يواجه العمال في لبنان تحديات هائلة تتمثل في هزالة المداخيل وغياب التغطية الصحية والاجتماعية، مما يجعلهم عرضة للاستغلال والخضوع لظروف عمل غير لائقة. لم تكن أوضاع عمال لبنان قبل الأزمة المالية أفضل حالاً مما هي عليه اليوم، إنما كانت أقل سوءاً على الصعد كافة.
Advertisement
في حين يحتفل العالم بعيد العمال غدا في الاول من أيار ، يواجه العمال في لبنان واقعًا قاسيًا. حيث سيضطر بعض العمال إلى مشاهدة الإحتفالات السنوية التي تُقام باسمهم وهم غارقون في عملهم خوفًا من خسارته، وذلك في ظلّ غياب نقابات فعالة تحمي حقوقهم.
ويصادف عيد العمال العالمي، في وقت يواجه فيه عمال لبنان وتحديدا أهالي الجنوب، تداعيات الأزمة مع إسرائيل لتفاقم ما يعيشونه من صعوبات معيشية واجتماعية وأمنية.
وتقول صاحبة شركة "lunar cosmetics" السيدة ايناس الخطيب أن "العمال هم الركيزة الأساس في دورة الانتاج العامة، وكما كل عام يأتي عيد العمال على اللبنانيين وفي قلبهم غصة، وهذا العام اضيف الى حسرتهم حرمانهم من عملهم في جنوب لبنان بسبب العدوان الاسرائيلي المتواصل".
وأضافت الخطيب أن " في عيدهم العالمي، يدفع عمال لبنان فاتورة باهظة. وأمام حجم المأساة، لم يعد النضال من أجل لقمة العيش كما يفعل بقية عمال العالم، وفي لبنان حيث تطل الحرب برأسها، هربت الاستثمارات وانقطعت أرزاق آلاف العمال".
وحسب الخطيب، تفاقمت ظروف القطاع غير المنظم والأوضاع الهشة لأكثر المواطنين اللبنانيين حرماناً، وكذلك اللاجئين السوريين والفلسطينيين المقيمين في لبنان، في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية المزرية والمتدهورة بسرعة في البلاد. فإن السلطات الرسمية لا تأخذ مسائل العمال على محمل الجد، ولا تضع الرؤية الواضحة للسياسات الاجتماعية وقضايا العمال كسائر الدول.
وأشارت الخطيب بأن لبنان يشهد، منذ العام 2005، تبايناً كبيراً في توزيع الدخل والثروة على السواء. ففي المتوسط، تستأثر فئة الـ 1 في المئة من السكان الأكثر ثراءً على 25 في المئة من الدخل الوطني، بينما تحصل الفئة الأكثر فقراً وتشكل الـ 50 في المئة من السكان على أقل من 10 في المئة. أما فيما يتعلق بالثروة، تملك الفئة الأكثر ثراء وتشكل الـ10 في المئة من مجمل عدد السكان حوالي 70 في المئة من إجمالي الثروة. ونتيجة لذلك، تواجه الطبقة الوسطى والفقراء فرصاً محدودة لتحقيق الإرتقاء الإجتماعي.
وأوضحت أن "كل الزيادات على الرواتب مهددة بفقدان قيمتها في حال ارتفع سعر صرف الدولار مرة أخرى، وأمام هذا الواقع، نطالب بحل سياسي وبداية حل اقتصادي يؤدي إلى وقف صعود سعر صرف الدولار".
وقالت الخطيب أن " العمل السياسي في لبنان احتكاري بامتياز رغم كل الضجيج الإعلامي عن قوى السوق في المجال الاقتصادي. شركة واحدة تسيطر على السوق وتفرض أسعارها، ثم تمدد في أعمالها الاحتكارية وإن كره الكارهون".
وتابعت بالقول "يعاني عمال لبنان من غياب إطار قانوني فعال يحمي حقوقهم ويضمن لهم ظروف عمل لائقة. فقانون العمل اللبناني يعاني من ثغرات كثيرة، منها ما هو متعمّد، تجعل منه قانوناً عاجزاً عن توفير الحماية للعمال وضمان حقوقهم. ويُضاف ذلك إلى تشوهات في سوق العمل وغياب المساواة وتفاوت الأجور وانتهاك حقوق العمال واستغلالهم، ما يدفع الكثيرين منهم للعمل في ظل ظروف غير إنسانية على الإطلاق".
وشددت الخطيب على أن استمرار الحرب قد يرفع نسب البطالة إلى نصف الشعب اللبناني، مما يشكل أزمة اجتماعية واقتصادية خطيرة، وأن "الصراع للبقاء" في لبنان أصبح عنوان المرحلة الحالية، وذلك الواقع يهدد لقمة عيش مئات الآلاف من العمال، كما أنه يعطل عجلة الاقتصاد بشكل كامل.
وأوضحت أن أبرز المشاكل هي عدم تمتع وزارة العمل بسلطة إرغام رب العمل على إعطاء الحق للأجير، إنما تدعو الأجير ورب العمل وتحاول التوفيق بينهم، وعادة ما لا يستجيب رب العمل. ويزداد الوضع سوءاً بسبب افتقار لبنان إلى نظام حماية اجتماعية يرتكز على حقوق الانسان، والنظام بصيغته الحالية له تأثير محدود في الحد من الفقر، ويميل على نحو كبير إلى حماية ذوي الدخل المرتفع.
سوف يمرّ عيد العمال على الموظفين اللبنانيين مصحوباً بجملة تحديات وظيفية، حيث تفاقمت المعاناة، ولم تعد المطالب تقتصر على تحسين الأجور، بقدر ما تطالب بإجراءات هيكلية تعزز العمل في الإدارات العامة، وتمنح الموظفين ما يمكّنهم من البقاء على قيد الحياة.