معلولا.. بلدة التاريخ والإيمان المنسية في جبال القلمون
معلولا تلك البلدة السورية الجميلة التي تتوسط جبال القلمون والتي عاشت لآلاف السنين تحكي قصص البطولات والمآسي عبر العصور.
تقع بلدة في جبال القلمون شمال دمشق، وهي واحدة من أقدم البلدات المسيحية في العالم، وتُعد من القرى القليلة التي ما زال سكانها يتحدثون اللغة الآرامية، لغة السيد المسيح. تعني كلمة “معلولا” بالسريانية “المدخل”، ويُعتقد أنها تأسست منذ أكثر من ألفي عام.
اشتهرت البلدة بأديرتها وكنائسها القديمة، مثل: دير القديسة تقلا: الذي يُعد من أبرز المعالم الدينية في المنطقة.
دير القديس سركيس وباخوس: وهو من أقدم الأديرة في الشرق الأوسط.
على مر القرون، كانت معلولا رمزًا للتعايش بين المسلمين والمسيحيين، وعرفت بسكانها من الطوائف المسيحية، لا سيما الروم الأرثوذكس والروم الكاثوليك.
كاميرا أخبار الآن التقت بعدد من سكان البلدة الذين أكدوا خلوها الآن من أي زوار أو سياح أجانب باستثناء بعض الزوار الذين يأتون من القرى القريبة.
كيف كان يعيش المسيحيون سابقًا؟
في الماضي، كان المسيحيون في معلولا يعيشون حياة بسيطة لكن مستقرة، تعتمد على الزراعة والسياحة الدينية، والصناعات اليدوية. كانت البلدة تستقبل الحجاج والسياح من كل أنحاء العالم، لما تمثله من قيمة دينية وتاريخية، ما ساهم في تنشيط اقتصادها المحلي.
كما كان المسيحيون يتمتعون بحرية العبادة والاحتفال بأعيادهم الدينية، وكانت البلدة تشهد احتفالات كبرى في مناسبات مثل عيد مار تقلا، حيث يتوافد الآلاف إليها.
معلولا بعد الحرب.. معاناة وتهجير
منذ اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، لم تسلم معلولا من ويلات الصراع. ففي عام 2013، تعرضت لهجوم من جماعات مسلحة، وأدى القتال إلى تدمير أجزاء كبيرة من البنية التحتية، وتهجير معظم السكان المسيحيين. كما تم خطف عدد من الراهبات من دير القديسة تقلا لفترة قبل الإفراج عنهن.
ورغم استعادة الحكومة السورية السيطرة على البلدة، إلا أن الدمار ما زال واضحًا، والعودة كانت محدودة. كثير من أبناء البلدة ما زالوا في المهجر أو نزحوا إلى دمشق وبلدان أخرى. وتواجه البلدة اليوم صعوبات كبيرة في إعادة الإعمار، وضعف الخدمات الأساسية.
وهذا ما اكدة وكيل كنيسة القديس جاورجيوس لأخبار الآن: بأن الدمار عم كامل أجزاء البلدة وتم حرق عدد من الكنائس ولكن أعيد ترميمها مه بقاء مواقع أخرى لم يتم ترميمها بعد.
المسيحيون في ظل الحكومة الحالية
تعاني المدينة اليوم من قلة الدعم الحكومي لإعادة الإعمار، وهناك إهمال البنية التحتية، من كهرباء وماء وخدمات طبية.
وغياب المشاريع التنموية لإحياء السياحة الدينية والاقتصاد المحلي، كما أن الأهالي يتخوفون من العودة بسبب الوضع الأمني الهش.
ويشعر كثير من أبناء البلدة بأنهم مهمشون، ويعانون من تمييز غير معلن في فرص العمل والخدمات. كما أن الكثير من العائلات المسيحية تواجه صعوبات في تأمين لقمة العيش، خصوصًا في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة.
ماذا تحتاج معلولا؟
بحسب لقائنا مع عدد ممن أهالي البلدة تبدو مطالبهم بسيطة للغاية فهم يريدون أولا إعادة الإعمار والبنية التحتية وإصلاح البيوت المهدّمة بسبب المعارك التي دارت في البلدة.
وتأهيل الأديرة والكنائس التي تضررت، باعتبارها قلب الحياة الروحية والسياحية في معلولا، إضافة إلى تطوير الطرق وشبكات الكهرباء والماء، التي لا تزال ضعيفة أو مدمّرة.
وتوفير مراكز طبية وخدمات صحية حديثة بعد غياب طويل لها.
واكد أهالي البلدة أن الأهم تشجيع الأهالي على العودة من خلال توفير ضمانات أمنية حقيقية لهم، كي يعودوا إلى منازلهم، وتعويضات عادلة للمتضررين والمهجّرين.
وحوافز اقتصادية للسكان مثل إعفاءات ضريبية أو دعم مالي لإعادة بناء منازلهم.
بلدة معلولا، التي كانت يومًا ما رمزًا للسلام والتعايش، تحولت اليوم إلى قرية شبه منسية تعاني من الإهمال والتهجير. ورغم أن بعض سكانها لا يزالون متمسكين بالأمل والعودة، إلا أن الطريق ما زال طويلًا أمام إعادة الحياة إلى هذا المعلم التاريخي والديني العريق.