ملاحقة فلول القاعدة في الشام حتى بعد حلّ حراس الدين
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ١٠ إلى ١٦ فبراير ٢٠٢٥. إلى العناوين:
- ملاحقة فلول القاعدة في الشام حتى بعد حلّ حراس الدين
- خبراء يحذرون: انسحاب أمريكا من سوريا سيعيد داعش إلى الواجهة
ضيف الأسبوع، الباحث تشارلز ليستر، مدير برنامجي سوريا ومكافحة الإرهاب والتطرف في معهد الشرق الأوسط. وهو مؤسس نشرة Syria Weekly. مؤلف الكتاب المميز: الجهاد السوري: القاعدة وداعش وتطور حالة التمرد.
أين أصاب الشرع/ الجولاني؟
لم تتوقف ملاحقة فلول القاعدة في الشام بالرغم من إعلان فرع التنظيم هناك – حراس الدين – حلّ نفسه في ٢٨ يناير الماضي؛ بل وبالرغم من انعدام نشاط التنظيم عملياً على الأقل منذ صيف ٢٠٢٠.
في ١٥ فبراير، استهدفت القيادة المركزية الأمريكية سيارة جنوب إدلب ما أسفر عن قتل من وصفته بأنه ”مسؤول بارز في الشؤون المالية واللوجستية“ للتنظيم. ناشطون في إدلب قالوا إن المستهدفَين هما قياديان عسكريان في التنظيم – أبو عبدالرحمن الليبي وفضل الله الليبي. قبل أسبوعين، في ٣١ يناير، استهدف الأمريكيون شمال إدلب قيادياً آخر في الحراس هو خلاد الجوفي.
وهكذا، باتت حسابات قريبة من المقاتلين الأجانب في سوريا تحذر ”كل من له صلة“ بالقاعدة أو حتى داعش من أنهم سيظلون هدفاً لجهود مكافحة الإرهاب. حساب قال: ”إدلب لم تعد آمنة.“
والحقيقة أن إدلب لم تكن يوماً ”آمنة“ للمقاتلين الأجانب المخالفين لنهج هيئة تحرير الشام. وإن ذهبت الهيئة اسماً إلا أنها تظل الرحم التي احتضنت حكّام دمشق اليوم بدءاً بالرئيس السوري أحمد الشرعي (أبي محمد الجولاني). تقليدياً، قادة الهيئة باعتبارهم حكّام إدلب حتى ديسمبر الماضي، كانوا متهمين بالتخابر مع التحالف الدولي – ومنه أمريكا – لقنص المقاتلين الأجانب من منتسبي القاعدة وداعش.
في تلك الأيام، حمل الاتهام وزناً من حيث أن الهيئة كانت تتمثل أيديولوجية إسلامية وتستند في قراراتها المصيرية إلى تفاسير شرعية – أو على الأقل هكذا ادعت. اليوم، هذا الاتهام لم يعد ذا قيمة نظراً إلى التعاون المفتوح بين إدارة دمشق والمجتمع الدولي المعني بمكافحة الإرهاب. حساب قريب من القاعدة في الشام علّق على قتل الجوفي قائلاً إن أمريكا ”أهدت“ الشرع هذه العملية.
في هذا المنشور لفت قول الكاتب إن اغتيال الأفراد غيرِ المرغوب فيهم من جانب الهيئة بدأ مع أبي خالد السوري، أمير حركة أحرار الشام والمقرب من القاعدة.
السوري اغتيل في فبراير ٢٠١٤ بعد أن كلفه زعيم القاعدة أيمن الظواهري بالوساطة بين داعش وجبهة النصرة في ذلك الوقت.
وهذا يذكرنا بدور هيئة تحرير الشام وزعيمها الجولاني (الشرع) في تفكيك الجماعات الجهادية: القاعدة وداعش في الشام. فأين أصاب الجولاني في هذا الأمر وماذ يجب أن يعني ذلك لأنصار القاعدة؟ إليكم تحليلاً من أخبار الآن.
نحن في هذا البرنامج كنا ننتقد الجولاني وأيديولوجيته وأفعاله منذ ظهر في الحراك السوري. فنحن ضد تسييس الدين؛ وضد العنف باسم الدين. في نفس الوقت، كنا نضيئ على دور الجولاني في الانفصال عن القاعدة. فهو لم يعارض التنظيم وحسب وإنما قضى على فرعه في الشام فلم تقم له قائمة حتى بعد أن أعلن التنظيم حلّ نفسه.
الجولاني تخلّى عن القاعدة في الوقت المناسب وعزز هذا بالتركيز على الجهاد المحلي ونبذ الجهاد العالمي وصولاً إلى أحداث ديسمبر ٢٠٢٤. فماذا يجب أن يعني هذا بالنسبة لقادة أفرع القاعدة في ظل قيادة عامة غائبة في إيران؟
لا شك في أن أحمد ديرية أمير القاعدة في الصومال وأبا عبيدة العنابي أمير القاعدة في شمال إفريقيا يتابعان ما حققه الجولاني وربما يغبطانِه. فهل ينبذان نهج القاعدة سواء باتباع سياسة طالبان أو الجولاني؟ أو هل فاتهم الوقت؟ وعندها، هل يستغل كبار أعوانهما الفرصة؟ ألهذا نجد أن مهاد كاراتيه حاضر على الساحة أكثر من ديرية؛ وإياد أغ غالي أكثر من العنابي؟ ربما.
قبل وبعد ٨ ديسمبر
التحوّل الهائل الذي رعاه الشرع بهوياته السابقة منذ ٢٠١٢ مؤشر على فشل نهج الجماعات الجهادية. اللافت أن هذا التحول لا يقتصر على القيادة السياسية في سوريا اليوم، وإنما يمتد إلى الأفراد – أفراد مؤثرين كان لهم دور في الحراك السوري. في هذه الزاوية نتطرق إلى جدل دار هذا الأسبوع حول الدكتور عبدالله المحيسني.
المحيسني سعودي ”هاجر“ إلى الشام في أواخر ٢٠١٣ وانتهى به الأمر قاضياً شرعياً في هيئة تحرير الشام. استقال من الهيئة في سبتمبر ٢٠١٧ احتجاجاً على ممارسات الهيئة و ”تجاوزها“ اللجنة الشرعية.
في السنوات اللاحقة، تحوّل نشاط المحيسني إلى الدعوة من دون تسجيل موقف ضد الهيئة أو إثارتها بأي شكل. اليوم، هو مع الشرع وقيادة سوريا الجديدة. هذا الأسبوع انبرى للتصدي ضد معارضي الشرع التقليديين الذين ينتقدون سلوك القيادة الجديدة من حيث تطبيق الشريعة. يقول: ” إن من يشاهد ما يجري في سوريا اليوم ثم يتسائل لم لا تطبقون الشريعة هو جاهل.“
المعارضون التقليديون ردّوا بكشف تناقض المحيسني مذكرين بمواقفه في أحداث حاسمة في تاريخ الهيئة؛ ومن ذلك أنه كان ”يدعو الشباب المجاهد إلى أن يُقسِموا الأيمان لَيُقاتلوا قادتهم إن لم يطبقوا الشريعة،“ بحسب ما جاء في منشور لأبي يحيى الشامي على التلغرام.
جدل هوية خليفة داعش
أصدرت الأمم المتحدة تقريرها الخامس والثلاثين المتعلق بالقاعدة وداعش وما يتصل بهما من كيانات وأفراد. جزء مهم من التقرير تعلق بهوية قيادة داعش اليوم. في مايو/ يونيو الماضي، تردد أن خليفة داعش الحالي، أبا حفص الهاشمي القرشي، هو في الواقع القيادي في فرع داعش الصومال عبدالقادر مؤمن.
التقرير يقول إن هوية الخليفة المزعوم لا تزال غير محسومة؛ وكذلك موقع مؤمن في التنظيم.
تعليقاً على هذا الأمر، قال مناصرون لداعش على التلغرام إن ”الاختلاف“ على هوية الخليفة هو دليل على نجاح التنظيم في اتخاذ تدابير أمنية تحول دون اختراقه والحصول على معلومات موثوقة.
في هذا الملف، نُذكر بما قاله حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي، المختص في كشف خبايا التنظيم. قال إن مؤمن هو فعلاً أبو حفص الهاشمي القرشي استناداً إلى معلومات استقاها من ”ثقات“ داخل فرع التنظيم في الصومال.في نفس الوقت، ما فتئ الحساب يكشف تفاصيل تتعلق باختراقات أمنية في ولايتي الشام والعراق ما تسبب في قتل قياديين كبار في الربع الأخير من العام الماضي ضمن حملة واسعة للتحالف غرب العراق.
في الأثناء، وفيما تعد الإدارة الأمريكية الجديدة الخطة للانسحاب من سوريا، يحذر عارفون من خطر هذه الخطوة في هذا الوقت تحديداً.
https://twitter.com/ColinPClarke/status/1891876938181972354، من معهد صوفان، كتب في Foreign Policy مذكراً بأن هجمات التنظيم في سوريا العام الماضي زادت عن العام الذي سبقه وأن هذه الزيادة لم تكن كمّية فحسب وإنما أظهرت اتساعاً جغرافياً ودموية في التنفيذ.