انتشار ظاهرة تجارة العملات الأجنبية في سوريا بشكل علني
مشهد كان يُعتبر جريمة تستوجب الاعتقال أصبح اليوم أمرًا عاديًا في شوارع سوريا. في وضح النهار، وعلى مرأى من الجميع، تُباع وتُشترى العملات الأجنبية، خاصة الدولار الأمريكي، في الشوارع والأسواق حيث تلاشت القيود القانونية والأمنية، وحل مكانها اقتصاد السوق السوداء الذي أصبح جزءًا من الحياة اليومية للسوريين.
فمع دخولك إلى أحد أسواق دمشق المزدحمة، تلاحظ عددًا من الباعة على قارعة الطريق وأمامهم رزم كبيرة من الليرة السورية يبادلونها بالدولار بسعر يختلف عن سعر البنك المركزي، يتفاوضون دون خوف.
تجارة العملة
محمد عبد الكريم شاب سوري يعمل في تجارة العملة قال لأخبار الآن عندما سألناه كيف يقوم بهذا الأمر ومنذ متى بدأ العمل في هذه التجارة قال:
كنت أتاجر بالعملة منذ النظام السابق ولكن بالسر والخفاء خوفا من المحاسبة والمحاكمة حيث هذه التجارة كانت تعتبر محظورة وتعتبر جريمة اقتصادية وحكمها السجن المؤبد، ومع ذلك كنا نصرف الدولار في دائرة ضيقة تقتصر على الأقارب والأصدقاء أو أي أحد من طرفهم.
واليوم أصبحنا نبيع الليرة في الشارع دون خوف لعدم وجود رقابة، أو قوانين توقف عملنا.
موظف يحمل كيسا من النقود في سوريا (رويترز)
السوق السوداء
ما كان يُعرف بالسوق السوداء أصبح الآن السوق الرئيسي لتبادل العملات، وهذا منذ أيام نظام بشار الأسد المخلوع، حيث يعتمد عشرات آلاف السوريين في الداخل على الحوالات التي تأتيهم من الخارج من أبنائهم وبناتهم واقاربهم، وكان النظام السوري يخفض سعر الدولار بشكل مبالغ فيه في ظل ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، فكان الناس يلجأؤن إلى السوق السوداء.
محمد يضيف لأخبار الآن:
العائلات تأتيها الحوالات من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وكل دول العالم، ما شاء الله السوريين انتشروا بكل مكان، وكان سعر صرف الدولار 12 ألف نظامي، وبالسوق السوداء كان يوصل 18 ألف وأحيانا 30 ألف، على حسب الوضع يعني، والناس بدها تعيش وإذا في زيادة ولو ليرة وحدة كانوا هم أحق بها.
وأضاف: في البداية كنا نخاف كتير بصراحة من الملاحقة والمحاسبة، ولكن لم نستغل ظروف الناس، بل بالعكس نحن نأخذ الدولار وبيعه للمستثمرين والتجار الذين يستوردون بعض البضائع من الخارج يعني تجارة مشروعة وحلال من وجهة نظري، طالما أن النظام لم يكن يستطيع توفير العملة الصعبة فتأتي مهمتنا هنا، نشتري من الناس بأسعار مناسبة أعلى من المصرف المركزي، ونبيع التجار بسعر مناسب أيضا كونهم لا يستطيعون الحصول عليه من المصرف المركزي، يعني عملية تكاملية نقوم بها نيابة عن النظام.
المخاطر والمستقبل
رغم أن عمليات التصريف تجري علنًا، إلا أن الصرّافين ما زالوا قلقين من احتمالات حدوث تغييرات سياسية قد تؤدي إلى فرض قيود جديدة، “اليوم الأمور هادئة، لكن غدًا لا أحد يعرف ماذا سيحدث. كل شيء في سوريا غير مستقر، حتى الدولار.”
ما تراه في شوارع سوريا هو انعكاس لانهيار الثقة في النظام المالي السوري. الليرة لم تعد تُستخدم إلا للمعاملات الصغيرة، أما الدولار فهو العملة الحقيقية في البلاد.
هل الطبعة الحالية لليرة السورية معترف بها دوليًا؟
غير معترف بها دوليا
الطبعة الحالية من الليرة السورية غير معترف بها دوليًا، ولا يمكن استخدامها أو تداولها خارج سوريا. حتى داخل البلاد، تراجعت الثقة بالعملة الوطنية بشكل كبير، ما جعل معظم التعاملات التجارية تتم بالدولار الأمريكي أو العملات الأجنبية الأخرى.
الليرة السورية عليها صورة رئيس النظام السابق بشار الأسد (رويترز)
فقدت الليرة السورية الاعتراف الدولي بسبب:
1. العقوبات الاقتصادية الدولية: التي فرضت على النظام السوري من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي جعلت التعامل بالليرة السورية غير مرغوب فيه على المستوى الدولي، حتى البنوك الأجنبية توقفت عن قبول الليرة في التحويلات أو الصفقات التجارية.
2. انهيار قيمة الليرة:
• قبل عام 2011، كانت الليرة السورية تُعتبر مستقرة نسبيًا.
• اليوم، فقدت العملة أكثر من 99% من قيمتها.
• سعر الصرف الرسمي لا يعكس الواقع، حيث يتم تداول العملات الأجنبية في السوق السوداء بسعر يفوق السعر الرسمي بمرات.
3. طباعة كميات ضخمة دون غطاء نقدي:
النظام السوري لجأ إلى طباعة كميات هائلة من الليرة لتعويض العجز المالي، دون وجود احتياطي من الذهب أو العملات الأجنبية لدعم العملة، وهذه السياسة أضرّت بقيمة الليرة وأفقدتها ثقة السوريين أنفسهم، ما أدى إلى:
• التضخم المفرط.
• ارتفاع جنوني في الأسعار.
• تدهور الأجور.
0 تعليق