خليج نيوز

الأقباط يبدأون الاحتفال بـ«أسبوع الآلام»: صلوات وترانيم.. وسعف مقدس خليج نيوز

تبدأ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، بعد غد، احتفالات «أسبوع الآلام»، الذى يبدأ بـ«أحد الشعانين»، احتفاءً بذكرى دخول السيد المسيح أورشليم.

ويترأس البابا تواضروس الثانى قداس «أحد الشعانين»، بعد الغد، فى الكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية، ثم يحضر صلوات الجناز العام، قبل أن يتوجه إلى دير الأنبا مقار فى وادى النطرون لقضاء خلوته الروحية المعتادة خلال «أسبوع الآلام».

ويترأس البابا قداس «خميس العهد» فى دير «مارمينا العجائبى» بصحراء مريوط، الذى يشمل طقس غسل الأرجل، على أن يتوجه صباح «الجمعة العظيمة» إلى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية ليترأس قداسات الجمعة، ثم يترأس مساء السبت ١٩ أبريل قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية.

يشارك فى قداس القيامة عدد من أساقفة الكنيسة، منهم الأنبا مارتيروس، أسقف كنائس شرق السكك الحديدية، والأنبا أنجيلوس، أسقف كنائس شبرا الشمالية، والأنبا دانيال، سكرتير المجمع المقدس ومطران المعادى، بينما يقود المعلم إبراهيم عياد، كبير المرتلين، تمثيلية القيامة خلال القداس.

وبدأت الكاتدرائية المرقسية بالعباسية فى توزيع دعوات حضور قداس العيد، الذى سيبدأ فى السابعة مساءً، بمشاركة عدد من الوزراء والنواب وكبار رجال الدولة.

الإكثار من الصوم والصلاة وقراءة الكتب الروحية فى «أقدس أيام السنة»

قال القس مكاريوس بولس، راعى كنيسة «القديس ماريوحنا المعمدان» فى المعادى، إن «أسبوع الآلام»، الذى يبدأ باحتفالات «أحد السعف»، يعتبر الأقدس بين أيام السنة والأكثر روحانية لدى الأقباط.

وأضاف القس «بولس»: «حرصت الكنيسة على اختيار قراءات خاصة من العهدين القديم والجديد لهذا الأسبوع، جميعها يعكس مشاعر وأحاسيس عميقة تبرز علاقة الله بالبشرية، إلى جانب مجموعة من الألحان المميزة والتأملات الروحية الثرية».

وأفاد راعى الكنيسة بأن العرف القديم كان يقضى بمنح الجميع إجازة كاملة طوال هذا الأسبوع للتفرغ للصلاة والتأمل، وحتى فى عصور العبودية، كان الأسياد يمنحون عبيدهم هذا الأسبوع إجازة من العمل للتركيز على الصلاة والعبادة.

وواصل: «بالنسبة للرهبان، يمثل هذا الوقت فرصة ثمينة للتأمل فى آلام المسيح، لذا يمارسون صومًا انقطاعيًا قد يمتد لأيام متواصلة، تأكيدًا لقدسية الفترة وعيشًا لحياة الزهد».

ونبه إلى أن طقس «البصخة»، الذى يُقام خلال «أسبوع الآلام»، يكتسب أهمية خاصة، وتقتصر الصلوات فيه على قراءات من الكتاب المقدس دون إقامة قداسات، مع التركيز على الألحان الحزينة والصلوات التخشعية التى تساعد المؤمنين فى استيعاب عمق الأحداث، مضيفًا: «تظل الكنائس مفتوحة طوال الأسبوع لهذه الصلوات».

وشدد على القداسة الاستثنائية لهذا الأسبوع، التى تحفز جميع الأقباط على مراجعة أنفسهم والتوجه نحو التغيير الإيجابى، مشيرًا إلى أن العديد من الصائمين يمتنعون عن تناول الحلويات خلال هذه الفترة، ويطيلون فترة صومهم اليومى، مع الإكثار من الصلاة والسجود وقراءة الكتب الروحية.

وأتم القس مكاريوس بقوله: «أسبوع الآلام يمثل فرصة ذهبية لكل قبطى للعودة إلى حضن الكنيسة، وتدعو جميع الصلوات والطقوس إلى التوبة والتجديد الروحى، لتختتم هذه الفترة بفرح القيامة، حيث تتحول الكنيسة من حالة الحزن إلى البهجة، ومن اللون الأسود الذى يرمز إلى الآلام إلى اللون الأبيض الذى يعبر عن الفرح بالقيامة».

من جانبه، وصف كيرلس كمال، الباحث الكنسى، فترة «أسبوع الآلام» بأنها «من أقدس أيام السنة»، لما لها من أهمية طقسية كبيرة فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، باعتبارها «مركزَ السنة الطقسية منذ القرون الأولى».

وأضاف «كمال»: «عبر التاريخ حدث بعض التغيرات فى طقس أسبوع الآلام، فكان هناك بعض الإضافات فى الصلوات، وحُذف بعض الصلوات الأخرى. ومن خلال تعمقنا فى التاريخ، سنجد أنه حتى القرن الرابع عشر وما بعده، يوجد لكل منطقة تقليدها المحلى الخاص بها، خاصة فى طقس البصخة المقدسة، وهذا يدل على الثراء والغنى الذى تمتعت به الكنيسة القبطية».

وواصل: «كان الآباء الرسل والمسيحيون الأوائل، خصوصًا كنيسة أورشليم يصومون الصوم الأربعينى بعد عيد الغطاس (١٢ طوبة) حتى (٢٢ أمشير)، ثم يفطرون حتى يصوموا مرة أخرى يوم الجمعة الكبيرة وسبت الفرح، ويحتفلون بالقيامة يوم أحد القيامة، وكان الآباء الرسل يحيون عيد القيامة بعد عيد الفصح اليهودى، أى بعد يوم ١٤ أبريل».

وأكمل: «حين جاء البابا ديمتريوس الكرام، البطريرك الثانى عشر، وضع الحساب الأبقطى مع مجموعة من علماء الفلك، وضبط موعد عيد القيامة، وهو الأحد الذى يلى الفصح اليهودى. ورغم محاولات البابا ديمتريوس فى توحيد عيد القيامة بين الكنائس؛ إلا أنه لم يتم توحيد هذا العيد سوى فى مجمع نيقية. وحين أقيمت كنيسة أورشليم بدأت تحتفل بأيام الآلام لمدة ٦ أيام، وبدأ بعض الكنائس يسير على نفس منهجها، وكانت هذه الأيام الستة أيام صوم احتفالًا بعيد القيامة».

وتابع: «فى مجمع نيقية تم توحيد موعد عيد القيامة، وبعد المجمع أصدر الملك قسطنطين أمرًا بحفظ الأيام الستة المخصصة لآلام السيد المسيح، لتكون أيام إجازة عامة، وتثبت هذه الأيام فى كل الإمبراطورية. ومنذ القرن الخامس أخذت الكنيسة القبطية من كنيسة أورشليم طقس لقان غسل الأرجل فى خميس العهد، وظلت الكنيسة الجامعة تحتفل فى نفس اليوم بعيد القيامة حتى سنة ١٥٨٢م فى عهد أسقف روما البابا غريغوريوس الثالث عشر، الذى غيّر التقويم فى ٥ أكتوبر ١٥٨٢م، وانقسمت الكنيسة فى توقيت الاحتفال بالأعياد وبعيد القيامة وصار الفرق ثلاثة عشر يومًا».

ونبه إلى أنه «منذ القرون الأولى حتى القرن الثانى عشر كانوا يقرأون الكتاب المقدس كاملًا فى أيام البصخة المقدسة، حتى جاء البابا غبريال بن تريك البطريرك السبعون، ولأنه كان فى السابق موظفًا فى الديوان الحكومى ويعرف مدى صعوبة أن يحضر الموظفون لدى الدولة طقس البصخة كاملًا، جمع كل آباء الكنيسة وعلمائها وبعضًا من رهبان دير أبومقار، ووضعوا أول قطمارس فى الكنيسة القبطية، وهو قطمارس أسبوع الآلام، ورغم هذه المحاولة لتوحيد طقس أسبوع الآلام، فإن بعض الكنائس كان يصلى بطقسها الخاص».

اللاجئون يحتفلون فى «سمعان الخراز» 

يشارك اللاجئون، خاصة السودانيين المقيمين فى مصر، فى احتفالات «أحد السعف»، فى دير «القديس سمعان الخراز» بالمقطم، حيث يكون حضور اللاجئين كثيفًا فى صلوات «أحد السعف»، كعادتهم السنوية.

كما يتوافد اللاجئون على الكنيسة الأسقفية، برئاسة المطران الدكتور سامى فوزى، التى توفر ترجمة للصلوات خلال قداس «أحد السعف»، لغير الناطقين باللغة العربية.

الكنائس تتزين احتفالًا بذكرى دخول المسيح أورشليم

يحتفل الأقباط بـ«أحد الشعانين» أو «أحد السعف» أو «أحد الزيتون»، غدًا، الذى يعتبر بداية «أسبوع الآلام».وتتزين الكنائس القبطية الأرثوذكسية بالسعف، احتفالًا بذكرى دخول المسيح أورشليم. ويتنشر باعة السعف بجوار الكنائس منذ مطلع الأسبوع، حيث يُباع السعف بأشكاله المختلفة.

وقال جرجس ملاك، بائع سعف فى منطقة المعادى، إن الأقباط يحرصون على شراء السعف خلال احتفالات «أحد السعف»، مشيرًا إلى أن هناك بعض الأسر تحرص على شرائه فى شكله الطبيعى، ليتمكنوا من تشكيله مع أطفالهم على شكل صليب.

وأضاف «ملاك»: «من أكثر الأشكال التى تباع للسعف خلال هذه المناسبة أشكال التاج، التى ترمز للمسيح الملك الذى يدخل أورشليم فى طقس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وسط إقبال على أشكال السعف الأخرى التى يتزين بها الأطفال والشباب كمظهر احتفالى سنوى».

أما عن الأسعار، فأفاد بأنها تختلف وفقًا لمكان كل كنيسة، لكنها تتراوح بين ٣٠ و٦٠ جنيهًا، مضيفًا: «يمكن للعائلة الواحدة أن تصنع بالسعفة الواحدة العديد من الأشكال للأطفال قبيل الاحتفال بصلوات قداس أحد السعف».

يعود سبب هذا الاحتفال إلى أهالى القدس، الذين استقبلوا المسيح بالسعف والزيتون، لذا يُعاد استخدام السعف والزينة فى أغلب الكنائس للاحتفال بهذا اليوم. وترمز أغصان النخيل أو السعف إلى النصر، أى أنهم استقبلوا المسيح كمنتصر.

وقال القس يوساب عزت فوزى، أستاذ القانون الكنسى والكتاب المقدس بالكلية الإكليريكية والمعاهد الدينية، إن «أحد الشعانين» يعتبر بداية «أسبوع الآلام»، ويحتفل المسيحيون به إحياءً لذكرى دخول يسوع إلى أورشليم.

وأضاف «فوزى»: «يتميز هذا اليوم بموكب خاص يُصاحبه ترديد الترانيم، ويحمل المؤمنون سعف النخيل والزهور. يُعرف أيضًا بأحد السعف، ويُحتفل به فى الكنائس بصلوات خاصة».

وواصل: «يمتد أسبوع الآلام من أحد الشعانين حتى عيد القيامة، ويتضمن العديد من الطقوس والصلوات التى تُعبر عن أحداث الآلام التى تعرّض لها المسيح. تُعتبر صلوات البصخة من أبرز الطقوس خلال أسبوع الآلام، وتُقرأ فيها آيات من الكتاب المقدس تُعبر عن آلام المسيح، تشمل تلاوة الأناجيل التى تتحدث عن محاكمة المسيح وموته. وفى اثنين البصخة، تُستكمل الصلوات مع التركيز على أحداث الآلام. ونقرأ الأناجيل المتعلقة بالتحضير للصلب، وتُعقد جلسات صلاة خاصة».

وعن سر تسمياته، قال: «يسمونه أسبوع الآلام، أو أسبوع البصخة المقدس، أو الأسبوع المقدس، وفى اللغة الإنجليزية يقولون عنه (The Holy Week)، أى الأسبوع المقدس، وكل يوم فيه يعتبر أقدس يوم بالنسبة إلى اسمه فى السنة كلها، فنجد مثلًا يوم الجمعة يسمونه The Holy Friday، أى الجمعة المقدسة».

«الستاتيكو» ينظم احتفالات مسيحيى القدس حتى الآن

تحتفل الكنائس المسيحية بمختلف طوائفها هذا العام بـ«أسبوع الآلام» وعيد القيامة المجيد، فى موعد واحد. وقال أديب جودة، أمين مفتاح كنيسة القيامة فى القدس، إنه حسب اتفاق «الستاتيكو- الوضع القائم»، عندما تكون الأعياد «كبيس- احتفال الطوائف مع بعضها البعض بذات الأسبوع»، تكون المفاتيح، صباحًا، بيد طائفة الفرنسيسكان، ويقيمون الصلوات حول القبر.

وأضاف «جودة»: «تكون الصلوات ظهرًا لطائفة الروم الأرثوذكس، تليها طائفة الأقباط، ثم طائفة السريان، وفى النهاية طائفة الأرمن الأرثوذكس»، وتابع: «أما بالنسبة للشعانين، فمسيرة الشعانين للروم الأرثوذكس تكون يوم السبت. والفرنسيسكان تكون يوم الأحد».

وكلمة «شعانين» تأتى من الكلمة العبرانية «هو شيعه نان»، التى تعنى «يا رب خلص»، ومنها تشتق الكلمة اليونانية «أوصنا»، وهى الكلمة التى استخدمت فى الإنجيل من قبل الرسل والمبشرين، وهى أيضًا الكلمة التى استخدمها أهالى أورشليم عند استقبال المسيح فى ذلك اليوم.

وقال كيرلس كمال، الباحث القبطى، إن «أحد الشعانين» من الأعياد المهمة بالنسبة للمسيحيين، واشتهر قديمًا باسم «أحد الزيتونة»، لأن المسيحيين فى ذلك اليوم كانوا يمسكون أغصان الزيتون ويحتفلون بها بجانب سعف النخيل.

وأضاف «كمال»: «خلال القرون الأولى كان المؤمنون يقيمون خدمة طقسية تقام فى بيت عنيا فى عشية أحد الشعانين، ثم يذهبون فى صباح يوم الأحد إلى جبل الزيتون، وبعد ذلك يخرجون فى احتفال وموكب كبير نحو أورشليم، وفى أيديهم سعف النخيل وأغصان الزيتون».

وواصل: «فى القرن الرابع الميلادى، وحسب شهادة السائحة الإسبانية إيجيريا، كان المؤمنون يجتمعون عند الفجر فى كنيسة القيامة، ثم ينتقلون إلى كنيسة الجلجثة، وتقام خدمة يوم الأحد، ثم يطوفون خلال فترة بعد الظهر عند جبل الزيتون، ويقيمون بخدمة أخرى، ثم ينتقلون حوالى الساعة الثالثة بعد الظهر إلى المكان الذى صعد فيه السيد المسيح، ويقيمون خدمة طقسية أخرى هناك. وفى الساعة الخامسة بعد الظهر يذهبون إلى أورشليم حاملين سعف النخيل وأغصان الزيتون، ثم يقيمون صلاة الغروب فى كنيسة القيامة، ثم يذهبون مرة أخرى إلى كنيسة الجلجثة ويختمون النهار بصلاة أخرى».

وأكمل: «أما بخصوص دورة الشعانين، كما ذكرت فى بن كبر وابن سباع، فقد ظهرت عدة عادات مختلفة بين الكنائس، مثل كنيسة المعلقة وحارة زويلة والروم والإسكندرية والصعيد ودير شهران ودير أبومقار، فكان فى أغلب الكنائس يصلون دورة الشعانين بأنهم يزفون والصلبان والمجامر فى داخل الكنيسة وكانوا يقفون أولًا أمام الهيكل، ويقولون قطعة من الإنجيل والمزمور، وعند كل أيقونة يقولون قطعة من الإنجيل مناسبة لهذه الأيقونة، وكانت الكنيسة مزينة بأغصان الزيتون وسعف النخيل، وكانت نفس هذه العادة تحدث فى دير شهران وكل الأديرة القريبة من المدن».

وأشار إلى أنه «فى دير أبومقار كانوا يقيمون الزفة خارج الدير أيضًا، ويذهبون لموضع الطافوس ويصلون قطعة معينة من الإنجيل تناسب هذا المكان، ثم المكان المخصص لعجن وطحن القربان ويصلون قطعة معينة مناسبة لهذا المكان من الإنجيل، وكانوا يسمون هذا العيد بعيد الشعانين، أى عيد التسبيح، وأيضًا عيد الزيتونة، نسبة إلى أنهم كانوا يحملون ويزينون الكنيسة بأغصان الزيتون».

ونبه إلى أن «المقريزى» قال عن هذه الاحتفالية: «فى أيام الفاطميين كان أحد الزيتونة من الاحتفالات الشعبية العظيمة فى مصر، وكان يخرج الجميع على أصوات الأنغام والألحان القبطية، وكان هذا اليوم مولدًا كبيرًا جدًّا يحضره أكابر الدولة، وكل طوائف الشعب، مسيحيين ومسلمين، وفى أيام المماليك كان أقباط أخميم فى هذا اليوم يخرجون الكهنة والشمامسة والصلبان والمجامر والأناجيل، ويذهبون عند باب القاضى ويقرأون قطعة من الإنجيل هناك، ولكن بسبب ما حل بالأقباط من تعب واضطهادات اختفت هذه الاحتفالات».

أخبار متعلقة :