ثقة "مضمونة" للحكومة في اختبارها الأول.. من سيحجبها عنها؟! - خليج نيوز

تستعدّ حكومة الرئيس نواف سلام لاختبارها الأول، حين تمثل أمام مجلس النواب الثلاثاء والأربعاء، طالبةً منه منحها الثقة من أجل أن تباشر عمليًا بالمهام "الثقيلة" الملقاة على عاتقها، في ضوء العناوين الكبيرة التي حدّدتها لنفسها، واختصرتها بعنوان "الإنقاذ والإصلاح"، وما ينطوي عليها من تحدّيات غير بسيطة، خصوصًا على مستوى الإصلاحات الاقتصادية الموعودة، التي أضيف إليها "عبء" ورشة إعادة الإعمار.

Advertisement

 
تستعدّ الحكومة لهذا الاختبار، وهي تدرك أنّ ما ينتظرها في اليومين المقبلين، سيكون أقرب إلى "سوق عكاظ" من قبل النواب، وقد بلغ طالبو الكلام منهم عددًا قياسيًا، ممّن يرغبون باستغلال الجلسة المنقولة على الهواء مباشرةً، من أجل مخاطبة الرأي العام، وربما دغدغة مشاعره، فضلاً عن التعبير عن الموقف السياسي، ليس من الحكومة بالضرورة، بل من المرحلة الجديدة التي يدخل إليها البلد، مع انطلاقة العهد الجديد، وتغيّر الكثير من المعادلات.
 
لكنّ الحكومة التي تستعدّ لكلّ ذلك، تبدو مطمئنّة سلفًا إلى أنّها ستحصل على "الثقة"، رغم كلّ التعقيدات التي أحاطت بتأليفها، علمًا أنّ كلّ التقديرات تتقاطع على أنّ الثقة "مضمونة"، ولكنّها تتفاوت على حجمها، بين من يعتبرها "مريحة"، ومن يتكهّن بأن تكون "كاسحة"، بحيث تتخطّى المئة، فأيّ السيناريوهين يبدو الأكثر ترجيحًا، وهل حسمت الكتل النيابية فعلاً موقفها من حكومة الإنقاذ والإصلاح، ومن سيحجب الثقة عنها؟!
 
أغلبيّة الكتل "تثق" بالحكومة
 
لا يبدو اطمئنان الحكومة، رئيسًا ووزراء، مستغرَبًا، ليس لأنّ التجربة في لبنان دلّت على أنّ جلسات مناقشة البيان الوزاري، تحوّلت مع الوقت إلى مجرد جلسات "إعلامية استعراضية"، إن صحّ التعبير، تختتم بمنح أغلبية النواب للثقة بلا تحفّظ، بمن فيهم أولئك الذين لا يوفّرون انتقادًا حين يعتلون المنبر، ولكن لأنّ كلّ المعطيات تتقاطع على أنّ جوّ "التشنّج" الذي أحاط بولادة الحكومة، انتهى بمجرّد أن أبصرت النور.
 
في هذا السياق، يقول العارفون إنّ الحكومة ضمنت سلفًا "ثقة" أغلبية النواب، خصوصًا المنتمين إلى كتل شاركت في تسمية الوزراء، أو بالحدّ الأدنى "تبنّت" أسماءهم، حتى لو لم يكن هؤلاء "حزبيّين" كما يصرّ رئيسا الجمهورية جوزاف عون والحكومة نواف سلام على التأكيد مرارًا وتكرارًا، ما يعني أنّ تهديد هذه الكتل بحجب الثقة عن الحكومة في مرحلة المفاوضات الحكومية، انتهى مفعوله، عندما ولدت الحكومة، وتسلّمت مهامها.
 
ولعلّ المفارقة اللافتة في هذا السياق، تتمثّل بـ"التقاطع" بين المعسكرين السياسيين المضادين على دعم الحكومة ومنحها الثقة، فـ"القوات اللبنانية" وحلفاؤها يرون في هذه الحكومة "خشبة الخلاص"، ويذهبون لحدّ اعتبار البيان الوزاري "انتصارًا" على المعسكر الآخر، أي معسكر "حزب الله"، الذي يصرّ بدوره على أنّه "رابح" في هذه الحكومة، بعكس ما يروَّج له، بمجرّد حضوره فيها، ولو عبر وزراء "تكنوقراط"، تمامًا كما في الحكومات السابقة.
 
من يحجب الثقة؟!
 
مع ذلك، ثمّة من يطرح علامات استفهام حول موقف "حزب الله" من الحكومة وبيانها الوزاري الذي خلا تمامًا من ذكر عبارة "المقاومة"، ما يضع الحزب في موقف "محرج" أمام الجمهور، علمًا أنّ بعض المحسوبين عليه انتقدوا بشدّة ما أسموه "الامتثال للأوامر الأميركية"، إلا أنّ الأرجحية تبقى أنّ الحزب لن يحجب الثقة عن الحكومة، في مرحلة "الركون للدولة"، وقد ظهرت المؤشرات بعدم تحفظ الوزراء المحسوبين على "الثنائي"، على البيان الوزاري.
 
ومن "حزب الله" إلى النواب السنّة، خصوصًا من تكتل "الاعتدال"، الذين ارتفع صوتهم في مرحلة المفاوضات الوزاريّة ضدّ رئيس الحكومة نواف سلام، باعتباره قرّر "احتكار" التمثيل السنّي بشخصه، كما اتهمه بعض النواب، إلا أنّ المعطيات المتوافرة تشير أيضًا إلى "تغيّر في النبرة"، علمًا أنّ النائب وليد البعريني الذي كان "رأس الحربة" في الهجوم على سلام، راجع موقفه، وأكّد التطلّع إلى الأمام، لا الخلف، وبالتالي دعم الحكومة.
 
يبقى رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل، الذي يخشى كثيرون أن يجد نفسه وحيدًا خارج سرب "الثقة"، ربما إلى جانب بعض النواب المستقلّين من هنا وهناك، ما يستعيد "مشهدية" جلسة الانتخابات الرئاسية، التي بقي فيها باسيل وحده خارج "التسوية"، ليحاول "الاستلحاق" بعد ذلك، علمًا أنّ العارفين يشدّدون على أنّ باسيل لا يمكن أن يمنح الثقة لحكومة يعتبر أنّ رئيسها "همّشه"، ولو نعت معارضته لها بـ"الإيجابية".
 
في النتيجة، سيكون اللبنانيون على موعدٍ اليوم وغدا ، مع الكثير من الأقوال، والقليل من الأفعال، في مشهد قد يكون "مكرَّرًا"، ولو اختلفت عناوينه، وهو ما يثبّته العدد "الهائل" لطالبي الكلام، الذين يتوقّع أن يرفعوا السقف في كلامهم، لاستقطاب الجمهور المشاهد. وإذا كانت نهاية الجلسة "ثقة مضمونة"، فإنّ هذه الثقة لن تكون سوى "بداية فعليّة"، ينتظرها اللبنانيون منذ سنوات، لعلّها تحقّق شيئًا من "الإنقاذ والإصلاح" الموعود!

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق وزير الداخلية: إدارة الحركة المرورية بالذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لتقليل الحوادث في السعودية - خليج نيوز
التالى سحب «السمحاقية» تظهر في «المدينة» «المدني» يتنبأ باستمرار الهطول حتى الخميس - خليج نيوز