الثابت منذ بداية العام 2024 وحتى نهايته هو أمرٌ واحد يتمثل بـ"ثبات مصرف لبنان" رغم كل الهزات الأمنية التي شهدها لبنان وأبرزها الحرب التي خاضها ضدّ إسرائيل وتوسعت خلال شهر أيلول الماضي.
Advertisement
يُدرك مصرف لبنان حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه في ظلّ الأوضاع الحالية، فإن كان الإستقرار الأمني مهماً، يبقى أيضاً الإستقرار المالي على رأس الأولويات، ولو حصلت خضات نقدية خلال الحرب على سبيل المثال، لكانت الظروف تدهورت أكثر ولكان اللبنانيون دخلوا في ضائقة كبرى لم يستطيعوا الخروج منها بتاتاً.
عملياً، نجح مصرف لبنان في ضبط السوق خلال الـ2024، وما كان هذا الأمر ليحصل من دون توجيهات حكومية وعملٍ مستمر ودؤوب شهدته أروقة السرايا باستمرار لضمان الاستقرار المالي مع تثبيت أولوية صدور الموازنات في موعدها وعدم التردد في إضفاء التحسينات والتعديلات المناسبة على الرواتب لضمان استمرار مرافق الدولة ومؤسساتها رغم كل الأزمات الحاصلة.
هذا الأمر لا ينكره أحد وما من جهة تستطيعُ نفيه، وما حصل هو أنّ سياسة الحكومة الحالية التي يرأسها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، عملت فعلياً على وقف الإنهيار الذي كان يتزايد سابقاً، وما يظهر من خلال الممارسات الفعلية هو أنّ السعي لإعادة بناء ما تهدّم مالياً قائم على قدمٍ وساق لاسيما من ناحية الالتزام بالشفافية وإعادة الثقة الدولية بلبنان وتفعيل كل الوسائل التي تعزز مكانته المالية بعد الأزمة التي بدأت عام 2019.
لكن ما الذي ينتظرنا في الـ2025؟ ما هو مصير الدولار الذي لا يمكن التكهن بـ"طلعاته ونزلاته" وسط التذبذب المالي الذي يشهده لبنان؟
تقول مصادر اقتصادية لـ"لبنان24" إنَّ لبنان أمام استحقاقات مفصلية عام 2025 تتصلُ بتصنيفاته المالية الخاصة بمجموعة العمل المالية، فهو أمام اختبارات جدية تتصلُ بضرورة تقليص "اقتصاد الكاش" الذي أثر على صورته المالية وعلى "مصداقية" تعاملاته المالية ومصادر الأموال الداخلة والخارجة منهُ.
لا يُخفي مصدر اقتصاديّ مخاوفه من أن تكون نتائج الحرب "العامل السلبي" المؤثر على الحركة المالية خصوصاً لناحية عملية إعادة الإعمار، ويشيرُ إلى أن دخول أموالٍ "كاش" إلى لبنان لا يعني استقرار الدولار في الـ2025 بل سينعكس سلباً على الحركة المالية وسيساهم في التأسيس لعمليات تزوير كثيرة وتفعيل "اقتصاد الكاش" أكثر، ما يعني دخول لبنان في مراحل غير مطلوبة على صعيد صورته المالية أمام الدول.
لهذا السبب، فإن سعر دولار لبنان في العام 2025 لا يكون بـ"أمان"، بحسب المراجع الإقتصادية، إلا من خلال تفعيل عمل المؤسسات المصرفية والمالية، وهذا الأمر سينسحب تماماً على مختلف القطاعات الاقتصادية والإنتاجية. وهنا، تلفت المراجع إلى أن استعادة المصارف لنشاطها التسليفيّ سيحفز الاقتصاد والنمو وبالتالي دخول دولارات جديدة إلى البلد وتحريك العجلة الإقتصادية.
بالنسبة للمراجع، فإنَّ دور مصرف لبنان حاسمٌ في كل هذا الأمر، وينطلق من أهمية الترتيبات التي يجعلها حاضرة وفاعلة لتفعيل دور المؤسسات المالية انطلاقاً من قاعدة الحفاظ على الاستقرار النقدي من دون المساس بالموجودات والاحتياطيات النقدية والتي تم جمعها بـ"السراج والفتيلة" خلال الفترة الماضية بعد استنزاف كبير طالها على عهد منصة "صيرفة" التي استفاد منها الكثيرون وجنوا أرباحاً طائلة غير مبررة.
0 تعليق