طفولتي سُرقت.. كيف حوّلني الحوثيون من تلميذ إلى مقاتل؟ - خليج نيوز

“حاولوا إغرائي بالمال والمساعدات، لكن عندما رفضت، تحول الإغراء إلى تهديدات: اختطاف أختي وقتل أبي. كنت طفلاً في العاشرة، وحينها بدأ كابوس حياتي في معسكرات الموت”. هذه الكلمات تحمل في طياتها قصة صراع مرير عاشها عدي محمد أحمد، الذي عايش في سن مبكرة أبشع صور الحرب والتجنيد القسري للأطفال في اليمن.

قتل مؤخراً طالبين وأصيب ثلاثة آخرون، أثناء مناورة بالذخيرة الحيّة قامت بها مليشيا الحوثي في منطقة الحوبان. إنّ مليشيا الحوثي أجبرت خلال الأسابيع الماضية طلاب الجامعات والمعاهد والكليات الخاصة في منطقة الحوبان، تعز، على المشاركة في دورة عسكرية تحت مسمى مخادع “طوفان الأقصى”، وألزمتهم يوم الخميس الماضي على عمل مناورة بالذخيرة الحيّة.

حياة الطفولة في ظل السلام الذي فقد

التقت أخبار الآن الطفل عدي الذي روى تفاصيل ما حدث معه وكيف بدأ الحوثيون في تجنيد الأطفال في قريته باستخدام الوعود بالمساعدات والتهديدات، وكيف تم إجباره على الانضمام إليهم.

تم أخذ عدي في العام 2022 عندما كان في سن الثالثة عشر عاماً. هذا كان بعد عدة أعوام من بدء الحوثيون بتجنيد الأطفال في منطقته والتي بدأت في نهاية عام 2015 على مجموعات.

“أنا عدي محمد أحمد، ولدت في قرية صغيرة في محافظة تعز، تحديدًا في مديرية ماوية. عمري الآن ستة عشر سنة. كنت في السابعة من عمري عندما بدأت الحرب. كانت حياتنا مليئة بالسلام والأمل، ولم نكن نعرف ما هي الحرب أو كيف ستغير حياتنا للأبد.”

“في عام 2015، بدأ الحوثيون بتجنيد الأطفال في قريتنا. جاء رجال مسلحون وكانوا يبحثون عن شباب للانضمام إليهم. بدأوا بتجنيد أصدقائي، وكانوا يستخدمون أساليب مختلفة لإجبارنا على الانضمام. كانوا يغروننا بمساعدات غذائية ورواتب، وفي نفس الوقت كانوا يهددوننا. كانوا يقولون لنا: ‘إذا انضممتم، ستصبحون أبطالًا’. بدأ أصدقائي ينضمون، ولكنني كنت أخاف من الحرب، فكنت أرفض”.

طفولتي سُرقت.. كيف حوّلني الحوثيون من تلميذ إلى مقاتل؟

لكن مع مرور الوقت، تحول الأمر إلى تهديدات. قالوا لي إذا لم أنضم، سيختطفون أختي أو يقتلون أبي. كنت أشعر بالرعب، وفي النهاية أجبروني على الانضمام. أخذوني بعيدًا عن عائلتي وأصدقائي، وأصبحنا جزءًا من مجموعة مسلحة.”

الحياة في معسكرات الحوثيين: معاناة وألم

في مساء أحد الأيام قبل أن تغرب الشمس كان عدي يلعب بجانب منزله ووالديه في المنزل، جاء مجموعة من الرجال المسلحين إلى منزلهم. كانت الساعة تشير إلى الخامسة والنصف عصرا بدأوا بدق الباب بقوة وبصوت عال فتح والد عدي الباب ليرى من يدق الباب بهذه القوة، ليجد أمامه رجالًا مسلحين.

بدا الحديث مع والد عدي بـ انهم يعملون على دحر العدوان, و يجب الدفاع عن الوطن والحفاظ على البلاد من الدواعش و العدوان وانه يجب ان يتم تجنيد أفراد في السلك العسكري كقوات احتياطية، رفض والد عدي هذه الدعوات مما اجبر المسلحين الحوثيين على دخلوا المنزل بالقوة ، وبدأوا يصرخون ويطالبون بمعرفة مكان عدي أي ولدهم بعد ان اعطائهم المخبر الخاص فيهم ب القرية بقائمة المرشحين لـ التجنيد. أم عدي تمسكت ب طفلتها خوفًا، وبدأت تبكي.

اتى عدي للمنزل ولم يكن يعرف ماذا يحدث، فرأى مسلحين في جانب المنزل أو في المنزل، ركض مسرعاً الى المنزل فتقدم أحد الرجال نحو عدي ومسكه بيده، فصرخ عدي، ماذا يحدث يا أبي، ويرى امه واخته الصغيرة تبكي، بينما حاول والده ووالدته إيقافهم، إلا أنهم دفعوهما بعيدًا وهددوهما بالأسلحة وانتمائهم لـ العدوان. كانوا يصيحون بأن عليهم الانضمام للحوثيين وأن عدي يجب أن يصبح جنديًا في صفوفهم. أم عدي تبكي وتتوسل لهم لتركه، لكنها لم تجد أي تجاوب منهم. وأخذ عدي الى فوق الطقم العسكري بعد ان اعتدوا على والده.

وصلوا إلى معسكر التدريب، في المعسكر حيث بدأت رحلة عدي القاسية في التدريبات العسكرية والتجنيد القسري، هذه اللحظات كانت البداية لكابوس طويل عاشه عدي وأصدقاؤه في الأيام والأسابيع والشهور التالية فقد تم تدريب عدي وأصدقائه على كيفية استخدام الأسلحة والقتال فقد تلقوا تدريبات قاسية ومكثفة حيث تم تعليمهم تقنيات القتال وتعرضوا لغسيل دماغي من خلال المحاضرات والخطب اليومية التي تهدف إلى تعزيز الولاء لـ السيد وللحوثيين.

تم أخذ عدي إلى معسكر تدريب في منطقة نائية تدعى اشجور في مديرية ماوية. كان المعسكر محاطًا بحراسة مشددة وبعيدًا عن الأنظار على طرف القرية لضمان عدم هروب الأطفال المجندين. يصف عدي حياته القاسية في معسكرات الحوثيين، حيث كان يُعذب ويتعرض للضغوط النفسية والجسدية.

“في معسكر التدريب، كانت حياتنا لا تطاق. كانوا يعاملونا كالحيوانات، يضربوننا ويعذبوننا إذا لم ننفذ الأوامر. كانوا يدربوننا على حمل السلاح والقتال، وكانوا يتهموننا بالخيانة إذا حاولنا الهروب. كانوا يعاملوننا بقسوة شديدة. بعض الأطفال ماتوا نتيجة التعذيب النفسي والجسدي. أحد أصدقائي مات بعد أيام من التعذيب، وعندما أخبرونا عن وفاته، لم أكن أستطيع تصديق ذلك. كنت في حالة من الخوف المستمر، وحاولت الهروب مرارًا ولكنهم كانوا يقبضون علي ويعاقبونني. كانوا يقولون لي إنني إذا هربت، سيقتلون عائلتي ويقيدونني بالخيانة.”

طفولتي سُرقت.. كيف حوّلني الحوثيون من تلميذ إلى مقاتل؟

أجبر عدي على تعلم كيفية استخدام البنادق والذخيرة وكيفية التصويب وإطلاق النار، بعد فترة من التدريب تم إرسال عدي إلى جبهات القتال للمشاركة في الاشتباكات والمعارك، أيضا كان عدي يساعد في حمل الذخيرة والأسلحة من معسكر التدريب إلى مواقع القتال أجبر عدي على القيام بأعمال الحراسة في مواقع مختلفة، بما في ذلك حراسة المعسكر وهذا الذي سهل عملية هروبه وتعرض عدي لـتهديد وتعذيبه في حال عدم الامتثال للأوامر.

الهروب: محاولة الفرار من الجحيم

يروي عدي في حديثه لـ “أخبار الآن” عن محاولته للهروب من المعسكر مع صديقه، وكيف نجح في الفرار رغم تعرضه لإطلاق النار.

“في إحدى الليالي، قررت أن أهرب مع صديقي. بعد منتصف الليل، تسللنا بهدوء إلى طرف المعسكر، وكان هناك ثقب في الجدار. خرجنا من المعسكر، لكننا لم نكن نعرف الطريق. فجأة، رأينا طقمًا عسكريًا، فحاولنا الاختباء، ولكنهم رأونا وأطلقوا علينا النار. نجوتُ بأعجوبة، لكن صديقي أصيب. لم أعرف إن كان قد نجا أو مات”.

“ركضتُ مسافة طويلة، حتى وصلت إلى مكان قريب من منزلنا. عندما دخلت البيت، كانت أمي وأختي هناك، لكن أبي لم يكن موجودًا. قالت لي أمي إنهم أجبروا أبي على الانضمام إلى الحوثيين، وعندما رفض، اتهموه بالخيانة وأعدموه. كنت مصدومًا جدًا. لم أستطع أن أفهم كيف أصبحنا في هذا الوضع.”

حملة “تجنيد إجباري” لطلاب الجامعات

دشنت مليشيا الحوثي حملة تعبئة واسعة لفرض التجنيد الإجباري على طلاب وخريجي الجامعات في مناطق سيطرتها وأطلق الحوثيون عليها اسم “حملة طوفان الأقصى للتعبئة والاستنفار.

وأظهرت وثائق حصلت عليها أخبار الآن أثناء لقائها بالطلاب فى الجامعات أن الحملة الحوثية تستهدف جميع الطلاب الذكور والإناث في الجامعات الحكومية والخاصة من خلال دورة تعبوية وأوضحت مصادر طلابية أن الدورة تتضمن تدريبا على الأسلحة للطلاب، وإسعافات أولية للطالبات.

طفولتي سُرقت.. كيف حوّلني الحوثيون من تلميذ إلى مقاتل؟

ووزعت مليشيا الحوثي على طلاب الجامعات استمارات خاصة بالتجنيد صادرة من وزارة الدفاع الخاضعة لسيطرة الحوثيين وتطلب الوثيقة من الطالب الإفصاح عن متى يكون جاهزا للقتال في الجبهات والتعهد بذلك، مع إرفاق كافة المعلومات الشخصية، والتوقيع والبصم عليها.

ووفقا للمصادر الطلابية هناك، لن يتم منح شهادة التخرج للطالب إلا بعد تسجيل اسمه لدى وزارة الدفاع عبر الاستمارة وبحسب رسالة صادرة عن جامعة المحويت هدد الحوثيون بحرمان المتغيبين من الامتيازات، وأشارت المصادر إلى أن الدورة تتضمن مادة خاصة بالمحاضرات الدينية للإرهابي عبدالملك الحوثي زعيم المليشيا ولفتت إلى أن المادة تحمل عنوان “طوفان الأقصى” لكن محتواها سلالي وطائفي.

طفولتي سُرقت.. كيف حوّلني الحوثيون من تلميذ إلى مقاتل؟

ومؤخرًا، حوّلت جماعة الحوثي جامعة حجة إلى معسكر تدريب عسكري، حيث يتلقى الطلاب دروسًا في المناورات القتالية وحمل السلاح، إلى جانب دورات طائفية مكثفة. وتحت إشراف ما يسمى بـ”التعبئة العامة”، نظّمت الجامعة مناورات عسكرية لخريجي هذه الدورات، في خطوة خطيرة تهدد مستقبل التعليم الجامعي. وحذّر أكاديميون وطلاب من أن مخرجات هذه السياسة لن تكون سوى جيل يحمل السلاح بدلًا من الشهادات، وسط مخاوف متزايدة من عسكرة الجامعات واستغلالها في الحشد لجبهات القتال تحت شعارات زائفة.

أم عدي: رحلة الألم والخوف بعد اختطاف ابنها

تتحدث الأم عن كيفية تهديد الحوثيين لها ولأسرتها بطلب تسليم ابنها عدي، وتروي تجربة اعتقال زوجها، وبدء معاناتها في البحث عن ابنها بين المعسكرات، حيث كانت تعاني من اليأس والخوف على مصير عدي.

“أنا أم عدي، لقد واجهت تجربة لا تتحملها أي أم، تجنيد طفلي عدي من قبل الحوثيين. كنت أحب ابني أكثر من حياتي، وكان هو نور عيني وأمل المستقبل لأنه هو طفلي الوحيد الكبير ولدي طفلة أصغر منه”.

في يوم جاء الحوثيون إلى بيتنا، وطلبوا من زوجي أن يسلم لهم عدي. كانوا يهددوننا بالسجن والتعذيب إذا لم نسمع كلامهم. حاول زوجي مقاومتهم ورفض ان يعطيهم عدي، لكنهم اعتقلوه واتهموه بالخيانة. كنت أشعر بالرعب والخوف بوقته، وكنت اصرخ واصيح عسى حد يأتي لـ إيقاف ما يحدث، ولم أكن أعرف ماذا أفعل لحماية ابني، ف أخذوا ابني عدي، وذهبوا، وزوجي تم اعتقاله بعد ما اخذو عدي وتم ضرب زوجي وتعذيبه، بعد اعتقال زوجي، بدأت رحلة البحث عن عدي. كنت أذهب إلى المعسكرات، أسأل عن ابني وأتوسل إليهم أن يعيدوه لي. كانوا يرفضون الإجابة ويعاملني بقسوة. كنت أشعر باليأس والدموع تملأ عيني. كنت أدعو الله أن يرجع ابني سالمًا، ولم يكن هناك أحد يسع لي او يرشدني  أين ابني “.

700 مدرسة يستخدمها الحوثيون كمراكز تجنيد للأطفال

وثقت منظمة ميون لحقوق الإنسان استخدام الحوثيين لـ700 مدرسة كمراكز لتجنيد الأطفال، رغم انخفاض التصعيد العسكري منذ 2022. التقرير، الذي نُشر بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة استغلال الأطفال كجنود، يحذر من تعرّض الأطفال للتعبئة الطائفية والتدريب على الأسلحة، ما يهدد السلم الاجتماعي في اليمن. المنظمة دعت إلى تحرك دولي عاجل لحماية الأطفال ووقف تجنيدهم في النزاع.

طفولتي سُرقت.. كيف حوّلني الحوثيون من تلميذ إلى مقاتل؟

على الرغم من محاولات فريق أخبار الآن المتكررة للتواصل مع وزارة التربية والتعليم، بالإضافة إلى الجامعات التي قامت بتجنيد الطلاب وإرسال رسائل بريد إلكتروني، لم نتلقَ أي ردود حتى اللحظة. هذا الصمت يزيد من الأسئلة حول تورط هذه المؤسسات في سياسة التجنيد القسري التي تتبعها مليشيا الحوثي.

اللقاء بـ عدي والهروب والنزوح

بعد أشهر من البحث، تجد الأم ابنها عدي الذي عاد منهكًا ومريضًا، ثم تروي كيفية نزوحهم من قريتهم هربًا من الحوثيين، مع شعورها بالقلق على سلامة أولادها، ومحاولة البقاء قوية بعد إعدام زوجها.

“بعد عدة أشهر حصلت ابني، اجا للبيت، وهو منهك ومريض. كنت أشعر بالفرح والامتنان لله. عندما قابلته، كان يشعر بالذنب والخزي بسبب ما مر به. لكني كنت أحاول تشجيعه ورفع معنوياته. قلت له: “أنت ابن شجاع، لا تقلق. نحن هنا معك وسنكون دائمًا بجانبك.”

“بعد ذلك، نزحت مع أطفالي إلى قرية مجاورة هربا من الحوثيين بعد أن بدأو بالبحث عنها كنت أشعر بالخوف والقلق على سلامة أطفالي. كنت أحاول حمايتهم من الخطر، وأدعو الله أن يحمينا. كانت الحياة صعبة، لكنني كنت مصممة على البقاء قوية من أجل أطفالي، ف زوجي تم إعدامه بعد أن قاومهم واتهمونه بالخيانة وتم إعدامه، كان خبر صادم لي و لـ اطفالي، اما الان فاني المعيلة الوحيدة لـ أسرتي، تبهذلت اثناء النزوح، و هربتو لـ أماكن كثيرة و حتى وصلت لمنطقة الكدحة، عشت داخل خيم وفي العرءا أيضا، لأنه ما كان في مجال للعيش والبقاء في مناطق سيطرة الحوثيين”.

أطفال في الصفوف الأمامية.. شهادات صادمة عن تجنيد الحوثيين للقُصّر
أخبار الآن أجرت لقاء مع الناشطة الحقوقية رغدة المقطري، التي كشفت عن تفاصيل خطيرة حول تجنيد الأطفال من قبل جماعة الحوثي في المناطق التي تسيطر عليها. أكدت المقطري أن الحوثيين يستخدمون المدارس والمراكز الصيفية لاستقطاب الأطفال، حيث يخضعونهم لعمليات تعبئة دينية وعقائدية مكثفة، مشيرة إلى أن بعض الأسر تُجبر على إرسال أبنائها للقتال تحت التهديد والضغوط الاقتصادية.

قالت: “جماعة الحوثي تقوم بعملية تجنيد الأطفال دون سن 18 سنة، وهناك أطفال تصل أعمارهم إلى 12 و13 سنة يتم تجنيدهم. قبل 7 أكتوبر، خلال ما يسمى بـ(طوفان الأقصى)، كانت هناك عمليات تجنيد إجباري للأطفال تتم داخل المدارس والمراكز الصيفية. يتم استقطاب هؤلاء الأطفال بشكل كبير، وإخضاعهم لعمليات تعبئة دينية وعقائدية.”

وأوضحت أن التجنيد يشمل أطفالًا لا تتجاوز أعمارهم 12 و13 سنة، مشيرة إلى أن الحوثيين يستغلون الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها الأسر، كما يلجأون إلى زعماء القبائل لإجبار الأهالي على إرسال أطفالهم إلى الجبهات. وذكرت أن الحوثيين يستخدمون وسائل إغراء مثل منح درجات مرتفعة في المدارس للأطفال المجندين، بالإضافة إلى حرمان الأسر من المساعدات الغذائية في حال رفضهم التجنيد.

قالت: “يتم إجبار بعض الأسر على إرسال أبنائهم للتجنيد، خاصة الأسر التي لديها عدد كبير من الأطفال. أحيانًا يتم ذلك بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها اليمن. كما أن بعض الأسر يجبرها المسؤولون أو المشايخ في القبائل، حيث يتم حصر عدد الأطفال الذكور داخل كل أسرة، ويتم الضغط على الأهالي لإرسالهم إلى المعسكرات.”

وتابعت: “من الأساليب التي يتبعها الحوثيون داخل المدارس هو إغراء الطلاب برفع درجاتهم في الاختبارات. في بعض الأحيان، تُجبر وزارة التربية والتعليم على منح درجات عالية للأطفال الذين يشاركون في القتال وإرسالهم إلى الصفوف الأمامية.”

المقطري أشارت إلى أن بعد السابع من أكتوبر، تصاعدت عمليات التجنيد بشكل كبير، حيث وظّف الحوثيون القضية الفلسطينية كذريعة لاستقطاب المزيد من الأطفال إلى جبهات القتال، خاصة في تعز ومأرب. كما أكدت أن الجماعة استغلت المساجد ووسائل الإعلام المحلية لتعزيز حملات التعبئة والتحشيد.

قالت: “بعد 7 أكتوبر، ألقى عبد الملك الحوثي خطابًا دعا فيه إلى التعبئة والحشد الشعبي الكبير، مما أدى إلى انضمام الكثير من الأطفال إلى جيش الحوثي تحت ذريعة الدفاع عن القضية الفلسطينية. هذا كان له تأثير كبير على اليمنيين، لأن القضية الفلسطينية تُعتبر قضية قومية بالنسبة للكثير منهم. وقد لوحظت زيادة في عمليات تجنيد الأطفال، خاصة في المناطق الشمالية”.

على الرغم من توقيع الحوثيين اتفاقية مع الأمم المتحدة في عام 2022 لإنهاء تجنيد الأطفال، إلا أن المقطري أكدت أن هذه الممارسات استمرت بل وتصاعدت في الأشهر الأخيرة. وكشفت عن تقارير حقوقية تشير إلى تزايد أعداد الأطفال المجندين، حيث أصدرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” ومنظمة “رعاية الأطفال” بيانات توضح حجم الانتهاكات المستمرة في هذا الملف.

في ظل استمرار الصراع في اليمن، تكشف التقارير الحقوقية عن تصاعد خطير في عمليات تجنيد الحوثيين للأطفال، مستغلين الحرب في غزة كذريعة لتوسيع صفوفهم العسكرية. منذ 7 أكتوبر 2023، جند الحوثيون عشرات الآلاف، بينهم أطفال لا تتجاوز أعمارهم 13 عامًا، يتم إيهامهم بأنهم سيقاتلون من أجل فلسطين، بينما يتم إرسالهم إلى جبهات القتال في مأرب وتعز. في ظل الفقر المدقع، تلجأ بعض العائلات إلى إرسال أطفالها للقتال مقابل سلال غذائية ورواتب، بينما يتم استغلال المدارس والمساعدات الإنسانية لاستقطاب المزيد من المجندين. ورغم توقيع الحوثيين على اتفاقيات دولية تحظر تجنيد الأطفال، إلا أنهم يواصلون انتهاك حقوقهم، ما يهدد مستقبل جيل كامل، محولين طفولتهم إلى وقود لحرب لا نهاية لها.

كيف نساعد الأطفال الناجين من تجنيد الحوثيين على التعافي؟ طرق فعّالة لمعالجة الصدمات النفسية والإجتماعية

قابلت “أخبار الآن” الطبيبة النفسية شيماء العزيزي، التي أوضحت طرق التعامل الفعالة مع الأطفال الذين تعرضوا لتجنيد الحوثيين أو النزاعات المسلحة. وذكرت أن معالجة الأطفال في هذا السياق تتطلب نهجاً متكاملاً يشمل العلاج النفسي والاجتماعي والتعليم وإعادة التأهيل.

أولا: يكون فيه تقديم خدمات نفسية واجتماعية مثل العلاج النفسي المتخصص، مثل العلاج باللعب نستخدم أنشطة وألعاب لمساعدة هؤلاء الأطفال والتعبير على مشاعرهم، واكتشاف هذه الصدمات، كمان العلاج السلوكي المعرفي مساعدة يعني بالتدخل بهذا العلاج، لأنه نساعد الأطفال على التعرف على الأفكار السلبية الناتجة عن هذه التجربة، وتطوير مهارات التأقلم، كمان الإرشاد الجماعي، توفير بيئة آمنة للأطفال لمشاركة تجاربهم مع أصدقائهم الذين تعرضوا لـ ظروف مماثلة, بالاضافة لبناء علاقات داعمة تشجيع العائلات والمجتمعات على تقديم الخدمات، مثل الذهاب لـ المؤسسات التي تقدم الخدمات النفسية والاجتماعية للأطفال، وإنشاء برامج دعم مجتمعية توفر بيئة آمنة ومشجعة.

ثانيا: تعزيز التعليم وإعادة التأهيل، استعادة التعليم وإعادة الأطفال إلى المدارس أو مراكز تعليمية بديلة تراعي حالتهم النفسية، وتصميم مناهج تعليمية مرنة تعالج الفجوات التعليمية التي سببها هذا النزاع، وبرامج إعادة تأهيل إنه يقوموا بتقديم تدريبات مهنية للأطفال الأكبر سنا لمساعدتهم على بناء مستقبل اقتصادي مستقل، وتوفير أنشطة ترفيهية وتعليمية تساعدهم على تطوير مهارات حياتهم.

ثالثا: الحماية القانونية وإعادة الدمج، الحماية القانونية لازم يكون في توفير حماية لهؤلاء الأطفال الذين يتعرضون للتجنيد ومراقبة تنفيذ القوانين التي تحظر تجنيد الأطفال واستغلالهم في النزاعات المسلحة، إعادة الإدماج المجتمعي، العمل على إزالة وصمة العار التي قد يعاني منها الأطفال بسبب تجربتهم، وتنظيم أنشطة مجتمعية تعزز الشعور بالانتماء والمساواة، كمان لازم تتوفر رعاية صحية شاملة لهؤلاء الأطفال، مثل الرعاية النفسية، والرعاية الجسدية.

كيف يمكن مساعدة الأطفال الناجين من تجنيد الحوثيين في التغلب على الصدمات النفسية والاجتماعية التي تعرضوا لها؟

مساعدة الأطفال الناجين من تجنيد الحوثيين في التغلب على الصدمات النفسية والاجتماعية، تتطلب خطط شاملة ومتكاملة تتضمن مجموعة من التدخلات النفسية والاجتماعية والتربوية.

أولا: تقديم الدعم النفسي المتخصص، يشمل مبدأين، إنه هو الأول التقييم النفسي الأولي، مثل إجراء تقييم شامل للحالة النفسية لكل طفل لتحديد مدى تأثير الصدمة عليه. بالإضافة لـ تحديد احتياجاته الفردية لوضع خطط علاج مناسبة

ثانيا: جلسات العلاج النفسي اللي هو العلاج السلوكي المعرفي، والعلاج باللعب، والعلاج بالتعرض التدريجي، العلاج السلوكي المعرفي، انه يساعد الأطفال على فهم أفكارهم السلبية الناتجة عن التجربة واستبدالها بأفكار ايجابية. العلاج باللعب وسيلة فعالة لمساعدة الأطفال على التعبير عن مشاعرهم ومخاوفهم. بالطريقة غير مباشرة، العلاج بالتعرض التدريجي يساعد الطفل على مواجهة ذكرياتهم المؤلمة بشكل آمن ومتحكم فيه.

ثالثا: إدارة اضطراب الكرب اللي هو كرب مع بعض الصدمة إنه يتم تقديم تقنيات مثل الاسترخاء والتنفس العميق للتعامل مع القلق، واستخدام تقنيات إزالة الحساسية وإعادة المعالجة عبر حركة العين لعلاج ذكريات الصدمة.

تعزيز الدعم الاجتماعي، إعادة بناء العلاقات العائلية، وإنشاء مجموعات دعم اجتماعي، إعادة بناء العلاقات العائلية، دعم إعادة دمج الطفل مع أسرهم، وتقديم المشورة للأسر حول كيفية التعامل مع الأطفال الناجين، وتوفير مساحات أمنة لـ الاطفال وأسرهم لتعزيز شعورهم بالأمان والانتماء، وإنشاء مجموعة دعم اجتماعي تنظم جلسات دعم جماعية تجمع الأطفال الذين مروا بتجارب مشابهة، مما يساعدهم على الشعور بأنهم ليسوا وحدهم، وتشجيع تفاعل إيجابي مع أقرأناهم، بالإضافة لـ بناء علاقات إيجابية مع المجتمع مثلا إقامة بتنظيم أنشطة مجتمعية تشجع على المشاركة والتعاون، مثل الرياضة والفنون وتوفير التعليم وإعادة التأهيل، العودة إلى التعليم، تسهل دمج الأطفال في المدارس أو برامج تعليمية بديلة.

بالاضافة تقدم دعم إضافي للأطفال الذين يعانون من فجوات تعليمية، التدريب على المهارات الحياتية، حيث نقوم بتقديم برامج تدريب مهنية للأطفال الأكبر سناً تزويدهم بالمهارات التي تمكنهم من بناء مستقبل أفضل، وتعزيز مهارة حل المشكلات، والتواصل لتعزيز شعورهم بالقدرة على التحكم في حياتهم.

طفولتي سُرقت.. كيف حوّلني الحوثيون من تلميذ إلى مقاتل؟

ما هي السبل المثلى للوقاية من تجنيد الأطفال وزيادة الوعي بمخاطره في المجتمعات المتأثرة؟

الوقاية من تجنيد الأطفال، وزيادة الوعي بمخاطره في المجتمعات المتأثرة بالنزاعات، تتطلب تنفيذ دراسات شاملة ومتعددة المستويات، تشمل الجوانب القانونية والاجتماعية والتعليمية.

أولا: يتم تعزيز الإطار القانوني، وتطبيق القوانين، تقوية التشريعات الوطنية والدولية، حيث إنه يتم التأكد من وجود قوانين صارمة تحظر تجنيد الأطفال وتطبيقها بفعالية، بالإضافة دعم الاتفاقيات الدولية مثل البروتوكول الاختياري بـ اتفاقيات حقوق الطفل بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة.

بالاضافة محاسبة الجناة إنشاء آليات لمحاسبة المسؤولين عن تجنيد الأطفال، سواء كانوا أفراد أو جماعات، ودعم التحقيقات الدولية والمحلية المتعلقة بتجنيد الأطفال وحماية الأطفال في النزاعات، إنه إنشاء مناطق آمنة للأطفال في المجتمعات المتأثرة، ومراقبة انتهاكات حقوق الأطفال والإبلاغ عنها عبر المنظمات الدولية ومحلية.

ثانيا: التوعية بمخاطر تجنيد الأطفال، حملات التوعية المجتمعية، تنفيذ حملات توعية في المجتمعات المتأثرة لشرح الآثار السلبية النفسية والاجتماعية والجسدية لتجنيد هؤلاء الأطفال واستخدام وسائل الإعلام التقليدية والاجتماعية للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس، إشراك القيادات المجتمعية والدينية، التعاون مع القيادات المحليين, والزعماء الدينيين للتأكد على رفض تجنيد الأطفال من منطلق أخلاقي وديني، وتنظيم ندوات وورش عمل توعوية.تستهدف هذه الفئات لتصبح قنوات ا لنشر الوعي بالإضافة إنه إشراك الأطفال والشباب، يتم تدريب الأطفال والشباب اللي يصبحوا سفراء لحقوق الطفل في مجتمعاتهم، واستخدام الفنون، والمسرح والرسم، كوسائل لنشر الرسائل المناهضة لتجنيد الأطفال.

ثالثا: تعزيز التعليم وحماية المدارس، ضمان الوصول إلى التعليم، وحماية المدارس من النزاع والتعليم البديل، ضمان الوصول إلى التعليم، إنه يتم إنشاء مدارس في المناطق المتأثرة بالنزاعات لضمان توفير التعليم كبديل للتجنيد، وتقديم دعم مادي وعيني للأسر لتمكينها من إرسال أطفالها إلى المدارس بدلا من اللجوء إلى خيارات خطرة.

تصنيف المدارس كمناطق آمنة يحضر استهدافها أو استخدامها في النزاعات المسلحة، وتوعية المجتمعات بأهمية حماية التعليم ودوره في الوقاية من تجنيد الأطفال التعليم البديل، توفير مراكز التعليم غير رسمية، أو برامج تعليمية مرنة للأطفال الذين لا يستطيعون الالتحاق بالمدارس التقليدية.

رابعاً: تقديم الدعم الاقتصادي والاجتماعي للأسر، مثل يتم تحسين الظروف الاقتصادية، إنشاء برامج تنمية مجتمعية، توفر فرص عمل للأسر لتخفيف الضغوط الاقتصادية التي تدفعها إلى إرسال أطفالها للعمل أو التجنيد، ويتم تقديم مساعدات مالية وغذائية للأسر الأكثر ضعف ثاني، دعم الأسر، نفسيا واجتماعيا، تقديم جلسات إرشادية أسرية للتعليم مع الضغوط النفسية الناتجة عن النزاعات، وتنظيم برامج مجتمعية تعزز دور الأسرة في حماية الأطفال.

طفولتي سُرقت.. كيف حوّلني الحوثيون من تلميذ إلى مقاتل؟

الأسباب الجذرية لهذه التأثيرات التعرض للصدمات المباشرة، والتجارب الذي تتعرض فيها الأطفال العنف، مثل القتال، أو مشاهدة الموت أو التعذيب، يؤثر على استجابات عصبية مفرطة للتوتر وارتباط بيولوجي بالصدمات، بالإضافة فصل الأطفال عن أسرهم يكونوا عندهم فقدان البيئة الداعمة، والحماية العائلية يؤثر على الشعور بالوحدة والضعف والعاطفي.

التدريب القسري على العنف، إخضاع الأطفال لتدريب عسكري قصري جعلهم يطورون، أنماط سلوكية عدوانية تؤثر على قدرتهم على التفاعل السلمي مع الآخرين. انعدام الأمان العيش في بيئة غير مستقرة، مليئة بالخوف وعدم اليقين، يؤثر أو يؤدي إلى تطور مشاعر القلق والتوتر المزمن الوصمة الاجتماعية، النظرة المجتمعية السلبية للأطفال المجندين، تودي على عزلة اجتماعية وصعوبة في إعادة الاندماج

ما هي التأثيرات النفسية طويلة الأمد لتجنيد الأطفال؟ وكيف يمكن تحديد الأسباب الجذرية لهذه التأثيرات، مثل: – الاكتئاب – القلق – اضطرابات النوم – اضطرابات السلوك – مشاكل العلاقات الاجتماعية

بشكل عام تجنيد الأطفال له تأثيرات نفسية طويلة الأمد، حيث يتعرضوا الأطفال لتجارب صادمة وتأثر على صحتهم النفسية والاجتماعية على مدار حياتهم، لفهم هذه التأثيرات بشكل أفضل، تحديد الأسباب الجذرية لها. نحتاج إلى تحليل معمق للتجارب التي مروا بها، وكيف تؤثر هذه التجارب على جوانب مختلفة من حياتهم النفسية، التأثيرات النفسية لـ اضطراب مع بعد الصدمة إنه تعرض الأطفال لتجارب عنف مروعة يجعلهم عرضة للكوابيس، واسترجاع ذكريات المؤلمة، وفرط الاستثارة.

الأعراض دائماً يكون عندهم كوابيس متكررة، واستجابات مفرطة للخوف، وتجنب الأشخاص أو الأماكن المرتبطة بالتجربة، يكون عندهم دائما شعور مستمر بالحزن وفقدان الأمل نتيجة للتجارب القاسية مثل العزلة أو فقدان الأحبة، الأعراض دائما يكون عندهم شعور بانخفاض الدافع والحافز، وفقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية، وشعور بالذنب أو العار.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق إيلون ماسك يعلن إطلاق روبوت المحادثة Grok 3 الأذكى بالعالم فما هو؟ - خليج نيوز
التالى "حزب الله" كان يستعدّ لـ"غزو إسرائيل".. اكتشفوا آخر تقرير! - خليج نيوز