الرئيس تبون بمناسبة الذكرى الـ 54 لتأميم المحروقات : " أؤكد أن الدولة لن تدخر أي جهد لتعزيز المكاسب الاجتماعية التي استفاد منها العاملات والعمال " - خليج نيوز

أصيل محمد بن فرحات _ وجه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، كلمة بمناسبة الذكرى التاسعة والستين (69) لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين والذكرى الرابعة والخمسين (54) لتأميم المحروقات.

وفي مستهل كلمته، توجه الرئيس تبون بتحية إجلال وتقدير لكافة العمال والعاملات في مختلف القطاعات، مشيدًا بتضحيات جيل الرواد الذين لعبوا دورًا محوريًا في تعبئة العمال ودعم الثورة التحريرية قائلا : " وَفي هَذِهِ الذِّكرَى الغَالِيَة، أُحَيّي تَحِيَّةَ عِرْفَانٍ العَامِلاتِ وَالعُمَّالِ في كُلِّ القِطاعَات، مُسْتَذْكِراً مَعَهُم، تَضْحِيَاتِ جِيلِ الرُّوَّادِ، الَّذين قَادُوا حَرَكَةَ تَعْبِئَةِ العُمَّال وَتَجْنِيدِهم لِلإلْتِحَاق بِثَوْرَةِ التَّحْرِيرِ المُبَارَكَة ".

كما خصّ بالذكر الشهيد الرمز عيسات إيدير، والنقابي الفذ عبد الحق بن حمودة، مترحمًا على أرواحهم وأرواح جميع النقابيين الشهداء فقال : " وَأتَرَحَّمُ في هَذِهِ المُنَاسَبَةِ بإكْبَارٍ على رُوحِ الشَّهِيد الرَّمْز عيسات إيدير .. وَعَلى النَّقَابيِّ المُنَاضلِ الفَذِّ شَهِيدِ الوَاجِب الوَطني عبد الحقّ بن حمُّودة .. وَعَلى جَمِيعِ رِفَاقِهِم النَّقَابِيّينَ الشُّهَدَاء " .

وأبدى الرئيس تبون تقديره العميق لمهندسي وتقنيي وفنيي قطاع المحروقات، الذين وقفوا شامخين بعد استرجاع السيادة الوطنية، متحدّين التوقعات الغربية التي راهنت على تعطل إنتاج وتسويق الموارد الطاقوية الجزائرية قائلا : " وَأوَدُّ أمَامَ جَمْعِكُم الكَريمِ اليَوْمَ، أنْ أخُصَّ عَامِلات وَعُمَّال قِطَاعِ المَحْرُوقات بِالتَّحِيَّةِ، وَأُعْرِبَ عَنْ تَقْدِيرِي لِمَجْهُودَاتِهِم المُتَوَاصِلَةِ لِضَمَانِ أمْنِنَا الطَّاقَويِّ .. وَأنْ أسْتَذْكِرَ مَعَهُم في هَذِهِ اللّحَظَاتِ الرُّوحَ الوَطَنِيَّةَ العَالِيَةَ الَّتي تَحَلَّى بِهَا أسْلافُهُم المُهَنْدِسِون وَالتِقْنِيِّون وَالفَنِيّون، عِنْدَمَا رَفَعُوا التَّحَدِّي – غَيْرةً على الجزائر - غَدَاةَ اسْتِرْجَاع السِّيَادَةِ الوَطَنِيَّةِ، وَتَمَكَّنُوا مِنْ إبْطَالِ تَوَقُّعَاتِ تَوَقُّفِ إنْتَاج وَتَسْوِيقِ مَوَارِدنا الطَّاقَوِيَّةِ .. فَلَقَدْ كَانَ قَرَارُ تَأْمِيمِ المَحْرُوقاتِ تَحَدِّيًا جَرِيئًا لِتَكْرِيسِ اسْتِقْلالِنَا الاقتصاديّ، وَبَسْطِ السِّيَادَة على ثَرَوَاتِ البِلادِ، وَمَوَارِدِهَا الطَّبِيعِيَّةِ ".

واعتبر الرئيس تبون أن قرار تأميم المحروقات عام 1971، الذي اتخذته قيادة البلاد برئاسة الرئيس الراحل هواري بومدين، كان خطوة جريئة على طريق تكريس الاستقلال الاقتصادي، وضمان بسط السيادة الكاملة على ثروات الجزائر ، قال الرئيس : " إنَّ القَرَارَ الوطنيَّ التَّاريخيَّ الَّذي اتَّخَذَتْهُ قِيَادَةُ البِلادِ بِرئَاسَةِ الرَّئيس الرَّاحِلِ هُوَّاري بُومدين - رَحِمَهُ الله وَطَيَّبَ ثَرَاه - في مِثْلِ هَذَا اليَوْم مِنْ سَنَةِ 1971 ".

وأكد الرئيس تبون أن قرار التأميم لم يكن مجرد إجراء اقتصادي، بل كان امتدادًا لروح التحرر الوطني ووفاءً لتضحيات الشهداء ورسالة نوفمبر المجيدة، مشددًا على أن الروح الوطنية التي غذّت قيادات البلاد آنذاك ستبقى حاضرة في الأجيال القادمة فقال الرئيس : " هُوَ حَلَقَةٌ مُكَمِّلَةٌ لِرُوحِ التَّحَرُّر، وَتَمْكِينٌ للاستقلالِ الوطنيّ الكاملِ، وَهُوَ قَرَارٌ يَعكسُ صِدْقَ الإرَادَةِ .. وَوَطنيّةَ التَّوَجُّهِ .. وَالوَفَاءَ لِرِسَالَةِ نوفمبر .. وَللشُّهَدَاءِ الأبْرَارِ، فَمِنْ تِلكَ الرُّوح تَغَذَّتْ قِيَادَة البِلاد آنَذَاك .. وَسَتَبْقَى رُوح نُوفمبر للأجْيَال تَذْكُرُ مَآثِرَ الرَّجُل كَقَائِدٍ وَطَنِيٍّ مُخْلِصٍ، حَرِيصٍ على الطَّابِعِ الاجتماعيِّ للدَّوْلَةِ، غَيُورٍ على ثَرَوَاتِ الجزائرِ وَسِيَادَتِها عَلَيْها " . 

وفي سياق حديثه عن التحديات الراهنة، شدد الرئيس تبون على أهمية التحول الاقتصادي من الاعتماد على المحروقات إلى تنويع الصادرات، معتبراً أن هذا المسار الاستراتيجي يهدف إلى الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة في الثروات الطبيعية، وفتح المجال لاستثمارات جديدة في قطاعات الصناعة التحويلية وريادة الأعمال، بما يسهم في خلق الثروة وتعزيز اقتصاد متنوع ومستدام ، قال رئيس الجمهورية : " في ظِلِّ التَّحَدِّيَاتِ الرَّاهِنَةِ، وَإذْ نَعْتَزُّ بِالمُنْجَزَاتِ المُتَتَالِيَةِ عَبْرَ العُقُودِ المَاضِيةِ في قِطاعِ المَحْرُوقاتِ، وَنُشِيدُ بمُسْتَوَى الكَفَاءَةِ وَالتَّحَكُّمِ لَدَى إطارَاتِنَا المُسَيِّرَةِ لِمُنْشَآتِنا النّفْطِيَّةِ وَالمُنْتَسِبِينَ لِهَذَا القِطاعِ الحَيَوِيِّ مِنْ مِهَنِيِّينَ وَعُمَّالٍ بُسَطَاءٍ .. فَإنَّنِي أُجَدِّدُ بِهَذِهِ المُنَاسَبَةِ عَزْمَنَا في هَذِهِ المَرْحَلَةِ على وَضْعِ وَتَنْفِيذِ سِيَاسَاتٍ وطنيّةٍ غَايَتُهَا إحْدَاثُ الانْعِطَافِ وَالانْتِقَالُ مِنَ الاعْتِمَادِ على المَحْرُوقاتِ إلى تَنْوِيعِ صَادِرَاتِنَا، وَهُوَ تَوَجُّهٌ إستراتيجيٌّ، يَحْفَظُ حَقَّ الأجْيَالِ مِنْ ثَرَوَاتِنَا الطَّبِيعِيَّةِ "

وأشار الرئيس تبون إلى الخطوات الجادة التي تم قطعها في هذا الاتجاه، حيث نجحت الجزائر في تحقيق مستويات غير مسبوقة من الصادرات خارج المحروقات، مع استقطاب آلاف الشباب والمستثمرين الوطنيين والأجانب. وأكد أن الدولة ماضية في هذا النهج الذي سيؤهلها لاكتساب مكانة مستحقة بين الدول الناشئة ، يقول الرئيس : " وَلَقَدْ قَطَعْنَا أشْوَاطًا مُعْتَبَرَةً لِتَجْسِيدِ هَذِهِ الغَايَات بِاسْتِقْطَابِ الآلافِ مِنَ الشَّبَابِ وَمِنَ المُسْتَثْمِرينَ الوَطنيّينَ وَالأجانِبِ، وَحَقَّقْنَا مُسْتَوَياتٍ غَيْرِ مَسْبُوقَةٍ مِن الصَّادِرَاتِ خَارِجَ المَحْرُوقاتِ، (كُنْتُ قَدْ تَحَدَّثْتُ عَنْها بِالأرْقَامِ في مُنَاسَبَاتٍ سَابِقَةٍ)، وَسَنَبْقَى على نَفْسِ هَذِهِ الرُّؤيَةِ الَّتي سَتُؤَهِّلُ الجزائرَ للانْخِرَاطِ وَبِجَدَارَةٍ في مَسَارِ الدُّوَلِ المُرَشَّحَةِ لاحْتِلَاِل مَكانَتِهَا المُسْتَحَقَّة في مُنْتَدَى الدُّوَلِ النَّاشِئَةِ " .

وفي ختام كلمته، جدد الرئيس تبون تهانيه لكافة العمال الجزائريين، مؤكداً أن الدولة لن تدخر أي جهد في تعزيز المكتسبات الاجتماعية وتحسين الظروف المعيشية والمهنية للعمال، تجسيدًا لمبدأ الدولة ذات الطابع الاجتماعي المنصوص عليه في بيان أول نوفمبر ، يقول الرئيس تبون : " أُؤَكِّدُ أنَّ الدَّوْلَةَ لَنْ تَدَّخِرَ أيَّ جُهْدٍ لِتَعْزِيزِ المَكَاسِبِ الاجتماعيّةِ الَّتي اسْتَفَادَ مِنْها العَامِلاتُ وَالعُمَّالُ، وَلِتَحْسِينِ الإطارِ المَعِيشيِّ وَالمِهْنيِّ لَهُمْ، تَأكِيدًا لِمَبْدَأ الدَّوْلَة ذَاتِ الطَّابِعِ الاجتماعيِّ المُكَرَّسِ في بَيَانِ أوَّلِ نُوفمبر "