أشبه بمطرب كان فى زمن عبدالحليم كان بيشوف إيه اللى بيعمله حليم وينجح ويقلده، وكان يختار النجمات اللائى يظهرن مع حليم ليمثلن معه، وصل الأمر به بعد نجاح فيلم أبى فوق الشجرة الخرافى، وظهرت نكتة إن الجمهور فى السينمات بيعد القبلات اللى فى الفيلم، فقرر صاحبنا إنه يعمل فيلم عدد القبلات اللى فيه أكتر من عدد قبلات فيلم أبى فوق الشجرة، طبعًا الفيلم فشل وصاحبنا أُحبط لكن ما علينا.. نعود إلى موضوع الصورة النمطية للشرير اللى طالع يزعق طول المسلسل، والصداع الذى يتسبب فيه للمشاهدين، فى اعتقادى إن عددًا ليس بالقليل يحتاج إلى أن يجلس مع نفسه ويعترف بإنه فاهم الشر غلط.
الشرير هو بنى آدم بيهزر ويضحك ويفكر ويخطط، دا «البهظ بيه» التى قدمها الفنان الكبير جميل راتب كان دمه خفيف وبيقول إيفيهات، ما زال الناس يحبونها وهو شرير، حتى «المعلم هدهد» التى قدمها الفنان حمدى غيث قدمها بعبقرية وماكانش فيها إيفيهات والناس بتحبها.. وغيرهما من توفيق الدقن، ولوسى ابن طنط فكيهة.. الموضوع ماكانش بالزعيق.
ولكن سبحان الله.. فى الوقت الذى نشاهد أفورة وزعيق على إنهم شر وكده.. نجد أمامنا نموذجين لشخصيتين يتدرسوا.. الأولى التى يقدمها محمود حميدة فى «ولاد الشمس»، يا الله على الأداء والبساطة.. كيف يقدم شخصية «بابا ماجد» صاحب دار الأيتام الذى يستغل الأطفال ويتاجر فى أى شىء ممنوع، بل إنه يقتل أحدهم بالسم ثم يبكى عليه.. لا صوت عالى ولا خناق ولا هيصة ودوشة.. شخصية مليئة بالتفاصيل لو راحت لعمرو سعد كان، أُقسم بالله، هيجيب لنا صَمم من صوته العالى.. لكن محمود حميدة أستاذ.. وما يقدمه هو درس مجانى يتعلم منه الممثلون كيف يقدم شخصية الشرير فى ربع ساعة..
نموذج الشرير الثانى يقدمها دياب فى مسلسل «قلبى ومفتاحه»، دور مهم يقدمه دياب بمَعلمة شديدة وموهبة.. ودياب قدم أعمالًا كثيرة معظمها أدوار شر، لكن مافيش شخصية شبه التانية
الخلاصة
عندنا ناس بتزعق علشان تبان شريرة
وعندنا محمود حميدة ودياب