Advertisement
في الوقت الراهن، تستمر الضغوط السياسية والإعلامية ضد "حزب الله"، وهي ضغوط تهدف إلى انتزاع مكاسب سياسية بعد ما يعتبره خصومه هزيمة عسكرية أصيب بها في المرحلة الماضية. هذا التصعيد لا يبدو ظرفيًا أو عابرًا، بل هو مرشح للاستمرار حتى موعد الانتخابات، ويبدو جزءًا من خطة مدروسة تهدف إلى تطويق الحزب وإضعافه سياسيًا بعد استنزافه عسكريًا. خصوم الحزب يستخدمون هذا المناخ لتعبئة جمهورهم وزيادة زخمهم الشعبي والانتخابي، في محاولة لكسب معركة طويلة الأمد تبدأ من صناديق الاقتراع ولكن لا تنتهي عندها.
من هذا المنطلق، يمكن فهم غياب أي دعم مالي فعلي للبنان في هذه المرحلة، رغم أن التركيبة السياسية الحاكمة تُعدّ من حلفاء الخليج العربي والسعودية والغرب. هذا الغياب ليس مجرد صدفة أو إهمال، بل هو رسالة واضحة تعكس الرغبة في انتظار تغيير فعلي في موازين القوى، لن يأتي إلا عبر الانتخابات المقبلة. أي دعم خارجي اليوم سيكون بمثابة تعزيز لوضع سياسي غير محسوم بعد، وبالتالي فإن الانتظار هو الخيار المعتمد لدى الأطراف الإقليمية والدولية.
هذا الواقع مرشح للاستمرار حتى موعد الانتخابات، التي ستشكل مفترق طرق حقيقيا. فإما أن يحقق خصوم "حزب الله" انتصارًا نيابيًا واسعًا يمكّنهم من السيطرة على القرار السياسي بشكل كبير ولأمد طويل، أو أن يتم الحفاظ على التوازن النيابي القائم مع بعض التعديلات الطفيفة. في الحالة الثانية، سيكون المجال مفتوحًا أمام عودة نوع من التوازن السياسي، ولو جزئيا، خصوصًا إذا استطاع الحزب ترميم قدراته العسكرية وإعادة تنظيم صفوفه. حينها قد يدخل لبنان في مرحلة جديدة تختلف عن كل ما سبق، مرحلة يُعاد فيها إنتاج النظام السياسي بناءً على الوقائع التي فرضتها التطورات الأخيرة.