تجنيد إجباري للأطفال والطلاب في اليمن.. هل يستعد الحوثيين لمعركة جديدة؟!
منذ أكتوبر 2024، بدأ الحوثيون حملة واسعة لحشد الطلاب، مستخدمين المؤسسات التعليمية كمنصات للتجنيد، حيث أن
حصلت أخبار الآن على معلومات بأن الحوثيون يستدرجون الأطفال عبر المدارس ويرسلونهم للتدريب في محافظة صعدة شمال اليمن، والتي يراها خبراء أنها ليست عشوائية، بل تأتي في سياق استعدادات عسكرية أوسع تشمل نقل معدات ثقيلة وحشد المقاتلين، مما يعزز الشكوك حول نوايا الجماعة، و استعدادها لمعركة جديدة بعد 3 سنوات من التهدئة.
يقول (م . ص) – أحد سكان العاصمة صنعاء لـ أخبار الآن، أنه تفاجأ باختفاء أحد أطفاله من المدرسة الذي كان يدرس في الصف الأول الثانوي دون أي معلومات عنه بداية نوفمبر وحتى منتصف يناير الماضي، واستمر بالبحث عنه أكثر من أسبوعين في كل مكان دون جدوى، قبل أن يتم إخباره بأن طفله في محافظة صعدة لحضور ما تسميه جماعة الحوثي بالدورات الثقافية.
ويضيف “بعد أن كان تملكنا اليأس في إيجاد طفلي عماد (إسم مستعار)، فقد بحثنا عنه في ثلاجات الموتى والمستشفيات ومراكز الشرطة، ولكن دون جدوى، قبل أن يتصل لي أحد المشرفين الحوثيين والقول بأن عماد يتواجد عندهم في محافظة صعدة في دورة ثقافية، وبعدها انقطع الاتصال لأكثر من شهر، إلا أنه عندما عاد وجدناه شخص عدواني ويقوم بتكفير الجميع حتى والدته، وللأسف تم غسل دماغه واصبح شخص مختلف تماما”.
البندقية بدلاً عن الكتاب
تقول نيكو جعفرنيا – الباحث في شؤون اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش: “إن الحوثيين يستغلون القضية الفلسطينية لتجنيد المزيد من الأطفال في قتالهم الداخلي في اليمن، وينبغي للحوثيين أن يستثمروا الموارد في توفير الاحتياجات الأساسية للأطفال في أراضيهم مثل التعليم الجيد والغذاء والمياه، بدلاً من استبدال طفولتهم بالصراع”.
تجدر الإشارة إلى أن جماعة الحوثي استغلت أحداث السابع من أكتوبر وتداعياتها في فرض التجنيد والتعبئة العامة في المدارس والجامعات، وذلك تحت مبرر مواجهة العدوان الإسرائيلي، في خطوة عدها المراقبين قفزة للأمام للهروب من التزامات الجماعة تجاه خارطة الطريق التي كانت تمهد للسلام في اليمن، حيث قام الحوثيين بحشد آلاف المقاتلين، وذلك من خلال إجبار الطلاب والموظفين في مناطق سيطرتهم على حضور دورات عسكرية إجبارية.
ففي إحدى خطابات عبدالملك الحوثي – زعيم الجماعة، فأن الجماعة قامت بتدريب أكثر من 200,000 مقاتل جديد منذ بدء تحركاتهم في البحر الأحمر، ونقل أعداد كبيرة من المجندين إلى مناطق استراتيجية حول مدينة مأرب، التي تضم احتياطيات نفطية وغازية كبيرة، هذا الحشد يتزامن مع توقف مفاوضات السلام، مما يوحي بأن الجماعة تستعد لاستئناف القتال.
تفخيخ المستقبل
عاصم الصبري – الصحفي المختص في شؤون التنظيمات الإسلامية المتطرفة لـ أخبار الآن، ما يقوم به الحوثيين اليوم من تحشيد وتجنيد الشباب والأطفال وشحنهم عقائديًا بالمعتقدات المتطرفة، هو ذات الشيء التي كانت تقوم به تنظيم القاعدة من قبل، ولكن الفارق أن ما يقوم به الحوثيين هو الأخطر بالنسبة للمجتمع اليمني كون الجماعة تستغل المؤسسات التعليمية والمعاهد والمدارس والجامعات التي تسيطر عليها في ذلك، ومؤخرًا المراكز الصيفية، بينما كان تنظيم القاعدة يعتمد على المساجد فقط.
ويعتقد الصبري ان ما يقوم به الحوثيين حاليًا، هو صناعة للإرهاب وتفخيخ مستقبل اليمن ” خصوصًا أن الجماعة قامت بطباعة مناهج تعليمية مليئة بالمعتقدات المتطرفة التي ستسهم في زعزعة استقرار اليمن لعقود إذا لم يكن هناك معالجة لهذا الأمر.
في مقابلة حصرية يقول م.خ – أحد خريجي جامعة الحديدة، بأنه تم توزيع استمارات تجنيد لهم في الكليات عبر ملتقى الطالب الجامعي؛ ” انا تخرجت منذ عام ولكنني عندما جئت للجامعة لـ استخراج شهادتي طلبوا مني تعبئة الاستمارات الخاصة بالتجنيد، وحضور دورة عسكرية وثقافية لكي استطيع الحصول على شهادتي، وأخبروني في رئاسة الجامعة أن هذا توجيه من القيادة العليا”.
فقد فرضت جماعة الحوثي في مناطق سيطرتها دورات ثقافية وعسكرية على جميع الموظفين الحكوميين، وأظهرت مقاطع فيديو بثتها قنوات تابعة للجماعة موظفين في وزارة الصحة وهم يؤدون تدريبات عسكرية، رغم كبر سن بعضهم، مما أثار استياءً شعبيًا واسعًا، إذ اعتبره البعض إذلالًا للموظفين الحكوميين.
يقول أنيس ياسين – الناشط التربوي اليمني “نحن أمام جماعة المشروع الذي تحمله هو مشروع موت وخراب، يقوم على الخرافة والعنصرية بكل صورها وأشكالها، ويستمد بقاءه واستمراره من العنف والحرب والكراهية وكل ما هو إرهاب لأن هذه الجماعة تحتاج إلى البيئة والمناخ التي تتوفر فيها شروط بقائه ونمائه وفي مقدمتها وسط يستوطنه الجهل والفاقة والخوف والحرمان”.
ويرى أن قطاع التعليم يتعرض من قبل الحوثيين لحرب مستمرة لم تهدأ أو تتوقف للحظة منذ عشر سنوات، مشيرًا إلى أن “التجنيد الإجباري الذي يثار موضوعه اليوم ليس جديدا ولا مفاجئا، فقد بدأت مقدماته في العام 2016 بمطالبة لشقيق زعيم الجماعة المدعو يحيى الحوثي الذي عين وزيرا للتربية والتعليم في حكومة الجماعة والذي تحدث وقتها عن ضرورة إعادة تفعيل قانون التجنيد الإلزامي، إلا أن الحوثيين يستغلونه اليوم تحت مبرر الدفاع عن غزة، والتي مثلت للحوثي فرصة اراد استثمارها وقطع خطوات حقيقية وصولا الى تطبيق قرار التجنيد الالزامي بحذافيره داخل الجامعات والمدارس”.
أمهات بين الخوف والعجز
وقد تلقت أخبار الآن العديد من الرسائل من السكان في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، كانت إحداهن من أم طالب في الثانوية العامة في مدرسة بأمانة العاصمة، تقول فيها أنه تم إعطاء ابنها استمارة تجنيد وطلبوا منه تعبئتها وإرفاق صورة بطاقته الشخصية، “الجميع ما يشتي يوقع عليها، بس الكل خايف، مش عارفين ايش نعمل، والله تعبنا وطفشنا”.
يرى العميد محمد الكميم – الخبير العسكري والإستراتيجي “أن توقف القتال في غزة قد أربك الحوثيين وجعلهم غير قادرين على التحشيد والتعبئة كما كانوا قبل أسابيع، وكذلك قدوم ترامب للقيادة الإدارة الأمريكية وتشديد العقوبات على الحوثيين، مع التلويح الأمريكي باستخدام خيارات أكثر ردعًا، جعل الحوثيين في حالة تخبط شديد، حيث فرضت نظام صارم على تنقل قياداتها العسكرية داخل المناطق التي تسيطر عليها، إلا أن كل تلك تجعلها مستعدة متأهبة لجولة جديدة من القتال، حيث أن هذه الجماعة لن تتوقف عن الحرب إلا إذا تم اغتيال كبار قادتها كما حدث مع حزب الله في لبنان”.
تشير البيانات والمعلومات التي حصلت عليها أخبار الآن من مصادر عسكرية في الجيش اليمني، أن الحوثيين يقومون بالتحشيد ونقل المعدات العسكرية والأفراد إلى الثكنات العسكرية والجبهات في محافظة مأرب والجوف، في ظل إستعداد كبير من قبل قوات الجيش لأي تصعيد ممكن ان تقدم عليه الجماعة.
بينما تشير المعلومات في الأروقة السياسية الدولية عن استعداد أمريكي لهجمة عسكرية ضد الحوثيين، وذلك بسبب استهداف الملاحة البحرية والقطع العسكرية الأمريكية في البحر الأحمر، إلا أن المعلومات لم تحدد طبيعته وكيفية تنفيذ هذه الهجمة، بينما تسعى الأمم المتحدة عبر مبعوثها إلى اليمن في عودة استئناف محادثات السلام، والعودة لتوقيع خارطة الطريق التي كان من المفترض توقيعها قبل عملية “طوفان الأقصى” وأحداث البحر الأحمر.
أخبار متعلقة :