عمر مرموش.. الحل الذى يبحث عنه جوارديولا فى «السيتى» خليج نيوز

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

«يجب علينا أن نتحرك.. نتحرك، وأن نخلق التفوق باستمرار.. سنفتح الملعب وسنبحث عن الأجنحة، ومن ثم ستكون هناك مساحة فى العمق».

بتلك الكلمات عبّر بيب جوارديولا، المدير الفنى لفريق مانشستر سيتى الإنجليزى، عن أفكاره المتعلقة باستخدام لاعبى الجناحين، لتحقيق الاستفادة القصوى من المساحات الأفقية والرأسية فى الملعب خلال بناء الهجمات.

ولهذا السبب، أولى «بيب» اهتمامًا كبيرًا لأهمية الأجنحة المنضبطة والديناميكية طوال مسيرته التدريبية فى إسبانيا وألمانيا، والآن فى إنجلترا مع مانشستر سيتى، وعمد لاستخدام جناحيه لتمديد الفريق المنافس عموديًا وأفقيًا، ما يضمن لفريقه توسيع المساحات فى الملعب، ما يصعّب عملية ضغط الفرق المنافسة، ويخلق مساحة فى وسط ملعب الخصم، يمكن لمنتصف ملعبه من خلالها تمرير الكرة بأمان إلى الأمام.

ورغم أن المبادئ ظلت كما هى، فإن جوارديولا طوّر أسلوبه وتكتيكه وتكيّف على المنافسات المختلفة، وغيّر أفكاره بشأن نوع الأجنحة التى يريدها فى فريقه، خاصة فى الثلث الأخير من الملعب.

وانتقل تطور أفكار بيب جوارديولا الهجومية إلى مركز الجناح بالتبعية، فأصبحت الأدوار المركبة لزامًا على لاعبى هذا المركز، لينتقلوا من الالتزام فقط بالمراوغة والانطلاق على خطى الملعب إلى الاختراقات فى العمق والتسديد على المرمى، باستغلال أنصاف المساحات، أو الدخول إلى العمق فى حالة الاستحواذ على الكرة، لتأدية أدوار صناعة اللعب، وكذلك الدخول إلى عمق منطقة الجزاء لاستغلال المساحات العكسية، وكذلك خلق الزيادة العددية فى منطقة الخصم.

ومع اقتراب خطوة عمر مرموش الأولى على ملعب الاتحاد، يجدر تسليط الضوء، فى السطور التالية، على الطرق التى سيحاول من خلالها بيب جوارديولا، المدير الفنى لمانشستر سيتى، الاستفادة من نجم الفراعنة، ومدى قدرة النجم المصرى على إكمال القطعة الناقصة فى أحجية «بيب»؟

على الرغم من إنجازات مانشستر سيتى خلال السنوات الماضية، فإن مركز الجناح كان دائمًا الأزمة التى تواجه بيب جوارديولا، منذ رحيم ستيرلينج وليروى سانى، مرورًا برياض محرز وبيرناردو سيلفا وتصعيد فيليب فودين، حتى جاك جريليتش وجيريمى دوكو، وأخيرًا سافينيو، فبرغم كل تلك الأسماء لم يجد بيب ضالته فى مركز الجناح إلى الآن.

بعد خماسية السيتى فى برايتون عام ٢٠٢٠، أشاد بيب جوارديولا بجناحه آنذاك رحيم ستيرلينج، الذى سجل هاتريك بالمباراة، قائلًا: «لدينا أجنحة تسجل الأهداف، هذا شىء مهم جدًا».

وكانت تلك التصريحات جزءًا من محاولات جوارديولا المستميتة لتعزيز ثقة رحيم ستيرلينج بنفسه وتثبيت مستواه، ومواصلة الاعتماد عليه كأحد الحلول الرئيسية للتسجيل، مثلما كان تيرى هنرى فى برشلونة، وأرين روبن وفرانك ريبيرى فى بايرن ميونخ، وكما بات فيل فودين فى الفترة التى تلت رحيل ستيرلينج، حتى انخفاض مستواه مطلع الموسم الجارى، الذى كان أحد الأسباب الأساسية فى هبوط مستوى الفريق، لكون الإنجليزى الشاب أحد أهم الحلول الهجومية للسيتيزنز سواء فى التسجيل أو الصناعة.

لكن.. ماذا عن مرموش؟، اعتاد عمر مرموش فى بداية مسيرته اللعب مهاجمًا صريحًا، ولكن مرونته التكتيكية جرّأت المدربين على استخدامه فى مركز الجناح، خاصة أنه يجيد اللعب المباشر على المرمى واستغلال المساحات بين دفاعات الخصم، وهذا ما يزيد من خطورته فى وقت الانتقال من الدفاع للهجوم، ويجعله أحد الحلول المميزة فى الهجوم المرتد، لإجادته التسارع فى المساحات القصيرة أو الطويلة.

كذلك، فمن أهم مميزات عمر مرموش التكتيكية اللعب المباشر على الخصم، الذى يمكن اختصاره فى كلمتى «التقدم والمواجهة»، فبمجرد امتلاكه الكرة يتحرك مرموش لوسط ملعب الخصم، ويبدأ فى عملية الضغط بثقة والتقدم والمراوغة بسرعة واستباق المدافعين فى التفكير للبحث عن مساحات للتمرير داخل المنطقة أو التسديد على المرمى.

وداخل منطقة الجزاء، يملك مرموش موهبة استغلال المساحات، وبوجوده فى «البوندسليجا» استطاع تطوير أدائه ليصل لمرحلة مميزة فى التمويه وخلق مساحة خالية من المراقبة داخل منطقة جزاء الخصم، إذ يستخدم رشاقته لإيجاد خط خالٍ من مراقبة المدافعين ليصبح مواجهًا للمرمى وبحرية كاملة للتحرك.

وفى مباراة يونيون برلين هذا الموسم، اخترق مرموش المنطقة فى مرتدة لفريقه من الجناح الأيمن، وأثناء وجوده فى العمق أوهم مدافع الخصم بأنه سيتحرك على القائم القريب «الأيسر للحارس»، ليتأكد المدافع من أن مرموش سيذهب لمقابلة الكرة، قبل أن يستغل النجم المصرى رشاقته ليعكس اتجاهه نحو القائم الأبعد، ويسجل الكرة بسهولة.

وبهذا، يمكن لبيب جوارديولا استخدام مرموش فى تفكيك تكتلات الخصوم، خاصة فى الفرق التى تدافع بأسلوب غلق المساحات مثل برينتفورد أو إيفرتون، كما أن وجوده فى الفريق سيزيد من احتمالية تحويل الفرص المهدرة إلى أهداف، فى ظل تراجع مستوى إرلينج هالاند.

وبالإضافة إلى أدواره الهجومية فى إنهاء الفرص والتحول المرتد السريع، تتنوع أدوار عمر مرموش فى عملية التسليم والتسلم بالقرب من منطقة الجزاء، لاستكمال عملية الانتقال الهجومى وإحداث مساحة فارغة بالدفاع ينطلق من خلالها أحد الجناحين أو المهاجم الثانى.

استخدام مرموش المحتمل كمهاجم ثانٍ، بجوار هالاند، سيفيد مانشستر سيتى فى تحرير إرلينج هالاند من أدوار النزول إلى وسط الملعب لاستلام الكرة ثم تحريك الفريق إلى الأداء الهجومى، ما يسمح بتثبيت هالاند فى منطقة جزاء الخصم، واستغلال إجادته التحرك دون كرة فى عمق المنطقة للاقتراب من المرمى وزيادة فرصة تسجيله الأهداف.

وبالمثل، فإن اختيار مرموش فى عمق الملعب قد يكون الأكثر فاعلية، فبالنظر إلى أهدافه، نجد أن ١٥ هدفًا من أصل ١٨ سجلها من تحركاته داخل منطقة الجزاء، أى بنسبة ٨٣٪ من أهدافه.

وبالإضافة إلى ذلك، سيكون وجود عمر مرموش فى عمق ملعب السيتى اختيارًا مفيدًا لتنويع الحلول الهجومية للفريق، مع استغلال رشاقة وذكاء تحركاته لتخفيف ضغط المدافعين على هالاند، وزيادة التفوق العددى للسيتى فى عمق الهجوم، إلى جانب امتلاك مرموش ميزة اللعب فى مركز الجناح.

ومع كل هذا، تقدم قدرات مرموش لجوارديولا خيارًا آخر، وهو اللعب على تحويله من الجناح إلى مركز المهاجم فى حالة امتلاك الفريق الكرة، عبر استغلال أنصاف المساحات بين خطى وسط ودفاع الخصم، وبين مدافعى الخصم أنفسهم، وقبلها خلق مساحة خاوية للاعب الوسط للانطلاق على الجناح وزيادة عناصر الضغط والخطورة على المرمى.

وإذا أراد بيب جوارديولا الدفع بـ«مرموش» فى مركز الجناح الأيسر، فى ظل تراجع مستوى الأجنحة، فسيكون لديه الحل الأمثل لهذا المركز، خاصة على مستوى المراوغة الفردية، لأن مرموش فى الموسم الماضى بـ«البوندسليجا» كان سابع أكثر اللاعبين تحقيقًا للمراوغات الناجحة بالبطولة.

بالتأكيد لا يمكن اعتبار عمر مرموش جناحًا تقليديًا، فعلى الرغم من التزامه بالمركز تكتيكيًا، فإنه يفضل دائمًا الدخول إلى عمق الملعب، خاصة فى الهجمات المرتدة، كجزء من تكتيك فريقه لسحب الخصوم إلى جهة معينة، مع لعبه بشكل عكسى وانطلاقه فى المساحة الفارغة.

وأيضًا، يملك مرموش القدرة على اللعب فى المساحات الواسعة واستغلال مهاراته الفردية فى مواجهة المدافعين، ومرونة جسده ورشاقته فى تغيير اتجاهه، ووضع نفسه فى مساحة تتيح له الانطلاق نحو المرمى.

وأحيانًا، يبالغ مرموش فى استخدام رشاقة جسده والتحرك يمينًا ويسارًا أكثر من مرة قبل الانطلاق مباشرة بالكرة، واستغلال عدم توازن المدافعين الناتج عن كثرة تحركاته لإتاحة مساحة يمكنه استغلالها، وتكمن أهم مراحل خطورته فى الدخول إلى عمق الملعب، كما أنه يجيد استغلال اللحظات التى يكون خلالها دفاع الخصم غير منظم، وهى ميزة قيمة استفاد منها آينتراخت فى المباريات التى اضطر خلالها لتحمل الضغط واستغلال الهجوم المرتد.

أما فى حالة افتقاد فريقه الكرة، فإن مرموش يصبح واحدًا من الحلول المهمة لاستعادتها، باستخدام سرعته فى الضغط على المدافعين، وتقليل فرصتهم فى اتخاذ قراراتهم وإجبارهم على اتخاذ قرار صعب أو تصعيب استحواذه للكرة. وكل تلك المميزات تجعل عمر مرموش اللاعب الذى يفتقده بيب جوارديولا فى الوقت الحالى، سواء على الجانب التهديفى، لأنه هداف «البوندسليجا» حاليًا- مناصفة مع هارى كين- بجانب إجادته صناعة الأهداف، وكذلك على مستوى التنقلات التكتيكية بين مركزى الهجوم الصريح والجناح، وأيضًا على مستوى تقديم أدوار صناعة اللعب وزيادة الاستحواذ على الكرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق