"حزب الله" والرئيس.. تقاطع مرحلي مفيد - خليج نيوز

في ظل الضغوط الإقليمية والدولية المتزايدة على لبنان، برز موقف رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون كمؤشر مهم على المسار الذي قد تسلكه البلاد في الأشهر المقبلة. هذه الضغوط، التي تستهدف بشكل أساسي "حزب الله" وسلاحه، لم تُقابل من قبل رئاسة الجمهورية بمواقف متشنجة أو تصعيدية، بل بسلوك سياسي متزن من رأس الدولة، يشي برغبة في احتواء الأزمة بدل تفجيرها.

Advertisement


الرئيس، وإن لم يكن في الأصل خيار "الثنائي الشيعي، أبدى منذ لحظة انتخابه مقاربة مختلفة، ترتكز على التوازن بين متطلبات الخارج وحسابات الداخل. فهو من جهة لا ينكر أحقية المجتمع الدولي بالمطالبة بحصر السلاح بيد الدولة، بل يتبنى هذا المطلب كعنوان إصلاحي، ويعمل على تقديم خطاب رسمي متناغم مع هذه الدعوات، مراهنًا على استعادة الثقة الدولية بلبنان. لكنه من جهة ثانية، يرفض الانخراط في أي مشروع صدامي قد يهدد السلم الأهلي، ويدعو بدلًا من ذلك إلى الحوار والانفتاح، مدركًا أن المواجهة المفتوحة مع "حزب الله" تعني الذهاب نحو المجهول.

ما يُلاحظ بوضوح هو أن هذا التموضع الوسطي يُريح حارة حريك، التي تواجه عاصفة خارجية غير مسبوقة، وتبحث عن مظلة سياسية تخفف عنها الضغط وتمنحها هامش مناورة في لحظة شديدة التعقيد. وفي المقابل، يحصل الرئيس على دعم ضمني من "حزب الله" بما يعزز موقعه الداخلي ويكرّس دوره كضامن للتوازنات الهشة.

هذا التقاطع في المصالح لا يعني تحالفًا استراتيجيًا بالمعنى التقليدي، بل هو أقرب إلى تفاهم ظرفي، يسمح لكل طرف بتحقيق جزء من أهدافه من دون خسائر كبيرة. وهو ما يجعل المشهد السياسي اللبناني اليوم أكثر ضبابية، لكنه في الوقت نفسه أقل قابلية للانفجار الفوري.

إن إدارة الرئيس للعلاقة مع المجتمع الدولي، وقدرته على مخاطبة العواصم الغربية بلغة المؤسسات، تعزز صورته كرجل دولة يُحسن قراءة اللحظة السياسية، ويعرف حدود التأثير وحدود الاشتباك. وهو بذلك يُبقي الباب مفتوحًا أمام تسويات كبرى قد تعيد رسم معادلات القوة في لبنان والمنطقة، من دون أن يدفع البلد ثمنًا باهظًا في الأمن أو الاستقرار.

لبنان اليوم في لحظة مفصلية، وما يفعله رئيس الجمهورية هو محاولة لربح الوقت واحتواء الازمة، بانتظار أن تنضج التسويات الكبرى. هذا الخيار قد لا يكون كافيًا لحل الأزمة، لكنه على الأقل يمنح البلاد فرصة لتجنّب الأسوأ.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق أزمة المياه تهدد لبنان... هل تنقذه خطة طوارئ مائية؟ - خليج نيوز
التالى هذا ما تحتاج إليه الحكومة لكسب ثقة الناس - خليج نيوز