ذكرت صحيفة "The Telegraph" البريطانية أن "اكتساب القدرة النووية في القرن الحادي والعشرين هو أمر يرتبط عادة بالدول المارقة مثل إيران وكوريا الشمالية. ولكن على الرغم من كونه محبوباً لدى الغرب، فإن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يخشى أن يكون ذلك هو الضمان الوحيد لبقاء بلاده على المدى الطويل. حتى قبل عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، شعرت كييف بأن الدعم العسكري الغربي لم يكن كبيراً. ومع قيام ترامب الآن بالتفاوض مباشرة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، أصبحت أوكرانيا أقل سيطرة على مصيرها من أي وقت مضى. ليس من المستغرب إذن أن يشعر زيلينسكي بأن الأسلحة النووية هي الرادع الوحيد الفعال الطويل الأمد للعدوان الروسي".
Advertisement
وبحسب الصحيفة، "في ظل الحذر من إثارة قلق الشركاء الغربيين، أكد مساعدو زيلينسكي أن كييف لا تسعى حاليًا إلى بناء قنبلتها الخاصة. ولكن مع استمرار روسيا في فرض تهديد وجودي، وعدم قدرة كييف على الشعور بالثقة الكاملة في داعميها الغربيين، لا أحد يستبعد ذلك تمامًا في المستقبل، ومن بينهم المؤرخ الأوكراني يوجين فينكل، الذي كتب في كتابه الجديد "نية التدمير: سعي روسيا على مدار مائتي عام للسيطرة على أوكرانيا"، أن وطنه قد يصبح "إسرائيل على نهر دنيبرو"، أي أن تصبح أوكرانيا مثل إسرائيل، قوة نووية مستقلة".
وتابعت الصحيفة، "لدى أوكرانيا الوسائل والدوافع اللازمة،وباعتبارها واحدة من أكثر الدول السوفييتية السابقة تقدماً من الناحية التكنولوجية، فإنها تتمتع بتاريخ طويل من الخبرة في كل من التخصيب النووي وأنظمة توصيل الأسلحة، ويمكن لمفاعلاتها النووية الحالية توفير اليورانيوم والبلوتونيوم اللازمين. وسوف يتطلب تحويله إلى درجة صالحة للاستخدام في الأسلحة إنشاء مرافق إضافية لإعادة معالجة الوقود لتوليد المواد الانشطارية من الوقود المستنفد، ولكن قِلة من الناس يعتبرون ذلك بعيد المنال، نظراً لسجل كييف الحالي في الإبداع العسكري. ووفقاً للدكتور سيدهار ثكوشال، الباحث البارز في معهد الخدمات المتحدة الملكي في لندن، فإن أوكرانيا لديها بالفعل صواريخ مثل صواريخ توشكا من الحقبة السوفييتية، والتي يمكنها حمل رؤوس حربية نووية".
وأضافت الصحيفة، "لكن من الواضح أن الغرب وروسيا لن يقفا مكتوفي الأيدي ويسمحا بحدوث هذا، ذلك أن المنشآت النووية في أوكرانيا تخضع لمراقبة منتظمة من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي سيرصد مفتشوها أي نشاط تخصيب غير مصرح به. ويقول كوشال: "لن يثير هذا قلق شركاء أوكرانيا الغربيين فحسب، بل إنه سيعطي روسيا ذريعة لمزيد من التدخل العسكري، وهو ما قد يجد الغرب صعوبة أكبر في مجادلته". ويضيف أن القيام بذلك سراً سيكون صعباً أيضاً، نظراً لأن روسيا لا تزال تعتقد أن لديها العديد من الجواسيس داخل المؤسسة الأمنية في أوكرانيا. علاوة على ذلك، حتى لو تم بناء عدد من الصواريخ النووية، فإن كوشال يتساءل عن مدى الردع الذي قد تشكله هذه الصواريخ، في ضوء استخفاف بوتين بأرواح مواطنيه الروس. وقال: "قد يكون صاروخ قصير المدى يحمل رأسًا نوويًا قادرًا على تدمير بعض المدن في جنوب روسيا، ربما. لكن الروس فقدوا بالفعل مئات الآلاف من الأرواح في الحرب على أي حال، لذا فقد يكون هذا ثمنًا يمكنهم تحمله"."
وبحسب الصحيفة، "لم يلتزم أي سياسي أوكراني علناً ببناء برنامج نووي، ويستبعده معظمهم رسمياً. ورغم ذلك، وفقاً لجينادي دروزنكو، الخبير الدستوري الذي يخطط للترشح للرئاسة في المستقبل، "إذا كنت تريد صنع قنبلة نووية، فلن تتفاخر بذلك". وهو يزعم شخصياً أن أفضل رادع لأوكرانيا هو ببساطة زيادة مخزونها من الصواريخ التقليدية البعيدة المدى لتمكينها من ضرب موسكو. ويشتبه كوشال في أن زيلينسكي ربما يتخذ موقفاً نووياً "محفزاً"، والهدف ليس تخويف روسيا بقدر ما هو تخويف حلفاء أوكرانيا لحملهم على تقديم ضمانات أمنية مناسبة. وفي كلتا الحالتين، يبدو أن هذا الموقف يحظى بشعبية لدى العديد من الأوكرانيين. فقد أظهر استطلاع للرأي في نيسان الماضي أن أكثر من نصف السكان يؤيدون الآن استعادة كييف للأسلحة النووية. حتى لو طورت أوكرانيا مخزوناً نووياً مستقلاً ضخماً، فلا يوجد ما يؤكد أنها ستضمن الجمود السلمي الذي ساد لمدة نصف قرن بين الاتحاد السوفييتي والغرب. فالحرب الباردة، بعد كل شيء، كانت بين قوتين لم تقاتلا بعضهما البعض قط، وكانتا تعتبران نفسيهما متنافستين وليس عدوتين لدودتين. وبعد ثلاث سنوات من إراقة الدماء المروعة، فإن العكس تماماً هو الصحيح بالنسبة لأوكرانيا وروسيا".