ذكر موقع "Responsible Statecraft" الأميركي أن "طبول الحرب بدأت تُقرع بشكل أكبر في واشنطن. في الأسابيع الأخيرة، دعت العديد من الأصوات المحافظة الجديدة نفسها التي دفعت الولايات المتحدة إلى العراق إلى توجيه ضربات لإيران. ومرة أخرى، تُروّج جماعات مثل مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى للمواجهة، مدّعيةً أنه قد لا يكون هناك وقت أفضل للتحرك. لكن هذا وهمٌ خطيرٌ يُهدّد بعرقلة ما يقول دونالد ترامب نفسه إنه يريده: اتفاق، لا حربًا كارثية أخرى في الشرق الأوسط. وفي الواقع، إن الحرب مع إيران لن تُعرّض الولايات المتحدة لصراعٍ لا نهاية له فحسب، بل ستُقوّض أجندة ترامب الأوسع نطاقًا في الداخل والخارج".
Advertisement
وبحسب الموقع، "من شأن صراع كبير أن يستنزف موارد الولايات المتحدة واهتمامها، ويصرف الانتباه عن الأولويات المحلية، ويُضعف نفوذ أميركا على كافة الجبهات: الصين، وروسيا، وأوروبا، والتجارة. وقد تغتنم أوروبا الفرصة لإطالة أمد دعمها للحرب في أوكرانيا، ومقاومة مساعي ترامب لإعادة ضبط العلاقات عبر الأطلسي. وقد يستغل شركاء تجاريون مثل المكسيك وكندا والهند وغيرهم انشغال أميركا لانتزاع تنازلات غير متوازنة. ومن المرجح أن تُؤدي ضربة أحادية الجانب إلى تفكك المجتمع الدولي. كما وستشير روسيا والصين إلى العدوان الأميركي باعتباره التهديد الحقيقي، مما يُقوّض صدقية أميركا في الأمم المتحدة وخارجها. كما وقد تأتي الضربة بنتائج عكسية وتدفع إيران إلى فعل ما يقول ترامب إنه يريد منعه: بناء قنبلة نووية. كما ومن المرجح أن يُحفّز الهجوم عناصر أكثر تشددًا في إيران، ويُوفّر المبرر السياسي للانطلاق نحو امتلاك سلاح نووي".
ورأى الموقع أن "التاريخ قد يُخلّد ترامب، ليس بصفته الرئيس الذي حلّ الأزمة الإيرانية، بل بصفته الرئيس الذي أصبحت إيران تحت قيادته دولة نووية. هذا ليس الإرث الذي يريده، ولا الإرث الذي تستطيع البلاد تحمّله. ودق ترامب مؤخرًا ناقوس الخطر حين أعلن: "سيحدث شيء ما لإيران قريبًا". لكنه أوضح أيضًا: "نأمل أن نتمكن من التوصل إلى اتفاق سلام. لا أتحدث من منطلق القوة أو الضعف، بل أقول فقط إنني أُفضّل رؤية اتفاق سلام على الخيار الآخر". هذه ليست كلمات مُحرِّض حرب، بل كلمات مُفاوض، شخص لا يزال يُدرك قيمة الدبلوماسية. وتكمن المشكلة في أن العديد من الأصوات الصاخبة التي تُشكل السياسة تجاه إيران تعمل بنشاط على تخريب أي مسار دبلوماسي واقعي. يتحدثون عن رغبتهم في "صفقة"، لكن ما يطالبون به في الواقع هو استسلام إيران. وفي الواقع، لا يمكن لأي حكومة إيرانية قبول مثل هذه الشروط".
وبحسب الموقع، "الآن هو الوقت المناسب للاستفادة من الضغط الأميركي الحالي، ليس بالاستمرار في مسار تصعيدي يؤدي إلى الحرب، بل باستغلال النفوذ الذي بُني للتوصل إلى اتفاق أفضل، اتفاق يوفر قيودًا صارمة، وشفافية أكبر، وأمنًا أفضل للولايات المتحدة على المدى الطويل. في المقابل، تُروّج الأصوات المتشددة مجددًا لوهمٍ مفاده أن ضرب إيران سيكون سريعًا وفعالًا. في الواقع، ستكون هذه الضربة بداية لحرب أخرى لا نهاية لها في الشرق الأوسط. كما وسيحمل صراعٌ كهذا تكاليف اقتصادية باهظة، بدءًا من الارتفاع الهائل في أسعار النفط وصولًا إلى عدم الاستقرار في أنحاء الشرق الأوسط. المطلوب الآن هو استراتيجية عملية لتهدئة التوتر وإعادة الانخراط، استراتيجية تُقدم لإيران حوافز موثوقة في مقابل حدود نووية قابلة للتحقق، لكنها لا تتطلب تفكيك برنامجها النووي بالكامل".
وتابع الموقع، "لا يوجد اتفاق مثالي، لكن الحل الأمثل هو اتفاق يكبح البرنامج النووي الإيراني، ويجنب الحرب، ويبقي الولايات المتحدة في موقع القيادة".