سوريا كانت على شفا حرب أهلية
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٤ إلى ١٣ مارس ٢٠٢٥ الموافق ١٣ رمضان ١٤٤٦ هجرية.
- هل أنقذ حكام سوريا الجدد البلد من فخ الاقتتال الطائفي؟
- في ذمة الشرع في أسبوع: ألف قتيل في الساحل؛ واتفاقات تاريخية مع الأكراد والدروز وإعلان دستوري
- أخبار مضللة في خدمة التأجيج الطائفي في سوريا
- ”مرحلة جديدة“ في الحرب في الصومال، أمير شباب الصومالية يوصي باستعدادات غير
- هل يتنبأ الذكاء الصناعي بالجريمة؟
ضيف الأسبوع، عروة عجوب، طالب الدكتوراة جامعة مالمو بالسويد والخبير في الجماعات الجهادية والسلفية
الرعب القادم من الغرب
هل لا زال الوقت مبكراً للحديث عن تجاوز السوريين مأساة الساحل التي بدأت في ٦ مارس؟ هل اتخذت الإدارة الجديدة في دمشق ما يحول دون تكرار ذلك الرعب؟
عملياً، انتهى الاقتتال بين فلول النظام السابق وقوات الأمن والجيش السوري الجديد، لكن الأنباء لا تزال تتواتر عن مقابر جماعية ومفقودين. ولا يزال سوريون يقيمون خارج قراهم خوفاً من الثأر. ولا تزال أصوات طائفية تعلو تدعو إلى القضاء على الآخر.
لكن في بارقة أمل، وعلى الجانب الآخر، لجنة تقصي الحقائق التي شكلها الرئيس السوري أحمد الشرع بدأت عملها بأن حولت إلى القضاء أفراداً متهمين بارتكاب انتهاكات في حق المدنيين. في نفس الوقت، هذا الرعب القادم من الغرب تصادف مع إنجازات تاريخية في الدولة السورية اليوم. يوم ١٠ مارس، وقع الرئيس السوري أحمد الشرع ومظلوم عبدي رئيس قوات سوريا الديمقراطية ”قسد“ اتفاقاً يقضي بدمج ”كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية بما فيها المعابر الحدودية وحقول النفط والغاز.“ عبدي كان قال لمجلة ”المجلة“ يوم ١٧ فبراير إن الشرع ”هو رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا،“ مؤكداً وحدة أرض سوريا وجيشها وعاصمتها وعلمها.
في اليوم التالي، ١١ مارس، أُعلن عن اتفاق مماثل بين مشايخ الدروز في محافظة السويداء والحكومة في دمشق يقضي أيضاً بدمج المحافظة في الدولة السورية. وفي يوم ١٣ مارس، وقع الشرع على مسودة الإعلان الدستوري الذي يكفل الحريات العامة ويضمن وحدة الأرض السورية ويحصر صلاحيات عزل الرئيس أو فصله أو تقليص سلطاته في مجلس الشعب.
ولكن …
بالرغم من بارقة الأمل هذه، لا تزال الأمور غامضة. الجهاديون والإسلاميون عموماً ومنهم معارضون تقليديون لإدارة الرئيس الشرع لا يزالون يشككون في قدرة الدولة على تنفيذ هذه الاستحقاقات، فهم لا يرون في ”الأقليات“ شريكاً في الحكم. وبعض وجهاء الأقليات مثل حكمت الهاجري وتصريحات نُسبت إليه يوم الخميس ١٣ مارس، لا تساعد في تهدئة الأوضاع.
لكن في المقابل، ورغم العنف الذي ساد الساحل طوال أربعة أيام، إلا أنه لم ينتقل إلى مناطق أخرى تسكنها أقليات. وهكذا، انحصر الاقتتال بين طرفين: فلول النظام السابق في الساحل المعروفين ضمن تشكيل درع الساحل؛ والقوات الحكومية في طرف آخر ومعها أرتال المقاتلين الذين لبوا ”النفير.“وهذه مؤازرات كانت مهمة في حسم الاقتتال.
وهكذا، اعتبر معارضو الإدارة الجديدة و- ومنهم جهاديون وإسلاميون – أن ما حدث كان تصديقاً لما حذروا منهم منذ البداية وهو رفض تسليم السلاح ورفض منح العفو لمنتسبي النظام السابق.
حساب أبو يحيى الشامي علق: ”كما أن واجب المرحلة تقتضي الحفاظ على ما أكرمنا الله به من ثمرة الثورة بيقظة السلاح والتكاتف بين الجميع، فلا أحسب أن المكر سينتهي في الأمد القريب.“
حساب من إدلب قال: ”ندفع ضريبة صمتنا خلال ثلاثة أشهر، كل ما وصلنا إليه كان معلوما ولكن أغلب العقول كانت تبرر للواقع وليس بالإمكان أكثر مما كان … ولم يحاسب المجرمون كما ينبغي بل أخذوا صكوك الغفران.“
قناة أبو محمد نصر علق: ”ظهر للجميع أن عقلية الثائر هي التي تبني الدولة بخلاف ما قيل، وظهر أيضا أن الثورة لم تنته بل مازال الطريق طويلا، الأعداء كثر وحتى نبني دولة الحق لابد من هدم دولة الباطل بشكل كامل.“
حساب الذهبي، وهو موالي للهيئة، ”ما يحدث في الساحل … يحتاج يد استئصال وليس يد تصالح .. سياسة الابتسامات الدبلوماسية ..وتقديس أقليات على حساب الأغلبية سياسة يستغلها العدو ..وهي سياسة خاطئة ..“
من خارج سوريا، قال الداعية الجهادي طارق عبدالحليم: ”هذا درس للجولاني … أن “عقلية الدولة” التي روج لها، ولا يزال، لا تناسب إلا غرضه الشخصي بإقامة دولة علمانية. وأن الثورة السورية، التي تحمل شعار الجهاد … هي درع سوريا الحقيقي، لا خرافاته الباردة عن المجتمع الدولي واللقاءات والاجتماعات!“
من المسؤول؟
من المسؤول عن قتل مدنيين من الطائفة العلوية في الساحل؟ خلال أيام الرعب، وجهت أصابع الاتهام إلى فرقة الحمزات والعمشات – التي والت هيئة تحرير الشام طوال السنوات الماضية والتي هي اليوم جزء من وزارة الدفاع الجديدة. وهما فرقتان إشكاليتان أثارتا جدلاً في مناطق شمال سوريا وكانت الهيئة كل مرة تتدخل لإنقاذهما. فهل، تلاحقهم لجنة تقصي الحقائق التي وضعها الشرع؟
يلفت هنا ما قاله حساب أس الصراع في الشام، صالح الحموي، الذي اعتبر أن تشكيل اللجنة أفضل قرار يتخذه الشرع حتى الآن. لكن في المقابل، اعتبر أن
”اتهام فصائل الشمال بالقيام بالانتهاكات .. هروب؛“ معللاً ذلك بأن هذه الفصائل تقع ضمن ولاية وزارة الدفاع وبالتالي ”على الدولة تحمل مسؤولياتها“ وعلى حكام دمشق الجدد أن يقرروا إن كانوا ”دولة أم هيئة.“
التضليل الإعلامي
تميزت أيام العنف في الساحل بتدفق هائل من الأخبار والصور والفيديوهات المضللة لا هدف منها إلا تأجيج الصراع المحموم أصلاً. يتلخص التضليل في أعداد غير دقيقة للضحايا؛ أخبار عن ”إبادة“ تطال العلويين وحتى المسيحيين؛ بالإضافة إلى صور وفيديوهات من أحداث قديمة.
صحفيون سوريون أطلقوا حملات للتحقق من الأخبار مثل حملة Syria Fact Check. وبرزت مؤسسات للتوثيق مثل الشبكة السورية لحقوق الإنسان؛ ومؤسسة مسبار المعنية بكشف الادعاءات المضللة. يلفت في ما كشفته مسبار فيديو روج له حساب روسي باسم Moscow News يقول إنه مقابلة مع داعش في سوريا. مسبار تتبع الفيديو إلى ديسمبر ٢٠١٤ في الموصل بالعراق.
الصومال … مرحلة جديدة
”مرحلة جديدة“ في القتال الذي تخوضه جماعة الشباب الموالية للقاعدة في الصومال ضد القوات الحكومية هناك.
في إصدار قصير بعنوان ”ألا إن نصر الله قريب“ بثته مؤسسة الكتائب الذراع الإعلامية لجماعة شباب، قال أمير الجماعة أبو عبيدة أحمد عمر إن ثمة ”مرحلة جديدة … تدخل الحرب،“ داعياً مقاتلي الجماعة إلى الاستعداد ”لواجبات أكبر وأصعب من الواجبات السابقة.“ منذ بداية رمضان، سيطر مقاتلو الجماعة على مناطق استراتيجية في ولاية شبيلي الوسطى جنوب الصومال حتى باتوا قاب قوسين أو أدنى من العاصمة مقديشو.

داعش الصومال
بتنا نعلم أن داعش الصومال شهد تدفقاً هائلاً للمقاتلين الأجانب من دول أهمها شرق أوسطية مثل العراق وسوريا. وأن هذا التدفق ساهم في تحقيق انتصارات على الأرض لصالح الجماعة المتمركزة في بونتلاند شمال الصومال.
لكن ما لا نعرفه حتى الآن هو أن الغالبية العظمى من قتلى التنظيم في تلك المعارك هي من بين هؤلاء ”المهاجرين.“ حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي أن ٩٥٪ من قتلى داعش في الصومال كانوا من المهاجرين ”الذين لبوا النداء وهاجروا إلى الصومال من الجزيرة العربية وشمال وشرق إفريقية.“
يشرح الحساب المتخصص في كشف خبايا التنظيم أن قيادة التنظيم هناك لا تزال غير واثقة من هؤلاء ”-ومازالت- تحوم حولهم شبهات العمالة والجاسوسية حتى يثبت العكس. ولهذا السبب تحديداً تم حصرهم في الخطوط الدفاعية دون أي تدريب عسكري يذكر.“
في جانب آخر من هذا الملف، يكشف الحساب عن هروب المهاجرين من معسكرات التدريب. الحساب نشر رسالة من أمير مكتب الكرار عبدالقادر مؤمن يشكو فيها ذلك. ويعلق الحساب: ”أما أسباب الهروب فهي الغلو واستحلال دماء المسلمين وأكل أموالهم بدون حق.
وقد اضطرت الولاية لبناء سجون داخلية لحبس المهاجرين الذين فشلوا في الهروب ريثما ينظر التنظيم في أمرهم. بعضهم يعزر بالجلد والسجن، ويتم ارجاعهم للجبهات بحد السيف، وآخرون يحكم عليهم بالقتل لمعرفتهم بخبايا التنظيم، ولأن الولاة يخشون ان تسرب أسرار الولاية للجهات الخارجية.“
التنبؤ بالجريمة
هل تذكرون فيلم Minority Report لـ توم كروز من العام ٢٠٠٢؟ فيه يحاول علماء التنبؤ بالجريمة قبل وقوعها من خلال تحليل الأحلام. هل يحاكي الفن الواقع؟ يبدو ذلك. في آخر أخبار الذكاء الصناعي AI، علماء يطبقون مبادئ إنسانية أساسية من أجل التنبؤ بالجريمة.
شركة التقنية اليابانية Fujitsu تعمل مع Nvidia للذكاء الصناعي على مشروع لتحليل الفيديوهات وقراءة لغة الجسد وتفسير المشاعر وخاصة الغضب؛ وبالتالي توقع ما إذا كان شخص او مجموعة أشخاص على وشك ارتكاب جريمة.
يقول المشرفون على المشروع إنهم بدأوا بتحليل كاميرات المراقبة CCTV الموجودة في كل مكان ولكن التي يصعب تتبعها مباشرة. وهنا يأتي دور الذكاء الصناعي في تحليل الصور الملتقطة والإشارة إلى موطن خلل أو تهديد واستدعاء الأجهزة الأمنية فوراً. وبالعودة إلى فيلم Minority Report، لنتذكر أن القصة انتهت بالتلاعب في ذلك النموذج واستغلاله لإخفاء الجريمة بدل منعها!