إسطنبول تستضيف مفاوضات لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا
منذ 24 فبراير/شباط 2022، تشن روسيا هجومًا عسكريًا واسع النطاق على أوكرانيا، أدى إلى واحدة من أكثر النزاعات دموية وأطولها في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
خلفت الحرب عشرات الآلاف من القتلى والجرحى من الجانبين، ونزوح ملايين الأوكرانيين داخل وخارج البلاد، فضلًا عن دمار هائل للبنية التحتية وتداعيات اقتصادية وسياسية عالمية.
تطالب روسيا بإنهاء ما تسميه “التهديد الغربي”، وتشترط لإنهاء العمليات العسكرية أن تتخلى كييف عن نيتها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) أو أي كيانات عسكرية غربية، وهو ما ترفضه أوكرانيا باعتباره تدخلاً سافرًا في سيادتها.

مفاوضات إسطنبول
بعد توقف دام ثلاث سنوات، تعود عجلة المفاوضات للدوران مجددًا بمبادرة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي اقترح في 11 مايو/أيار الجاري استئناف الحوار المباشر مع أوكرانيا دون شروط مسبقة، على أن تُعقد الجولة يوم 15 مايو في مدينة إسطنبول التركية.
وقد طلب بوتين رسميًا من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استضافة هذه الجولة، وهو ما وافق عليه الأخير، مؤكدًا استعداد أنقرة لـ”دعم تحقيق سلام عادل ودائم”، في خطوة لاقت ترحيبًا من الحكومة الأوكرانية.
ويمثل الوفد الوفد الأوكراني: أندريه سيبيها وزير الخارجية ورستم عمروف وزير الدفاع وأندريه يرماك رئيس مكتب الرئاسة وإيغور جوفكفا مستشار الرئيس ومجموعة كبيرة من المسؤولين الأمنيين والدبلوماسيين
الوفد الروسي:
ويمثل الوفد الروسي فلاديمير ميدينسكي مساعد الرئيس الروسي (رئيس الوفد) وميخائيل غالوزين نائب وزير الخارجية وإيغور كوستيوكوف رئيس المديرية العامة لهيئة الأركان العامة وألكسندر فومين نائب وزير الدفاع
سياق المفاوضات
هذه ليست المرة الأولى التي تستضيف فيها إسطنبول محادثات بين الطرفين، فقد شهدت في مارس/آذار 2022 عدة جولات تفاوضية لم تسفر عن اتفاق شامل، وإن كانت قد مهدت لتوقيع اتفاق الحبوب في يوليو/تموز من نفس العام، بوساطة تركية وأممية. وقد سمح الاتفاق بتصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود لتخفيف أزمة الغذاء العالمية، لكنه عُلّق في يوليو 2023 بقرار من موسكو.
الجولة الجديدة تحمل طابعًا مختلفًا من حيث التوقيت، إذ تأتي وسط حالة إنهاك عسكري لدى الجانبين، وضغط دولي متزايد لإيجاد تسوية تُنهي النزاع الذي طال أمده. كما تعكس جزئيًا تغيرًا في المزاج السياسي داخل الكرملين، حيث جاء طرح بوتين دون شروط مسبقة، بخلاف الخطاب الروسي السابق.

ماذا فعلت الحرب؟
تشير التقديرات الغربية إلى سقوط أكثر من 350 ألف قتيل ومصاب من الجانبين، رغم تحفظ روسيا وأوكرانيا عن كشف الأرقام الرسمية بدقة.
واقتصاديا تعرضت روسيا لعقوبات غير مسبوقة، في حين خسرت أوكرانيا أكثر من نصف ناتجها المحلي، وتعتمد الآن بشكل كبير على الدعم الغربي.
وعلى الصعيد الإنساني فقد لجأ أكثر من 8 ملايين أوكراني إلى أوروبا، ونحو 6 ملايين نزحوا داخل البلاد.
ورغم أن هذه المفاوضات لا تعني بالضرورة اقتراب نهاية الحرب، فإنها تشكل تحولًا مهمًا في الموقفين الروسي والأوكراني. إلا أن تحقيق تقدم حقيقي سيعتمد على مدى استعداد الطرفين لتقديم تنازلات، وهو أمر ما زال محفوفًا بالتعقيدات الجيوسياسية، وحسابات الربح والخسارة العسكرية، وضغوط الحلفاء من كلا الجانبين.