محمود عبدالباسط
محمود عبد الباسط
يعد دراسة وتعلم الطيران من أنماط الدراسة الفريدة التي تستهوي شريحة كبيرة لدى الباحثين عن التميز الوظيفي سواء من ناحية الدخل المادي باعتبار أن أجر الطيارين من أعلى الأجور الوظيفية.. أو من ناحية المكانة الاجتماعية باعتبارها مهنة تحظى بالتقدير والإعجاب.
ومن المعلوم أن تعلم الطيران من الأمور المكلفة والتي أيضا تتطلب مؤهلات شخصية خاصة لكي يحصل صاحبها على رخصة معتمدة تؤهله للاتحاق بإحدى الشركات الكبيرة وقيادة مختلف الطرازات من الطائرات، والتي يتطلب بالطبع كل منها اعتمادا خاصا يختلف عن غيره من الطرازات.
وكغيره من مجالات سوق العمل فإن الحصول على فرصة للعمل كطيار يعتمد ذلك على الفرص المتاحة وحجم الطلب المحلي والعالمي.. والسؤال هنا هل سوق العمل العالمي بالنسبة للطلب على الطيارين خلال السنوات القادمة واعد أم العكس؟
والإجابة على السؤال تتطلب إلقاء نظرة على مؤشرات سوق السفر والسياحة العالمي خلال السنوات القادمة والذي يوحي حسب مؤشرات الاتحاد الدولي للنقل الجوي أياتا بأن هناك نموا متوقعا في المستقبل. حيث من المتوقع أن يسافر مايقرب من 5 مليار و 200 مليون شخص حول العالم جوا في عام 2025، بنسبة نمو حوالي 6.7% عن عام 2024. ومن المتوقع أن تحقق صناعة النقل الجوي إيرادات تبلغ مايزيد عن تريلون دولار بصافي ربح تشغيلي يصل إلى 67 مليار دولار. يصل نصيب ارباح شركات الطيران منها إلى 36.6 مليار.
كما أشار تقرير منظمة الأياتا أن نمو صناعة الطيران المدني في 2025 لن يتوقف على نمو حركة المسافرين فقط بل سيمتد لنمو حركة الشحن الجوي ونقل البضائع جوا.
وبالنظر للسوق العالمي للطيران من خلال هذه المؤشرات نريد أن نلقي الضوء على كيف يمكننا الاستفادة من هذه الفرص المتاحة محليا في مصر ليس فقط على مستوى جذب عدد أكبر من السائحين والوصول لمستهدف 30 مليون سائح ومن ثم جذب حركة جوية أعلى لمطاراتنا وشركتنا الوطنية مصر للطيران - وهو محور تتحرك فيه الدولة المصرية ككل بشكل جاد ممثلة في وزارة الطيران المدني والسياحة بشكل أساسي- ولكن أيضا في التحرك لاقتناص حصة عالمية من سوق تعليم ودراسة الطيران والذي بالطبع سيزبد بزيادة نمو سوق السفر العالمي وتوسع شركات الطيران في خطوطها الجوية وزيادة أسطول طائراتها، خاصة وأن المؤشرات العالمية والإقليمية تبرهن على ذلك بقيام دول بالمنطقة العربية بتأسيس شركات طيران جديدة والتعاقد على تصنيع عشرات الطائرات. كما أنه محليا هناك تحرك في ذات المسار بتعاقد مصر للطيران على طائرات جديدة لزيادة الأسطول لمواكبة السوق العالمي ومستهدف عدد السائحين. وأيضا تحرك موازي في زيادة الطاقة الاستيعابية للمطارات المصرية والتي وصلت الآن لما يزيد عن 66 مليون راكب بزيادة السعة للمطارات الحيوية خلال العشر سنوات الماضية مثل مطارات الغردقة وشرم الشيخ أو عبر تدشين مطارات جديدة كليا ومنها أربعة مطارات هى سفنكس والعاصمة وبرنيس والبردويل.
ولكن مع كل هذا الزخم العالمي والمحلي يظل عائد نشاط تعليم الطيران في مصر متواضعا مقارنة بالمقومات الهائلة التي تتمتع بها مصر والتي تؤهلها للمنافسة في سوق تعليم الطيران ومن أبرز وأهم تلك المقومات هى الموقع الجغرافي المتميز والمناخ المعتدل معظم أيام السنة والملائم للتدريب. كما أن مصر تمتلك عدد لابأس به من المطارات وهو 23 مطارا دوليا ومحليا يمكن استغلال بعضها كمطارات للتدريب جنبا إلى جنب مع الحركة الملاحية. وتتمتع أيضا مصر بسمعة طياريها عالميا من حيث الكفاءة مما يجعلها ميزة ترويجية لاستقطاب طلاب تعليم الطيران عالميا للتدريب على أيدي الطيارين المصريين. ولعل من أهم المقومات هو الاستقرار الأمني للأجواء المصرية بالمنطقة حيث يعد المجال الجوي المصري من الأجواء الجاذبة للحركة الجوية رغم الظروف الجيوسياسية المحيطة.
ولا أرى أن هناك مقومات خارقة في الدول التي تحتل سوق تعليم الطيران مثل كندا أو أمريكا أو الفلبين وماليزيا واليونان وجنوب إفريقيا وغيرها، ولكن فقط علينا تحسين الظروف المواتية لاستقطاب الأكاديميات العالمية لتتخذ من مصر مركزا لها مع تطوير كفاءة الأكاديمية المصرية لعلوم الطيران للمنافسة بقوة في هذا المجال.
0 تعليق