المرصد ٢٨٨| بعد انشقاقه عن قاعدة اليمن أبو عمر النهدي ينبذ الجهادية - خليج نيوز

أبو عمر النهدي يشكل تياراً سياسياً وطنياً

أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ١٧ إلى ٢٢ أبريل ٢٠٢٥. إلى العناوين:

  • بعد انشقاقه عن قاعدة اليمن، أبو عمر النهدي ينبذ الجهادية ويشكل تياراً سياسياً وطنياً
  • ما الجديد في وثائق نُشرت أخيراً عن تاريخ الرئيس السوري الشرع في السجون العراقية؟
  • هل أصاب الشرع في تعاطيه مع الملف الكوردي؟
  • وهل بدأت نهاية عصر العولمة؟

ضيف الأسبوع، المهندس دلشاد عثمان، الناشط السوري الكردي والمختص بالأمن الرقمي.

النهدي من جهادي إلى سياسي

لا شك سيكون من أهم أحداث هذا العام في الساحة الجهادية: تشكيل كيان سياسي في اليمن يتصدره قياديون سابقون في تنظيم القاعدة هناك.

في ١٤ أبريل ٢٠٢٥، أُشهر في حضرموت شرق اليمن تيار التغيير والتحرير برئاسة رياض أبي عمر النهدي، وهو قيادي شرعي في تنظيم قاعدة اليمن خاصة في المكلا إبّان سيطرة التنظيم عليها في ٢٠١٥. انشق عن تنظيم القاعدة فيما عُرف بقضية ”الاعتزال الكبير“ عام ٢٠٢٠. نائبه هو أيضاً قيادي سابق في التنظيم واسمه محمد السعدي.

فيما يلي نستعرض جوانب من هذا الإشهار بعضها جدلي: قضية الاعتزال الكبير؛ وما تواتر عن أثر تركي أو ”إخواني“ في التيار؛ وحتى ما تواتر عن علاقة مع أبي محمد الجولاني (الرئيس السوري أحمد الشرع). لكن نبدأ بمعالم التيار بحسب كلمة وبيان الإشهار.

تيار التغيير والتحرير

أمران مهمان في توصيف التيار. الأول يتصل بالداخل، وهو تأكيد هويته اليمنية الخالصة؛ لا علاقة له مع أي كيان في الخارج أو الداخل. في كلمة الإشهار، أكد النهدي أن التيار مكون وطني شعبي يسعى إلى وحدة اليمن ورفعته. قال: ”يعانق وحدة اليمن ويؤمن أن الحل ليس في تشظية الأرض وشرعنه الكيانات الهزيلة.“

الأمر الثاني، يتصل بالخارج، وهو تأكيد الهوية العربية للتيار بما يضمن  استقراراً إقليمياً ”وشراكة مع العرب تقوم على احترام متبادل.“ في مقابلة مع قناة المهرية الحضرمية، في أول ظهور للنهدي في الإعلام، عاد وأكد أن التيار منفتح على الجميع في الداخل والخارج. قال: ”أيدينا ممدودة ولم نُظهر العداء لأي طرف.“ سُئل عن الموقف من السعودية فكان رده إيجابياً. قال ”نريد علاقة إيجابية.“ سُئل أيضاً عن المجلس الانتقالي الجنوبي، فكان جوابه متوجساً.

أقل ما يمكن أن يُقال في هذا الخطاب هو أنه مختلف عمّا قد يتوقعه المرء حتى من جهادي سابق. فلم يذكر الجهاد أو الشريعة أو حتى القضية الفلسطينية-  باعتبارها ثيمةً ثابتةً في أدبيات الإسلاميين. وهذا مهم في الحكم لاحقاً على هذه التجربة التي يقودها النهدي.

المرصد ٢٨٨| بعد انشقاقه عن قاعدة اليمن أبو عمر النهدي ينبذ الجهادية

النهدي والعلاقة التركية

جوانب الجدل حول تيار النهدي تتعلق بالرابط التركي. وهذا له جانبان. الأول متعلق بجماعة الإخوان المسلمين، والثاني بالرئيس السوري أحمد الشرع (أو أبي محمد الجولاني) الذي وصل حديثاً إلى سُدة الحكم في دمشق خارجاً من عباءة القاعدة وبإسناد من تركيا – على الأقل كما يقول الرئيس الأمريكي دونالد ترمب. في المطلق، ليس ثمة ما يؤكد هذه العلاقة. لكن في محاولة تتبع مصدر هذا الربط، لفت أمران. الأول، ما نشره الصحفي اليمني فتحي بن لزرق رئيس تحرير صحيفة عدن الغد والذي يتابع حسابه على إكس قرابة المليون. كتب قبل الإشهار بيوم عن ”كيان سياسي جديد في حضرموت بدعم تركي، برئاسة سياسي يمني على تواصل مباشر مع الرئيس السوري أحمد الشرع.“ وأضاف أن ”التيار يضم عددًا من الشخصيات السياسية اليمنية المقربة من الفصائل السورية المسلحة التي تحكم سوريا حاليًا.“

كذلك نشر موقع مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات FDD، وهي مركز بحثي مستقل مقره واشنطن، مقالاً بعنوان: ”علاقة تركيا مع مكونات تابعة للقاعدة في اليمن يهدد الأمن الإقليمي.“ المقال ينطلق في التحليل من منشورات في حساب باسم أبي عمر النهدي على إكس، يقول في إحداها: ”تركيا بلدٌ يحبنا ونحبه.“ والحقيقة لم يتسنّ لهذا البرنامج التحقق من أن هذا الحساب يعود فعلاً إلى النهدي خاصة أنه غير موثق بالعلامة الزرقاء، وخاصة أن حساب التيار على إكس موثق. المقال يستند أيضاً إلى منشورات من طرف ثالث مثل حساب اليوم الثامن على إكس يقول إن ”النهدي قد فكّر في الانشقاق عن تنظيم القاعدة والانضمام إلى تنظيم داعش، إلا أنه عدل عن ذلك، مفضّلًا اللجوء إلى تركيا التي تسعى إلى تقديمه سياسيًا على نهج رفيقه السابق أحمد الشرع ( المعروف بأبو محمد الجولاني ) ، الحاكم السوري الجديد.“ ما يستطيع أن نقوله عن هذا الكلام هو أن لا شيئ نعرفه يشي بأن الرجل فكر في الانضمام إلى داعش. أما العلاقة مع الجولاني، فهي لا تزال محل تكهن.

النهدي .. صاحب الاعتزال الكبير

وهنا نأتي إلى تنظيم القاعدة في المقابلة مع قناة المهرة، سُئل النهدي عن تاريخه مع القاعدة قال إنه ترك التنظيم منذ ٢٠١٨، وإنه على ”خلاف“ معهم. وهذا يعيدنا إلى قضية ما صار يُعرف ”بالاعتزال الكبير“ – حسب توصيف إعلام داعش في اليمن. القضية انتهت بانشقاق النهدي وآخرين عن قاعدة اليمن.

بحسب ما تكشف في الفترة من فبراير إلى يوليو ٢٠٢٠، نعلم أن الخلاف تعلق ”بتجاوزات وأخطاء شرعية ومظالم“ على خلفية ”الإفراط في التخوين والاتهام بالجاسوسية.“ جاء هذا على لسان المتظلمين وهم عناصر في التنظيم قادهم النهدي في نوفمبر ٢٠١٩ طالباً إنصافهم عند قيادة التنظيم، ممثلة وقتها بزعيم التنظيم قاسم الريمي الذي انتدب خالد باطرفي وسعد العولقي. النهدي وصحبه، وخاصة منصور الحضرمي، طالبوا بتدخل مباشر من القيادة العامة لتنظيم القاعدة وقتها، أيمن الظواهري؛ وبتشكيل محكمة مستقلة تبت في الخلاف.

في أبريل ٢٠٢٠، نشر النهدي كلمة صوتية وبياناً مكتوباً، موجهاً في جزء منه إلى الظواهري، بعد أن وصلوا ”إلى طريق مسدود“ مع قيادة التنظيم في اليمن لحل الخلاف وبعد أن وصلت أنباء ”الاعتزال“ إلى الإعلام.

في ذلك الوقت، كانت قيادة التنظيم رفضت المحكمة المستقلة وأصرت على محكمة داخلية. النهدي وصحبه رفضوا لأنهم ما عادوا يثقون بالتنظيم ومحاكمه. في نفس الوقت، لم تُرفع مذكرة إلى الظواهري حتى يبتَّ هو الآخر في الأمر.

بعد شهر، في أيار ٢٠٢٠، أصدرت قيادة التنظيم كلمة صوتية وبياناً طويلاً رداً على رسالة النهدي بعنوان ”ولا تكن للخائنين خصيما.“ التنظيم أكد التهم الموجهة إلى المتظلمين الذين اتهموا بدرجات مختلفة من مخالفة العمل الجهادي ومنها الجاسوسية والعمالة. ومن ذلك أن النهدي ومنصور الحضرمي، ممثلي المتظلمين، أرادا ”تسليم“ جبهة قيفة إلى حكومة الشرعية على اعتبار أن ”الجبهة ضد الحوثي تستنزف التنظيم وأن قوات … الشرعية ستأتي لا محالة، ولا قدرة لنا لقتالهم.“

بعد شهرين، في يوليو ٢٠٢٠، ردّ النهدي وصحبه على بيان القاعدة بعنوان ”وقفات،“ انتهى إلى إعلان الخروج من التنظيم. يقول: ”وبعد أن تبين لنا مدى انحراف جماعة قاعدة الجهاد في جزيرة العرب … لم يعد بيننا وبين هذه الجماعة أي رابطة أو علاقة تنظيمية.“

منذ ذلك الوقت، لم يُعرف أن النهدي شكل كياناً موازياً للقاعدة أو انضم إلى أي جهة أخرى.

المرصد ٢٨٨| بعد انشقاقه عن قاعدة اليمن أبو عمر النهدي ينبذ الجهادية
الجولاني من جديد

تصادف في فترة الرصد أنباء جديدة عن شخصية جهادية سابقة متعلقة بشكل أو بآخر مع النهدي – إنه الرئيس السوري أحمد الشرع.

في ١٦ أبريل،  نشرت قناة صابرين نيوز، العراقية الموالية لإيران، دفعة جديدة من صور قديمة للرئيس السوري أحمد الشرع أثناء فترة اعتقاله في السجون الأمريكية والعراقية في الفترة من ٢٠٠٥ إلى ٢٠١١ بتهمة انتمائه إلى تنظيم القاعدة في العراق. في ذلك الوقت، عُرف الشرع بهوية عراقية باسم أمجد مظفر حسين النعيمي.

اعتقله الأمريكيون في مايو ٢٠٠٥ وانتقل إلى عهدة العراقيين في أبريل ٢٠١٠. أطلق سراحه في ١٣ مارس ٢٠١١   ”لعدم مطلوبيته لأي جهة تحقيقية ولعدم كفاية الادلة المتحصلة ضده.“

مراقبون رأوا أن نشر الوثائق هو عمل إيراني ”يهدف إلى إحراج الشرع،“ لافتين إلى التوقيت الذي يأتي مع توجيه العراق دعوة رسمية إلى الشرع لحضور القمة العربية في بغداد في أيار المقبل.

والحقيقة أن ما نُشر لم يقدم جديداً عمّا نعرفه عن الرجل مما قاله هو نفسه في غير زمان ومكان. طوال ١٣ عاماً – من ٢٠٠٣ إلى ٢٠١٦ – كان الجولاني ”جندياً“ من جنود القاعدة – في العراق أو الشام. بحسب ما قاله في مقابلة مع مارتن سميث من الخدمة الأمريكية العامة PBS في فبراير ٢٠٢١ – وهو كلام تؤيده مصادر أخرى مثل صالح الحموي – أو أس الصراع في الشام – أحد مؤسسي جبهة النصرة في حلب – سافر الشرع / الجولاني إلى العراق أول مرة قبل أسبوعين أو ثلاثة من بدء الغزو الأمريكي في ٢٠٠٣ بمساعدة ”شيخ سلفي“ تعرف عليه في دمشق كان يعمل تحت إمرة قيادي عسكري يتبع أبا مصعب الزرقاوي. عاد إلى الشام. ثم رجع إلى العراق بعد بداية الحرب واستقر في الموصل متخصصاً في زرع العبوات الناسفة.

اعتقله الأمريكون في أيار ٢٠٠٥. في السجن، تعرف الشرع / الجولاني على عنصر في القاعدة أصبح لاحقاً مقرباً من أبي بكر البغدادي، زعيم فرع القاعدة في العراق والذي أصبح زعيم داعش. كان الشرع/ الجولاني أخبره بخطة للعمل في سوريا. رتب له لقاء مع البغدادي الذي وافق على إرساله إلى الشام على رأس مجموعة صغيرة من رجال البغدادي – من بينهم أبو ماريا القحطاني – وبميزانية تصل إلى ٦٠ ألف دولار شهرياً. وهكذا كانت جبهة النصرة، التي أُعلن عنها في يناير ٢٠١٢. فكانت أول مرة يظهر إلى العلن اسم أبي محمد الجولاني.

وبإمكانكم الرجوع إلى الحلقة ٢٧٨ من هذا البرنامج لتفاصيل أكثر عن تاريخ الجولاني من ٢٠٠٣ حتى اليوم.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق بلبلة كبيرة و"المستقبل" حاضر - خليج نيوز
التالى هذا ما تحتاج إليه الحكومة لكسب ثقة الناس - خليج نيوز