إدلب مفتاح اللعبة: كيف استفاد “أبو محمد الجولاني” من صفقات داعش والقاعدة؟ - خليج نيوز

إدلب تحت الهيمنة: الجولاني وحساباته بين التحالفات والصفقات السرية

جاءت عمليات اعتقال وتصفية عدد من عناصر تنظيم داعش في إدلب أو محيطها خلال الفترة الماضية لتسلط الضوء على دور محتمل لهيئة تحرير الشام -رغم إعلان حل نفسها- والتي كانت تبسط سيطرتها على المدينة بقيادة زعيمها أحمد الشرع رئيس النظام السوري الجديد والملقب سابقا بـ”أبو محمد الجولاني”.

وتكشف هذه التطورات عن صفقات ربما عقدتها الهيئة مع كبار قادة داعش وعائلاتهم في إدلب، حيث تتغاضى أحيانا عن وجود قادة التنظيم في المدينة، وأحيانا توفير الحماية والملاذ الآمن لهم، على أن تستخدهم ككباش فداء عندما ترغب في التخلص منهم.

إدلب مفتاح اللعبة: كيف استفاد

الشواهد على هذا الطرح كثيرة ومتعددة، ففي الثاني من فبراير 2022، نفذت القوات الخاصة الأمريكية عملية استهدفت زعيم تنظيم داعش أبو إبراهيم الهاشمي القرشي في بلدة أطمة بمحافظة إدلب.

في غضون ذلك، أشارت بعض التقارير إلى أن هيئة تحرير الشام أغلقت الطرق المؤدية إلى الموقع حيث تمّ تنفيذ الغارة الأمريكية، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت الجماعة على علم مسبق بالعملية أو حتى وفّرت معلومات استخباراتية مكّنت شنّها.

وقبلها بنحو عامين ونصف، كان الزعيم السابق للتنظيم، أبو بكر البغدادي، قد قُتل في عملية مماثلة في بلدة باريشا المجاورة في أكتوبر 2019، مع العلم أن هاتين المنطقتين تقعان تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، التي انشقت عن تنظيم داعش في أبريل 2013 وبعد ذلك قطعت روابطها بتنظيم القاعدة.


وعلى نحو منفصل، أسفرت الهجمات الأمريكية بالطائرات المسيرة عن مقتل عدد من شخصيات القاعدة في منطقة إدلب منذ عام 2015.

وبحسب تحليل للدكتور آرون زيلين وهو زميل في “برنامج جانيت وايلي راينهارد لمكافحة الإرهاب والاستخبارات” في معهد واشنطن”، اعتقد العديد من أنصار داعش في هذا التوقيت، أن هذه الهجمات تحققت بفضل تزويد هيئة تحرير الشام معلومات استخبارية إلى تركيا والولايات المتحدة.

وكسياق لهذه القضايا، سعت الهيئة وزعيمها أبو محمد الجولاني إلى حشد الدعم من الولايات المتحدة وحكومات غربية أخرى خلال الأعوام الماضية في محاولة لشطبهما من قائمة الإرهاب، على الرغم من أن ذلك لم يتحقق بعد.

إدلب مفتاح اللعبة: كيف استفاد

إدلب ملاذ آمن

المتتبع أيضا لتحركات داعش وهجماتها في سوريا خلال السنوات الماضية، يجد أن التنظيم كان مركزًا بشكل كبير على استنفار مفارزه في مناطق معينة من البلاد، في مقابل تجاهل واضح ومتعمد لشن هجمات في مناطق أخرى كمدينة إدلب التي يقيم بها العديد من قادة داعش وأسرهم، فضلًا عن العشرات من السجناء الذين يقبعون بقسم خاص داخل سجن العقاب الذي تُديره هيئة تحرير الشام، وذلك ضمن عملية منسقة مع الهيئة هدفها الإبقاء على قادة داعش بملاذاتهم الآمنة في إدلب.

وعلى ذات الصعيد، تبين وقائع وشهادات سابقة لقادة ومنشقين عن داعش أن قادة التنظيم هربوا من مناطق المواجهات إلى إدلب السورية وأقاموا داخلها بناءً على اتفاقات وتنسيقات مع تنظيم حراس الدين (فرع القاعدة في سوريا)، وهيئة تحرير الشام التي تُسيطر على إدلب، وذلك رغم الشقاق والخلاف المنهجي بينهم.

 

ورقة الجولاني الرابحة

لكن وجود حاضنة فصائلية كبيرة لداعش في إدلب ومناطق الشمال السوري الخاضعة لهيئة تحرير الشام، إنما يعود وفقا لخبراء في مجال مكافحة الإرهاب لرغبة أبو محمد الجولاني للّعب بورقة داعش كما يلعب بورقة حراس الدين وعناصر القاعدة والمقاتلين الأجانب.

ويعلم الجولاني أن هؤلاء جميعًا هدية ثمينة للأمريكيين لذلك يتغاضى مرحليًا عن إقامتهم، وفي توقيت الرغبة في التخلص من أحدهم يستثمر في العملية ويبدي التعاون غير المباشر في تسهيل تنفيذ المهمة، ويقف موقفًا ملتبسًا لا يثير الجهاديين ضده وفي نفس الوقت لا يغضب الأمريكيين حيث يحرص على التقرب منهم لرفعه ولرفع تنظيمه من قائمة الإرهاب.

فبعد خروجها من تنظيم داعش أولاً ومن ثم تنظيم القاعدة، سعت هيئة تحرير الشام إلى تعزيز نفسها من خلال مواجهة التهديد الذي يشكله التنظيم، بدءاً من تموز/يوليو 2017، وبشكل أكثر حسماً في عام 2018، أطلقت هيئة تحرير الشام حملة من الغارات المسلحة والاعتقالات ضد الخلايا النائمة لداعش في إدلب والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

كما شرعت الهيئة منذ عام 2018 في حملة قتل واعتقالات لقادة داعش وحملة قمع ضد الجماعات الجهادية المستقلة الأصغر وتلك المكونة من مقاتلين أجانب.

هيئة تحرير الشام والقاعدة

داعش ليس الفصيل الجهادي الوحيد الذي تلاعب به أبو محمد الجولاني حين كان زعيما لهيئة تحرير الشام، فالقاعدة كان لها نصيب كبير أبضا، إذ شهدت السنوات الأخيرة، تزايدا في عمليات استهداف قيادات التنظيم في سوريا، خصوصا في شمال سوريا، حيث تم استهداف معظم قادة القاعدة الذين قُتلوا في سوريا على يد القيادة المركزية الأمريكية في السنوات الأخيرة في مناطق شمال البلاد الخاضعة للسيطرة المباشرة أو غير المباشرة لهيئة تحرير الشام، مما خلق تكهنات بأن هيئة تحرير الشام، بشكل غير مباشر، كانت تسهل مثل هذه العمليات ضد الجماعات التابعة للقاعدة.

الخلاصة

خلال السنوات الماضية، نجحت هيئة تحرير الشام من خلال قمعها لجماعة حراس الدين والجماعات الصغيرة المتحالفة مع تنظيم القاعدة، بالإضافة إلى حملتها المستمرة ضد خلايا تنظيم داعش، في تحقيق هيمنة لا تُحدَّ على شمال غربي سوريا.

ومع هذه الهيمنة كان لها القول الفصل في المنطقة، وهو ما سمح لها في أن نظهر بسياساتها ذات الوجهين التي تتعامل بالقطعة وفق حسابات المصلحة، تارة مع قوات التحالف الدولي وتارة أخرى من خلال تنسيق وتحالف ضمني وصفقات بين هيئة تحرير الشام وحراس الدين، وداعش.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق محافظ الفيوم يبحث مع وفد نادي روتاري سبل تنفيذ المشروعات التنموية
التالى "حزب الله" كان يستعدّ لـ"غزو إسرائيل".. اكتشفوا آخر تقرير! - خليج نيوز