Advertisement
في هذا السياق، تبدو القوات اللبنانية في موقع المستفيد الأكبر، إذ إنها تعمل على تحقيق طموحها الانتخابي من خلال تعزيز حضورها البلدي في المناطق المسيحية، مما سيجعلها أكثر قدرة على فرض نفسها كقوة سياسية رئيسية قبل الانتخابات النيابية المقبلة. وإذا نجحت في تحقيق النتائج التي تطمح إليها، فإن ذلك سيجعلها مصدر "رعب" انتخابي وسياسي لخصومها، حيث ستظهر كقوة صاعدة قادرة على استقطاب الناخبين وتعزيز نفوذها الشعبي، ما سيؤدي إلى إضعاف القوى الأخرى التي ستجد نفسها أمام تحديات كبيرة في المواجهة الانتخابية المقبلة.
من جهة أخرى، تسلط هذه الانتخابات الضوء على أهمية النظام النسبي بالنسبة للمسيحيين، خصوصًا بعد الأضرار التي يتعرضون لها في الانتخابات البلدية، وتحديدًا في بيروت حيث تبرز الحاجة إلى تمثيل أكثر عدالة يراعي التنوع السياسي والطائفي. هذه التجربة البلدية ستعيد طرح النقاش حول قانون الانتخابات النيابية، حيث سيجد المسيحيون أنفسهم أمام خيار التمسك بالنظام النسبي كضمانة لتمثيلهم العادل، بعدما أثبتت الانتخابات البلدية أن النظام الأكثري قد يؤدي إلى تهميشهم في بعض المناطق.
إلى جانب ذلك، من الواضح أن تحالفات انتخابية نيابية بدأت تتشكل على هامش هذه الانتخابات البلدية في أكثر من بلدة، حيث بدأت بعض القوى السياسية في اختبار قدرتها على التعاون ضمن تحالفات محلية، وهو ما قد يتطور خلال الأسابيع المقبلة ليأخذ شكل تفاهمات أوسع تمتد إلى الانتخابات النيابية. فهذه التحالفات قد تكون بمثابة مقدمة لتحالفات أكبر وأكثر تأثيرًا، ما يجعل الانتخابات البلدية محطة اختبار حقيقية للخيارات السياسية المقبلة، ويؤكد أن نتائجها لن تقتصر على المجالس المحلية، بل ستكون لها انعكاسات مباشرة على مستقبل الاصطفافات السياسية في البلاد.