تيران وصنافير.. أكذوبة جديدة لإثارة الجدل! خليج نيوز

تيران وصنافير.. أكذوبة جديدة لإثارة الجدل! خليج نيوز
تيران وصنافير.. أكذوبة جديدة لإثارة الجدل! خليج نيوز

تعود جزيرتا تيران وصنافير إلى صدارة المشهد في الشرق الأوسط، وسط ما يتحدث عنه البعض، من أن ما تريده الولايات المتحدة وتناقشه مع حلفائها الإقليميين الآن، هو تغيير جذري في منظومة الأمن بالبحر الأحمر، بما يضعها في طليعة القوى المراقبة لهذا الممر البحري، والهدف المُعلن من القاعدة، هو أن يتولى الجيش الأمريكي تأمين قناة السويس!!، ومنع دخول أي سفن (مشبوهة) يُحتمل استخدامها في نقل أسلحة ومعدات عسكرية إلى قطاع غزة أو الأراضي اللبنانية، خصوصًا تلك القادمة من إيران.. وبين قائل بأن المملكة عرضت على الولايات المتحدة إقامة قاعدة عسكرية على الجزيرتين، الواقعتان عند مدخل خليج العقبة، وآخر يقول بأن ذلك رغبة من الرئيس الأمريكي، دونال ترامب، وذلك عبر موقع إخباري، لا يُعرف من منشؤه ولا ممولوه، ولا من يديروه، ولا لمصلحة من؟!!.. فإن مصر ما زالت تقاوم الضغوط المتزايدة من الولايات المتحدة وبعض حلفائها، للاستجابة لمطالب قد تتسبب في المزيد من التهميش لمكانتها بالمنطقة، وتهديد أمنها القومي، وتعطيل مصالحها الاقتصادية.. وقد زايد البعض بالقول، أن يكون المقترح بشأن تيران وصنافير، على جدول أعمال زيارة ترامب المرتقبة إلى السعودية منتصف مايو الحالي!!، مع أن هذا الذي يُقال، لم يكن يومًا طلبًا سعوديًا، ولا طرحًا أمريكيًا، بل إنه واحدة من وسائل إثارة اللغط داخل المجتمع المصري، في ظروف حرجة، تمر بها العلاقات المصرية ـ الأمريكية.

وبداية، لابد من التأكيد على أن الخوض في الحديث عن العلاقات المصرية السعودية، يكون كمن يمشي على الأشواك.. ذلك لأن العلاقات الأخوية التي تربط بين البلدين الشقيقين، وتمتد جذورها إلى عهد الملك المؤسس، عبد العزيز آل سعود، تتطلب الحرص في التناول، لكثرة ما يكون بين الأخبار المنشورة من فخاخ، تهدف إلى الإساءة لما بين البلدين من صلات.. لكن، ذلك لا يمنع من الإشارة إلى وجود العديد من المخاوف لدى القاهرة، إذا كان من المحتمل وجود عسكري أمريكي في الجوار.

أولًا: تخشى القاهرة أن يؤدي تعزيز الوجود العسكري والأمني الأمريكي في المنطقة، إلى التأثير على الاستثمارات الأجنبية في خليج السويس، لا سيما تلك التي مُنحت لشركات صينية وروسية، وهو ما قد يعرقل هذه الاستثمارات التي تُعوّل عليها مصر لتسريع وتيرة التنمية الاقتصادية في محور قناة السويس، فضلًا عن انعكاسها السلبي على علاقاتها مع بكين وموسكو، بالنظر إلى حجم استثمارات البلدين في مصر خلال العقد الأخير، ومصالحهما الاستراتيجية وعلاقاتهما بأطراف فاعلة في اليمن والسودان ومنطقة القرن الإفريقي.

ثانيًا: تخشى مصر أن تؤدي هذه الخطوة إلى تقويض الترتيبات الأمنية القائمة في سيناء، والتي سمحت بموجبها إسرائيل للقاهرة بزيادة عدد القوات المصرية وبناء نقاط أمنية جديدة، في إطار حربها ضد تنظيم ولاية سيناء التابع لداعش.. وتسعى إسرائيل حاليًا إلى تقليص هذه الترتيبات.. وثالثًا: من شأن إقامة قاعدة أمريكية على الجزيرتين، أن تكون له تداعيات سلبية على الدور الإقليمي لمصر، وعلى علاقاتها مع القوى الغربية، التي لا تزال تعتبر مصر ذات مكانة مهمة في ضوء اتفاقية السلام الموقعة مع إسرائيل.

وفي السياق ذاته، فإن وزير الخارجية، بدر عبد العاطي، ناقش خلال زيارته الأخيرة إلى السعودية، مع المسئولين في المملكة مسألة تفعيل (منتدى البحر الأحمر) المؤجل، قبل زيارة ترامب، حيث أعد الجانبان سلسلة من الاتفاقيات الأمنية المتعلقة بالبحر الأحمر، يرغبان في توقيعها خلال الاجتماعات.. وأحد الأهداف الأساسية لهذه الاتفاقيات، هو حصول السعودية على حماية أمريكية في حال تعرضها لأي هجوم، من خلال اتفاقية دفاع مشترك مع واشنطن.

●●●

كانت مصر قد وافقت في 2016، على نقل السيادة على الجزيرتين إلى السعودية، في خطوة رأت فيها القاهرة فرصة لتعزيز العلاقات الثنائية وجذب الاستثمارات السعودية، لكنها أثارت موجة احتجاجات داخل البلاد ومعركة قانونية طويلة.. ورغم مصادقة البرلمان رسميًا على الاتفاقية وتوقيع الرئيس عليها، فإن عملية نقل السيادة لم تُستكمل، مما أدى إلى فتور في الدعم السعودي، بعدما كان أكثر سخاءً فيما مضى.. وفي عام 2023، لم تكن القاهرة قد توصلت بعد إلى اتفاق مع الرياض وتل أبيب بشأن مضمون الرسائل الرسمية المتبادلة، التي يُفترض أن تُستكمل بها عملية نقل السيادة بشكل نهائي، باعتبار أن معاهدة كامب ديفيد تتناول الجزيرتين، وتدخل الجزيرتان في نطاق المنطقة (ج) باتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1979.. كما أن تفاصيل الترتيبات الأمنية التي يجب أن تسبق صياغة هذه الرسائل لا تزال محل خلاف.. وقد زعم البعض أن الخلاف بين مصر والسعودية بشأن تيران وصنافير، يتعلق بكاميرات المراقبة التي تريد السعودية وضعها على الجزيرتين بالتنسيق مع إسرائيل، حيث تُظهر بيانات الأمن القومي المصري، أن مدى تغطية هذه الكاميرات يتجاوز النطاق الذي تسمح به مصر، ويكشف كامل شبه جزيرة سيناء.

وقوبلت هذه المزاعم باستنكار شديد، وتذكير البعض بأن الجزيرتين ما زالتا فعليا تحت الإدارة المصرية، كما أن هذه التقارير تأتي في إطار حملة ضغط تمارسها واشنطن على مصر، بدأت بطلب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامبن استقبال فلسطينيين من قطاع غزة في سيناء، ثم السماح للسفن الأمريكية بالمرور عبر قناة السويس مجانًا، بالإضافة إلى طلبه مشاركة مصر في حملته ضد الحوثيين باليمن، وهو ما قوبل بالرفض من الرئيس عبد الفتاح السيسي.

ووفقًا لتقرير حكومي مصري عام 2017، فإن (الجانب السعودي تفهم ضرورة بقاء الإدارة المصرية لحماية الجزر وحماية مدخل خليج العقبة، وأقر في الاتفاقية ببقاء الدور المصري، إيمانًا بدور مصر الحيوي في تأمين الملاحة بالمنطقة)، وأوضح أن (الاتفاقية تنهى فقط الجزء الخاص بالسيادة، ولا تنهى مبررات وضرورات حماية مصر لهذه المنطقة، لدواعي الأمن القومي المصري السعودي في الوقت نفسه).

كل ما بين الرياض وواشنطن، كما ذكرته صحيفة (وول ستريت جورنال)، في شهر يونيو من العام الماضي، نقلًا عن مسئولين أمريكيين وسعوديين، أن إدارة الرئيس الأمريكي ـ السابق ـ جو بايدن، كان على وشك وضع اللمسات النهائية على معاهدة مع السعودية، تلتزم واشنطن بموجبها بالمساعدة في الدفاع عن المملكة، في إطار صفقة تهدف إلى دفع العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وإسرائيل، ولكن جاءت الحرب في غزة، لتجعل الاتفاق المحتمل، محل مراسلات على نطاق واسع بين مسئولين أمريكيين آخرين، ضمن حزمة أوسع تتضمن إبرام اتفاق نووي مدني بين واشنطن والرياض، واتخاذ خطوات نحو إقامة دولة فلسطينية، وإنهاء الحرب في غزة، حيث فشلت جهود وقف إطلاق النار المستمرة منذ أشهر في إحلال السلام.

وتتطلب الموافقة على هذه المعاهدة، التي قالت (وول ستريت جورنال)، إنها ستحمل اسم (اتفاقية التحالف الاستراتيجي)، تصويت أغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ الأمريكي لصالحها، وهو أمر سيكون من الصعب تحقيقه، ما لم ينص الاتفاق على تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة، بينما ترفض الرياض حدوث هذه العلاقة، مادام الفسطينيون لم يحصلوا على حق إنشاء دولتهم.. ونقلت الصحيفة عن مسئولين أمريكيين وسعوديين، قولهم، إن مسودة المعاهدة صيغت بشكل فضفاض على غرار الاتفاقية الأمنية المشتركة بين الولايات المتحدة واليابان.

وتنص مسودة المعاهدة، على منح واشنطن إمكانية استخدام الأراضي السعودية والمجال الجوي للمملكة، من أجل حماية المصالح الأمريكية وشركائها في المنطقة، مقابل التزام الولايات المتحدة بالمساعدة في الدفاع عن السعودية في حالة تعرضها لهجوم.. وتهدف أيضًا إلى توثيق الروابط بين الرياض وواشنطن، من خلال منع الصين من بناء قواعد في المملكة، أو مواصلة بكين التعاون الأمني مع الرياض.

●●●

نعم.. أمريكا تحاول الضغط على الجانب المصري، والذي بدأته بتخفيض المساعدات العسكريةالسنوية البالغ قيمتها 1.3 مليار دولار، إثر الخلافات حول تهجير مواطني غزة إلى سيناء، ثم ما أسفرت عنه القمة العربية التي استضافتها القاهرة، وقادت خلالها عملية الرفض القاطع لكل التوجهات التي تؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية، وهو ما لم يعجب واشنطن.. ترامب يقود ملف تهجير أهالي غزة بدعم أمريكي واسع لإسرائيل، للضغط بكل الطرق لتغيير الموقف الحالي لمصر.. وما التطورات الأخيرة في المنطقة والتي يسعى فيها ترامب للتهدئة، سواء في سوريا من خلال تركيا أو في السودان من خلال المملكة السعودية، وقبل ذلك في لبنان من خلال عواصم عديدة إقليمية ودولية، عبر تحولات وتحالفات جديدة، تجعل من إسرائيل هي القوة الوحيدة التي من حقهاالتصعيد، في حين تلتزم باقي القوى الأخرى بالصمت، وكذلك، فإن التقارب الإيراني ـ السعودي ـ الأمريكي، ربما يهدف إلى تهدئة المواقف بشأن القضية الفلسطينية، عبر إيجاد مصالح جديدة للأطراف المتنازعة بالمنطقة.

ودائمًا ما يردد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بشكل شبه يومي جملة (تغيير وجه المنطقة، أو تغيير خريطة الشرق الأوسط).. وهنا، فإن الأمر لا يتعلق أبدًا بقطاع غزة، أو حتى الضفة الغربية، أو استمرار الوجود في الجنوب اللبناني، خرقًا لاتفاق وقف القتال، أو احتلال جبل الشيخ في سوريا، خرقًا لاتفاقيةفك الاشتباك الموقعة عام 1974، أو حتى ضم شرق القدس بفلسطين وهضبة الجولان بسوريا، بالمخالفة لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، أو إقامة مزيد من المستعمرات، وجرائم الاغتيال بالداخل والخارج الفلسطيني، لأننا أمام ممارسات يومية صهيونية اعتادتها المنطقة على مدى ستة وسبعين عامًا، وكان لابد من تواجد الشريك الأكبر لإسرائيل، ترامب، ليحمي ذلك الجنون والخرق، بتواجد أكبر في مكان أكثر ثقلًا في المنطقة، وفي قلب أقوى القوى التي من الممكن أن تهدد إسرائيل في المستقبل.. هذا ما يتصوره البعض ويروج له!.

لكن، لا يمكن لذلك أن يمر أبدًا إلا من خلال الضغط مصر، رغم الموقف الرسمي المصري (الغضوب بحكمة)، طوال شهور الإبادة في القطاع.. فلم تحاول القاهرة الصدام، من خلال فتح معبر رفح بالقوة، بهدف إدخال المواد الغذائية والطبية للأشقاء الفلسطينيين، بل تحايلت على ذلك بالاتفاق في كثير من الأوقات.. كما لم تُستفز نحو مواجهة مع إسرائيل على احتلال معبر فيلادلفيا الموازي للحدود، ولم تحاول الانجرار لدعاوى التصدي للعدوان الإسرائيلي، رغم الموقف الرسمي لتل أبيب، سياسيًا وعسكريًا، تجاه مصر، والذي أصبح معلنًا، نقلًا عن صحيفة (إسرائيل هيوم) العبرية، التي ذكرت، أن تل أبيب توجهت إلى كل من مصر والولايات المتحدة، بطلب إزالة بنى تحتية عسكرية، قالت إن الجيش المصري أقامها في سيناء، معتبرة أنها تُشكل (خرقًا كبيرًا) للملحق الأمني بالاتفاقية، وأن وجود قوات عسكرية زائدة يمكن التغاضي عنه، إلا أن إقامة بنى تحتية عسكرية ثابتة،يعتبر تصعيدًا كبيرًا، في الوقت الذي نقلت فيه الصحيفة عن مسئول أمني كبير، أن إسرائيل لن تتساهل مع الوضع الحالي، وأن الموضوع على رأس أولويات وزير الدفاع، يسرائيل كاتس،وأنه لن يتم القبول بتغيير الترتيبات الأمنية على الحدود من طرف واحد.

وتُحمّل التصريحات الإسرائيلية، خصوصًا من الوزراء المتطرفين في الحكومة، أمثال إيتمار بن جفير وبتسلئيل سموتريتش، مصرالمسئولية عن عملية طوفان الأقصى، بزعم أن إمدادات المقاومة الفلسطينية بالذخيرة، يمر عبر مصر، وتصريحات أخرى تحذر من عمليات التسليح المصرية المتنوعة في السنوات الأخيرة، وهو ما دعا خبراء واستراتيجيون إلأى المطالبة بإعداد خطة استباقية، سياسية وعسكرية، لـ (ردع مصر)، لذلك فقد رأي بعض الواهمين أن تكون بناء قاعدة أمريكية بتيران وصنافير، هي الخطة التي تحدث عنها الصهاينة.

ويكفينا عنا، ما قاله الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء دكتور سمير فرج، تعليقًا على التقارير الصحفية المنتشرة بشأن عرض السعودية على الولايات المتحدة الأمريكية إقامة قاعدة عسكرية في جزيرتي تيران وصنافير، وهو الخبير بالكثير من خفايا السياسة المصرية، (إن الترويح لهذا الموضوع، يهدف لإحداث فتنة بين الشعبين المصري والسعودي.. اختار مروجو الأكاذيب، موضوعًا يدغدغ مشاعر المصريين).. لكن، (مصر ما زالت موجودة ومسيطرة على جزيرتي تيران وصنافير منذ عدة عقود، نحو ثمانين عامًا.. والسعودية لم تطلب من مصر تركيب كاميرات ولا أي حاجة.. ولم تفكر الولايات المتحدة الأمريكية في إنشاء قاعدة عسكرية على جزيرتي تيران وصنافير.. لا صحة إطلاقًا لإنشاء القاعدة العسكرية على الجزيرتين.. الكلام مش موجود من الأساس، وهو مرفوض طبعًا، وهذا الكلام يهدف للتشكيك في قدرة مصر، والوقيعة بينها وبين السعودية).. خلص الكلام!!.. جفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق كيف استغل الإخوان الفوضى بين 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013؟ خليج نيوز
التالى " كيميترون 360" طلاب إعلام سيناء يطلقون حملة لدعم المنتجات المعمرة المحلية من إنتاج مصانع "الإنتاج الحربي 360" خليج نيوز