فى أزمة الإيجارات القديمة - خليج نيوز

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

  لماذا شيد أبى عمارته فى خمسينيات القرن الماضى؟

كان هذا منهج تجار هذه الحقبة، إذ لم تكن منظومة التأمينات والمعاشات ومظلتها تمتد إليهم، فكان ريع العمارة هو البديل، كدخل إضافى يحسن معيشتهم، ثم كمعاش لهم فيما بعد، أو لأولادهم حال رحيل الآباء المبكر. فكانت الثروة العقارية ضمانة اجتماعية لطرفيها، قبل أن تكون مشروعات استثمارية.

  وبطبيعة الحال كانت القيمة الإيجارية متسقة مع دخول وتكاليف معيشة زمانها، حتى جاءت قرارات تخفيض الإيجارات (المتعسفة)، وهى قرارات إذعان، والمتتالية لثلاث مرات لتصل فى مجموعها إلى ٥٥٪ من قيمتها، وتردد حينها أن الدولة بصدد الاتجاه إلى مزيد من التخفيضات حتى تنتهى إلى تمليك الوحدات السكنية لساكنيها! ولم يكتمل أو يتحقق هذا التوجه بسبب كارثة ٥ يونيو ١٩٦٧ التى أربكت وقلبت مصر واقتصادها رأسًا على عقب.

  كان من نتيجة هذا أن أحجم التجار والقادرون على البناء عن الاستثمار فى المجال العقارى، ولكن الزيادة السكانية لم تتوقف، فاختل التوازن بين العرض والطلب، لتشهد الأزمة ظاهرة (خلو الرجِل) كحل يلتف حول الإيجارىات الهزيلة، واتجاه الدولة إلى بناء المساكن الشعبية التى تفتقر للمعايير الصحية، وتُجَرّم خلو الرِّجل، ونشهد موجة من تعقب أصحاب العقارات ومهزلة التنكيل بهم.

  ثم وفى ظل تحول السياسات الاقتصادية التى صحبت مجئ الرئيس السادات تقتحمنا ظاهرتين، نظام تمليك الوحدات السكنية ونظام الإيجار الجديد، ومعهما الإيجار المفروش، وثلاثتهم يخضعون لقوانين السوق ويواكبون حالة التضخم التى لا تتوقف.

  ولم تلتفت الحكومات المتعاقبة حتى الأمس القريب إلى حال الإيجارات القديمة المتهافتة والمؤبدة.

  وعندما تنبهت الحكومة الحالية للأزمة، بادرت بتقديم مشروع قانون للإيجارات القديمة للبرلمان لسنه وتشريعة توطئة لاصداره، وهو كما تبدى مما نشر عنه، يأتى متسرعًا ومحملًا بنتائج كارثية قد تقوض السلام الاجتماعى فى لحظة قلقة تشهد تربصًا بالدولة، وتأتى مواكبة لاتجاهها بتصعيد وتفعيل توجه البحث عن موارد جديدة للضرائب، بما فيها الضرائب العقارية. باعتبارها من الموارد السيادية فى الموازنة العامة.

 وهو الأمر الذى يستوجب طرح مشروع القانون لمناقشة مجتمعية، جادة، تضم خبراء قانونيين واقتصاديين وسياسيين، وممثلين للسلطات الثلاث القضائية والتنفيذية والبرلمانية، والأطراف المُخَاطَبة بمشروع القانون، عبر آليات المجتمع المدنى والإعلام والأحزاب، إضافة إلى عقد البرلمان لجلسات استماع موسعة وغير معلبة، للوصول إلى صياغات تفكك أزمة أصحاب العقارات والسكان والدولة، وتحمى الشارع من مساعى تفخيخه، وتدعم السلام الاجتماعى وتفوت الفرصة على المتربصين بالوطن.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق مقتل 12 وإصابة 55 في الهجوم الهندي على باكستان.. وجوتيريش يعرب عن قلقه البالغ من العمليات العسكرية - خليج نيوز
التالى والد الطفل ياسين: شوفت العذاب.. وفضلت آخد حق ابنى بالقانون خليج نيوز