لا للمفاوضات المباشرة ولا للتطبيع... هذا ما أبلغه لبنان الرسمي لاورتاغوس - خليج نيوز

الذين سمعوا ما صرّحت به نائبة المبعوث الأميركي الى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس من على أبواب القصر الجمهوري في زيارتها الأولى للبنان تفاجأوا بجرأتها في قول الأمور كما هي بعيدًا عن الديبلوماسية، التي كان يتوجّه بها سلفها آموس هوكشتاين، والذي كان يوجّه الرسائل التي كان يريد إيصالها، ولكن بلغة محبّبة إلى حدّ ما. ولكن الفرق بين الاثنين أن أورتاغوس تنطق باسم دونالد ترامب المثير للجدل في ما يتخذه من إجراءات في كل المسائل التي لها علاقة مباشرة بالاقتصاد الأميركي قبل أي مسألة أخرى. أما هوكشتاين فكان ينطق باسم الرئيس الأميركي السابق جو بايدن. وبهذا الفرق أتت المندوبة الأميركية إلى لبنان مرّة جديدة مع ما تحمله معها من شروط أميركية على لبنان الرسمي، الذي واجهها هذه المرّة بموقف واحد وموحد ومنسّق بين الرؤساء الثلاثة.

Advertisement

ولكن هذا الموقف اللبناني لم يحل دون ابلاغ المندوبة الأميركية الرؤساء الثلاثة ما تريد ابلاغهم به بلهجة مشابهة هذه المرّة في حدّيتها بالمرّة السابقة، خصوصًا ما له علاقة بالشروط الأميركية الأربعة، التي سبق وأن وضعتها واشنطن، وتتعلّق بإنشاء ثلاث لجان متخصصة للبحث في ملف الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل، والانسحاب من التلال الخمس، وحلّ مسألة النقاط الـ 13 المتنازع عليها عند الخط الأزرق، وإعادة إعمار لبنان ولا سيما الجنوب وعودة سكّانه اليه.

فإذا لم يوافق لبنان على هذه الشروط فإن واشنطن لن تذهب بعيدًا في إعادة الإعمار، خصوصًا أن قصف إسرائيل للبيوت الجاهزة التي يقيمها الأهالي مكان منازلهم المدمّرة في القرى الحدودية لخير دليل على أن كلًا من واشنطن وتل أبيب يربطان مواقفهما من إعادة الاعمار بمدى تجاوب لبنان الرسمي مع هذه المطالب. إلا أن تمسّك لبنان بما يتوافق مع السيادة الوطنية قد يدفع إلى المزيد من التوترات، وربما إلى عودة الحرب بكل ما فيها من مآسٍ لم يعد اللبنانيون قادرين على تحمّل نتائجها.

ومن بين المطالب التي يتمسك بها لبنان هي:

أولًا، تطبيق القرار 1701 باعتباره ركيزة أساسية لوقف إطلاق النار بين "حزب الله" وإسرائيل. ويضاف إليه تطبيق القرار 425 الذي هو جزء من القرار المذكور، لجهة انسحاب القوّات الإسرائيلية من الأراضي المحتلة، بما فيها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والنخيلة والجزء الشمالي من بلدة الغجر، إضافة إلى النقاط الخمس، مع إصرار إسرائيلي على إبقاء احتلالها لها.
ثانيًا، وقف الخروقات والاعتداءات المتواصلة على السيادة اللبنانية منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ وحتى الساعة.

ثالثًا، الذهاب الى تفاوض غير مباشر على ترسيم الحدود البريّة استنادا الى الاتفاقيات الدولية، وبالعودة الى اتفاقية الهدنة 1949، عبر لجنة واحدة هي اللجنة الثلاثية العسكرية - التقنية المعنية بمعالجة النقاط الحدودية العالقة، أو لجنة المراقبة الخماسية في حال متابعة عملها.

رابعًا، عدم ربط إعادة إعمار لبنان بأي أمر آخر، لا سيما بالتطبيع مع إسرائيل.

واستنادًا إلى هذه النقاط الأربع يمكن القول بأن ما تطالب به واشنطن يتعارض مع ما يريده لبنان. فالولايات المتحدة الأميركية تضغط على لبنان لكي يبادر إلى نزع السلاح غير الشرعي، الذي لا يزال يحتفظ به "حزب الله". إلاّ أن الأميركيين يعرفون قبل غيرهم مدى صعوبة تحقيق هذا الأمر بين ليلة وضحاها، ويعرفون أيضًا أن "الحزب" لن يتخّلى عن سلاحه بهذه البساطة.
أمّا لجهة ما تطالب به واشنطن لجهة تشجيع لبنان على التفاوض المباشر مع إسرائيل في ملف ترسيم الحدود البرية كمقدمة لازمة لما يرفضه لبنان رفضًا تامًا، وهو الوصول إلى نوع من التطبيع، بحيث يأتي انسحاب إسرائيل تلقائيًا وطبيعيًا، في حين يُطالب لبنان بالانسحاب الكامل أولاً، وبوقف الخروقات للسيادة اللبنانية ثانيًا، على أن يأتي الترسيم في مرحلة لاحقة ومكّملة لعملية الانسحاب ووقف خرق اتفاق وقف النار. أمّا الحديث عن مفاوضات مباشرة بينه وبين إسرائيل فهو مرفوض في المطلق. وكذلك الأمر بالنسبة إلى التطبيع. أمّا بالنسبة إلى سلاح "حزب الله"، فإن الحلّ له لن يكون إلاّ عن طريق الحوار الداخلي، الذي يؤدي إلى وضع استراتيجية وطنية تتضمن استراتيجية دفاعية. وهذا ما أكدّه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في أكثر من موقف من دون أن يتعارض ما يقوله بعدما رأى روما من فوق مع ما سبق أن قاله في خطاب القسم، وهو لم يكن قد رأى ما رأه قبل صعوده إلى أسطح روما.
فالبيانات الرسمية التي صدرت عن المكاتب الإعلامية في كل من القصر الجمهوري و"عين التينة" والسراي الحكومي أكدت على مسألة مشتركة وهي أن أجواء اللقاءات مع اورتاغوس كانت إيجابية، من دون الإشارة لا من قريب ولا من بعيد إلى ما يُحكى عن شروط أميركية.  

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق "دولار لبنان" ينتظر "منصة مهمة" - خليج نيوز
التالى هذا ما تحتاج إليه الحكومة لكسب ثقة الناس - خليج نيوز