فجأة ظهر الحوثيون بقوة، وأصبحوا مثل الولد المُتعب فى الحارة الذى يزعج الجميع فى كل الاتجاهات ثم يختبئ تحت السلم. منذ أسابيع قررت واشنطن أن تتولى مهمة التخلص منهم، وربما هناك «تقسيمة» ما مع تل أبيب.. حيث تتولى إسرائيل مهمة التخلص من حماس وحزب الله والأسد، وتتولى واشنطن مهمة ميليشيات العراق والحوثيين، والاثنتان تشتركان معًا فى التخلص من إيران لاحقًا.
أما التصريحات العلنية من واشنطن فقالت إن الولايات المتحدة تعتقد أن لديها قدرة أكبر على تنفيذ هجمات مستمرة على الحوثيين باستخدام الطائرات المتمركزة على حاملات الطائرات التابعة لها.
أما ترامب فوضع تصورًا للصراع، قائلًا على مواقع التواصل الاجتماعى: «لقد أُلحقت أضرار جسيمة بالهمجيين الحوثيين، وانظروا كيف سيزداد الأمر سوءًا تدريجيًا، إنها ليست حتى معركة عادلة، ولن تكون كذلك أبدًا، ستتم إبادتهم تمامًا»!
هناك شىء جديد قديم فى المعركة مع الحوثيين، شىء قاله ترامب ولم يفكر فيه جيدًا، لكن المسئولين الحكوميين فى البيت الأبيض فكروا واعترفوا سرًا فى لقاءات خاصة بأن الهجمات كانت أقل فاعلية مما كان متوقعًا، حسبما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز».
الحقيقة التى يعرفها الخبراء الأمريكيون، والتى لا يعترف بها ترامب، أن مسألة القضاء التام على الحوثيين تذكرنا بفكرة القضاء التام على حماس.
مسئولون فى البنتاجون اعترفوا بأن الولايات المتحدة تواجه صعوبة فى ضرب ترسانة الحوثيين تحت الأرض، ما ذكرنا بشكل ما بصعوبة المعارك التى تديرها إسرائيل فى غزة بسبب الأنفاق، لكن بينما يعتقد الأمريكيون أن الهجمات أصبحت أقوى مما ترغب وزارة الدفاع الأمريكية فى الاعتراف به، فإن الإسرائيليين يفخرون بالقوة التى يضربون بها.
فى إطار جهود القضاء على تهديد الحوثيين أفادت التقارير بأن الولايات المتحدة استخدمت ذخائر بقيمة ٢٠٠ مليون دولار، وهى فاتورة لا تشمل تكاليف الأفراد ونشر حاملتى طائرات ومجموعة متنوعة من الموارد الأخرى المخصصة لتأمين المنطقة من الولد المزعج فى الشارع.
كما خصصت الولايات المتحدة موارد للدفاع عن إسرائيل من هجمات الحوثيين الجوية المتكررة. وتتراوح تكلفة استخدام نظام «ثاد» للدفاع عن إسرائيل بين ١٢ و١٥ مليون دولار لكل اعتراض، وفقًا لتقرير حديث صادر عن موقع «والا».
رغم كل ما سبق، إلا أن الحوثيين لا تزال لديهم القدرة على إطلاق صواريخ على إسرائيل، ورغم عدم وقوع إصابات أو أضرار جسيمة، إلا أن إسرائيل لا يمكن أن تتجاهلها طويلًا، لكنها لم تضع الحوثيين على قائمتها حتى الآن، فحتى محاولات إطلاق صواريخ على تل أبيب قال دانى سيترينوفيتش، الباحث فى برنامج إيران بمعهد دراسات الأمن القومى فى تل أبيب: «لا أهمية عسكرية أو استراتيجية لهذه الصواريخ. تستطيع إسرائيل اعتراضها بسهولة»، وأضاف: «من حيث الأثر العسكرى، تُعتبر هذه الهجمات غير ذات أهمية. لكن فى نظر الحوثيين تُعزز هذه الأفعال موقفهم وتُظهر أنهم يواصلون القتال».
وهذا ما يذهب بنا إلى رأيين فى إسرائيل الآن: الرأى الأول يقول إن على إسرائيل توسيع استراتيجيتها لتتجاوز استهداف مواقع الحوثيين فى اليمن، وإن الرد على الحوثيين فى اليمن يجب أن يستهدف إيران أيضًا.
بينما الرأى الثانى يرى أنه من غير الواضح مدى سيطرة إيران المباشرة على الحوثيين، الذين تم اعتبارهم أنهم وكلاء غير تقليديين لإيران، فلديهم أجندتهم المستقلة، ونفوذ إيران على قراراتهم الاستراتيجية محدود، وأصحاب هذا الرأى يرون أنه حتى لو تعرضت إيران لضغوط، سيواصل الحوثيون نشاطهم لأنه يخدم مصالحهم، وأنه من الأفضل التركيز مع الولايات المتحدة على ضرب الحوثيين أنفسهم.
فى كل الأحوال تظهر الحرب على الحوثيين غير حاسمة تمامًا مثل الحرب على حماس، ولكن هناك فرصة لإسرائيل، فإذا استمر الحوثيون فى مهاجمة الأهداف المرتبطة بإسرائيل، فقد تجد السعودية حافزًا أكبر لتعزيز علاقاتها الأمنية مع إسرائيل خوفًا من تمدد النفوذ الإيرانى عبر الحوثيين.
أخبار متعلقة :