شحنات غير مسبوقة من الحوثي إلى الشباب
في 5 نوفمبر تشرين الثاني 2024، تمكنت قوات الأمن الصومالية من اعتراض شحنة أسلحة تضمنت بنادق “كلاشنيكوف” AK-47، ومدافع رشاشة ثقيلة، وطائرات مسيّرة، بالإضافة إلى مسحوق مادة TNT شديدة الانفجار. ومع ذلك، تمكنت بقية الشحنة من الإفلات، ووصلت إلى المناطق التي تسيطر عليها جماعة الشباب الإرهابية، مما ساهم في تعزيز قدراتها العسكرية.
تضمنت الشحنة طائرات مسيّرة مفككة، مثل أحدث طرازات DJI Phantom 3 و4، التي أعيد تجميعها فور وصولها لاستخدامها في عمليات الاستطلاع والهجمات الدقيقة. كما وردت تقارير عن نشر صواريخ بعيدة المدى على طول السواحل الاستراتيجية لخليج عدن والبحر الأحمر.
هذا الكشف يأتي في هذا التحقيق الذي أجريناه في أخبار الآن، حيث تتبعنا شبكة معقدة لتجارة الأسلحة تربط بين الحوثيين في اليمن وجماعة الشباب في الصومال. يسلط تحقيقنا الضوء على طرق التهريب، وأنواع الأسلحة المتداولة، والتهديدات المتزايدة التي يفرضها هذا التعاون العسكري السرّي.
على مدى السنوات الماضية، اجتذبت الديناميكيات السياسية العالمية اهتمامًا كبيرًا، مما ساهم في إعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط وأفريقيا. وأصبحت المياه الممتدة من اليمن إلى منطقة القرن الأفريقي، وخاصة الصومال، بؤرة لنشاط واسع لتهريب الأسلحة، حيث تنخرط فيه عدة أطراف رئيسية. هذه المنطقة، التي تعاني أصلًا من توترات سياسية حادة، أصبحت محط اهتمام القوى العالمية التي تسعى لتوسيع نفوذها في خليج عدن وعلى سواحل الصومال.
برز تهريب الأسلحة من إيران إلى الصومال كظاهرة خطيرة ومتنامية، حيث كشفت تحقيقات مكثفة معلومات تفصيلية حول مسارات التهريب، الوسطاء، وأنواع الأسلحة المنقولة عبر اليمن والحوثيين وصولًا إلى جماعة الشباب في الصومال. قناة أخبار الآن أجرت تحقيقًا معمقًا حول القضية، شمل لقاءات مع مسؤولين في الاستخبارات الصومالية ورؤساء أمن ذوي خبرة طويلة. كما استعانت بمصادر استخباراتية ميدانية تعمل بنشاط على اعتراض تدفقات الأسلحة غير المشروعة، وقد فضلت هذه المصادر البقاء مجهولة حفاظًا على سلامتها.
نعرض في هذا التحقيق ممرات التهريب المختلفة التي تربط اليمن بالصومال، ونكشف كيف أن ميناء بوصاصو بات يلعب دورًا محوريًا في هذه العمليات. التحقيق مواقع رئيسية ومراكز تهريب بارزة، منها المناطق الساحلية في بونتلاند مثل “ماريرو” (خط العرض 11°193954.52N، وخط الطول 49°183903.03E) و”إلايو” (خط العرض 11°1436.6N، وخط الطول 48°533934.12E)، حيث تُستخدم زوارق سريعة صغيرة لنقل الأسلحة والأفراد.
النقاط الساحلية الرئيسية لتهريب الأسلحة إلى الصومال
عززت هذه الأنشطة بشكل كبير من قدرات الجماعات المتطرفة الناشطة في الصومال والمنطقة ككل، حيث أصبح ميناء بوصاصو، الواقع في منطقة باري ببونتلاند، بوابة رئيسية لتهريب الأسلحة المتطورة من اليمن إلى الصومال. ووفقًا للتحقيق، فإن هذه الأسلحة أسهمت في تعزيز قوة جماعة الشباب، مما يشكل تهديدًا أمنيًا خطيرًا للدول المجاورة مثل إثيوبيا، كينيا، وجيبوتي.
أكدت مصادر استخباراتية صومالية وسلطات في بونتلاند، بشكل غير رسمي، لأخبار الآن أن الغالبية العظمى من هذه الأسلحة إيرانية الصنع، مع وجود بعض الأسلحة القادمة من الصين. وقد أسهم تجدد اتفاق تجارة الأسلحة بين الحوثيين وجماعة الشباب في تعزيز شبكة تهريب مزدهرة بالفعل. هذا التعاون مكّن جماعة الشباب من الحصول على أسلحة متطورة، مما أدى إلى تصعيد تمردها وتوسيع نطاق عملياتها.
مسار التهريب: الشحنات الأخيرة وتكثيف العمليات
خلال التحقيق الذي أجرته أخبار الآن، تم الكشف عن تفاصيل شحنات كبيرة تعكس حجم وتنظيم شبكة التهريب. ففي 5 نوفمبر تشرين الثاني 2024، أظهرت تقارير استخباراتية نجاح تهريب الأسلحة التالية إلى المناطق التي تسيطر عليها جماعة الشباب:
- أسلحة خفيفة: بنادق AK-47، مسدسات، وذخيرة.
- أسلحة ثقيلة: رشاشات PKM، ومدافع رشاشة DShK، وقاذفات RPG.
- طائرات مسيّرة: طرازات DJI Phantom 3 و4، مفككة أثناء النقل وأعيد تجميعها بعد الوصول.
- مواد متفجرة: مسحوق TNT ومواد لتصنيع العبوات الناسفة (IEDs).
- صواريخ بعيدة المدى: تمركزت على طول سواحل خليج عدن والبحر الأحمر.
بعد 11 يومًا فقط، في 16 نوفمبر تشرين الثاني 2024، وخلال سير التحقيق، تم الكشف عن شحنة أخرى تضمنت أسلحة متطورة تم تهريبها عبر منطقة “إلايو” ونقلها إلى جبال “المداو”. واحتوت الشحنة على 13 طائرة مسيّرة، تمكنت شرطة بونتلاند من اعتراض اثنتين منها، بينما وصلت الـ11 الأخرى إلى منطقة بلدوين في وسط الصومال. تكرار نقل هذه الشحنات وتحركات الأسلحة خلال فترة قصيرة يشير إلى أن هذا النشاط أصبح أمرًا شائعًا للغاية، مما يفاقم التهديدات الأمنية ويؤكد الحاجة إلى تعاون دولي أكثر فعالية لمكافحة هذه الشبكة المتنامية.
أسلحة متطورة تم اعتراضها في منطقة إلايو. المصدر: مكتب الأمن والاستخبارات الصومالية
دور إيران المحوري
تعتبر إيران الداعم الرئيسي للحوثيين، مما يجعلها شريكًا غير مباشر في دعم جماعة الشباب عبر تزويدها بالأسلحة المتطورة والدعم المالي. وأكدت التقارير الاستخباراتية أن معظم الأسلحة التي تم ضبطها إيرانية الصنع، مع نسبة أقل مصدرها الصين.
المسارات البحرية والخدمات اللوجستية
تعتمد شبكة التهريب على مسارات بحرية استراتيجية وعمليات سرية:
المسارات الرئيسية:
تُحمل الأسلحة على قوارب صيد متنكرة في هيئة سفن مدنية في إيران، وتنقل عبر بحر العرب والبحر الأحمر.
ثم قرب المياه الصومالية، يتم نقل الحمولة إلى زوارق سريعة حول منطقة رأس عسير، وهي نقطة استراتيجية حيث يلتقي البحر الأحمر بالمحيط الهندي.
نقاط النقل:
تُسلّم الأسلحة قرب “لاسو صوراد”، وهي منطقة معزولة بين أرض الصومال وبونتلاند، حيث تضعف سيطرة الحكومة، مما يجعلها مركزًا مثاليًا للتهريب.
تتم عمليات التسليم النهائية قبالة السواحل عند نقاط مثل “حُول عنود”، “خوخا”، و”خوخة”.
تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال (ISS)
تُظهر الخريطة تدفقات الأسلحة غير المشروعة من اليمن إلى مواقع مختلفة في الصومال.
المصدر: مكتب الأمن والاستخبارات الصومالية
السفن الرئيسية والعملاء
السفن:
- AL-XAMIIDI: قارب صيد مرتبط بشبكات التهريب الإيرانية.
- AL-CARFAAN: زورق سريع يقوده ياسر بركاش، ويُعتقد أنه متورط في عمليات تهريب عديدة حديثة.
رغم أهميتهما في شبكة التهريب، لم نعثر على معلومات تفصيلية عن هذه السفن في سجل المنظمة البحرية الدولية (IMO) أو أي قواعد بيانات رئيسية لتتبع السفن. يشير غياب السجلات إلى استخدامهما في عمليات سرية وغير مسجلة، مما يجعلهما أهدافًا صعبة للرصد الدولي.
العملاء:
- عبد الله محمد علي: مهرب مخضرم يتمتع بخبرة تزيد عن 35 عامًا، يدير مهمات تهريب كبرى.
- ياسر بركاش: شريك موثوق لعبد الله، وله علاقات واسعة بالموردين الإيرانيين.
كلا العميلين في عهدة السلطات الصومالية الآن، لكن الشبكة ما زالت تعمل تحت قيادة جديدة. وأوضح مصدر مجهول الهوية أن “عبد الله وزملاءه عملوا في شبكة التهريب لسنوات، وكانت أساليبهم المبتكرة وغير المكتشفة الشريان الرئيسي لتدفق الأسلحة غير المشروع. حتى بعد سجنهم، استمرت عمليات التهريب بسبب شبكة علاقاتهم العميقة”.
أكد مرسال عبد السلام محمد، المعروف باسم مرسال نايل، وهو رئيس الاستخبارات الحالي لمنطقة باري في الصومال، لقناة أخبار الآن أن علاقات جماعة الشباب مع الحوثيين ازدهرت بشكل ملحوظ في عام 2024. وأشار إلى أن العلاقة كانت موجودة في الماضي، لكنها أصبحت أقوى بكثير اليوم.
وأضاف مرسال، الذي يمتلك 41 عامًا من الخبرة في الاستخبارات الصومالية، أن تدفق الأسلحة غير المشروع شهد ارتفاعًا غير مسبوق، وأن الحكومة الصومالية تجري تحقيقات جدية حول القضية. وقال مرسال: “شحنات الأسلحة القادمة من اليمن غالبًا ما تُخفي كسلع تجارية، مع تولي جماعة الشباب تسهيل نقلها داخل الأراضي الصومالية عبر شركاء محليين”.
وأوضح رئيس الاستخبارات أن الشبكة تشمل عمليات التوزيع داخل بونتلاند، بالإضافة إلى تسليح مقاتلي جماعة الشباب، مع التركيز على تأمين مسارات التهريب من المناطق الساحلية إلى مراكز التوزيع الداخلية.
تمكنت أخبار الآن من مراجعة وثيقة سرية من مكتب الاستخبارات الصومالية، تكشف تعقيدات شبكة التهريب التي تدعم تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال (ISS). ووفقًا للوثيقة، تشكل هذه الشبكة شريان حياة حيويًا لاستمرار التنظيم ونمو عملياته.
الشبكة وعناصرها
يقود الشبكة أفراد متجذرون بعمق في النسيج الاجتماعي والسياسي لمنطقة بونتلاند، ومرتبطون مباشرة بتجارة الأسلحة في اليمن. توفر هذه الشبكة الدعم اللازم للتنظيم للحفاظ على وجوده في منطقة باري وتوسيع نطاق نفوذه. وقد أكدت الوثيقة أن تعطيل هذه الشبكة يتطلب جهودًا منسقة تشمل:
- استهداف الأفراد الرئيسيين: تحديد وإيقاف المسهلين الرئيسيين للشبكة.
- تعزيز المراقبة البحرية: لتحسين قدرة السلطات على كشف واعتراض الشحنات غير المشروعة.
- معالجة الأنظمة المالية: التي تسهّل المعاملات غير المشروعة المرتبطة بالتهريب.
باختصار تشير الوثيقة إلى أن هذه العلاقة تمثل تهديدًا مزدوجًا، حيث تُمكّن التنظيم من تعزيز عملياته في الصومال، مع فتح أبواب جديدة للنفوذ الإيراني في المنطقة
تهديد متزايد من جماعة الشباب
أدى تدفق الأسلحة المتطورة والطائرات المسيّرة إلى تصعيد كبير في تهديد جماعة الشباب. مع تعزيز قدراتها العسكرية، كثفت الجماعة من هجماتها واسعة النطاق ضد القوات الصومالية وحلفائها، مما يقوض الاستقرار الإقليمي. كما أن قدراتها البحرية المتوسعة، بما في ذلك أعمال القرصنة على طول الطرق البحرية الدولية، تعرض التجارة العالمية للخطر وتضاعف تأثيرها المزعزع.
المخاطر الاستراتيجية
يشكل التوسع المتزايد لجماعة الشباب في شمال شرق الصومال تهديدًا خطيرًا لجهود مكافحة الإرهاب ويعرض التجارة الدولية للخطر. إذا استمرت قدراتها التشغيلية في النمو دون رادع، فإنها تهدد بزعزعة أحد أهم الممرات التجارية في العالم، مما سيؤدي إلى تداعيات اقتصادية وأمنية خطيرة على المنطقة والعالم.
التهديد للتجارة العالمية وخليج عدن
يزيد التحالف الاستراتيجي بين جماعة الشباب والمتمردين الحوثيين من مخاطر تعطيل الطرق البحرية العالمية، خاصة عبر مضيق باب المندب. هذا المضيق يربط البحر الأحمر بخليج عدن ويعمل كبوابة بين المحيط الهندي والبحر المتوسط عبر قناة السويس. يعبر حوالي 10-12% من التجارة العالمية هذا الطريق، بما في ذلك ملايين البراميل من النفط يوميًا.
تداعيات أي تعطيل لهذا الممر
سيؤدي أي اضطراب في طرق الشحن إلى زيادات كبيرة في تكلفة السلع على مستوى العالم. مما سيؤثر تباعا في أسواق الطاقة التي تتزعزع بفعل عرقلة شحنات النفط مما يزيد من تفاقم التحديات الاقتصادية العالمية الحالية.
استراتيجية الجماعات المسلحة ومخاطر القرصنة
تعتبر كل من جماعة الشباب والحوثيين ممر البحر الأحمر طريقًا يُستخدم في الغالب من قبل الحلفاء الغربيين. هدفهما في تعطيل هذا الممر يتماشى مع دعمهما الأيديولوجي للحركات الأوسع المناهضة للغرب، بما في ذلك التضامن مع فلسطين. هذا التحالف قد يؤدي إلى:
- زيادة الهجمات البحرية: تصاعد في أعمال القرصنة، اختطاف السفن، والهجمات على السفن.
- توسيع نطاق العمليات: اضطرابات استراتيجية تهدف إلى استعراض قدراتهم وجذب الانتباه الدولي.
توسيع التهديد الإرهابي خارج الصومال
أيديولوجية جماعة الشباب المتطرفة ونفوذها يمكن أن يمتدا إلى ما هو أبعد من الصومال. مع تنامي التحالف مع الحوثيين، يمكن أن تصبح جماعة الشباب تهديدًا أكبر وأكثر مباشرة للدول العربية الرئيسية في المنطقة. وتشمل المخاطر الرئيسية:
- عمليات عبر الحدود: يمكن أن تصعّد جماعة الشباب أنشطتها من الدول الأفريقية المجاورة إلى دول الخليج.
- تهديد الاستقرار الإقليمي: التعاون قد يعزز من جرأة مجموعات متطرفة أخرى في المنطقة، مما يؤدي إلى تأثير متسلسل لانعدام الأمن.
التداعيات الإقليمية: التهديد الأوسع لتهريب الأسلحة بين الحوثيين وجماعة الشباب
تؤكد تجارة الأسلحة بين الحوثيين وجماعة الشباب الطبيعة المترابطة للصراعات الإقليمية، مما يشكل تهديدات خطيرة ليس فقط للصومال بل أيضًا لجيرانه: إثيوبيا، كينيا، وجيبوتي. هذه الدول تبقى في حالة تأهب قصوى خوفًا من احتمالية وقوع هجمات إرهابية أو توغلات داخل أراضيها.
تهديد جماعة الشباب الأخير لإثيوبيا بشأن مذكرة التفاهم مع أرض الصومال يعكس جرأة الجماعة المتزايدة وطموحاتها الاستراتيجية. ردّت إثيوبيا من جانبها بتعزيز عسكري جديد على حدودها مع الصومال، كما وقعت اتفاقية مشتركة مع كينيا لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتهريب الأسلحة، مما يبرز خطورة هذا التهديد.
لكن جماعة الشباب ليست المستفيد الوحيد من هذه الأسلحة المهربة. فمن المرجح أن مجموعات متمردة أخرى في منطقة القرن الأفريقي، بما في ذلك تلك الناشطة داخل إثيوبيا، تتلقى هذه الأسلحة، مما يزيد من تفاقم حالة عدم الاستقرار. انتشار هذه الأسلحة يمكن أن يؤدي إلى:
- تصعيد التمردات على مستوى عالٍ.
- الإطاحة القسرية بالحكومات.
- انتشار الجريمة المنظمة عبر المنطقة.
ومع ذلك، فإن جماعة الشباب ليست المستفيد الوحيد من هذه الأسلحة المهربة. فمن المرجح أن تستفيد مجموعات متمردة أخرى في منطقة القرن الأفريقي، بما في ذلك تلك الناشطة داخل إثيوبيا، مما يزيد من تفاقم حالة عدم الاستقرار. إن انتشار هذه الأسلحة يمكن أن يؤدي إلى تصعيد تمردات على مستوى عالٍ، وإسقاط حكومات بالقوة، وانتشار الجريمة المنظمة عبر المنطقة.
التصدي لهذا التحدي المعقد يتطلب استجابة منسقة من الحكومات الإقليمية وأصحاب المصلحة الدوليين. يشمل ذلك تعزيز الأمن على الحدود، وتكثيف الدوريات البحرية، وتفكيك الشبكات المالية واللوجستية. بدون اتخاذ إجراءات حاسمة، ستواصل شبكات تهريب الأسلحة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي، مما يقوض السلام والأمن في منطقة تعاني أصلًا من الهشاشة.
فيما يتعلق بأنشطة التجارة العالمية، فإن العلاقات المتصاعدة بين جماعة الشباب والحوثيين، إلى جانب زيادة عمليات تهريب الأسلحة، تشكل خطرًا كبيرًا على الممرات البحرية الحيوية. من المرجح أن يحدث اضطراب في هذه الممرات ما لم تتخذ المنظمات الدولية والإقليمية إجراءات سريعة وحاسمة لمعالجة هذه المشكلة. وقد اقترح الخبراء التدابير التالية:
مكافحة الإرهاب
صرح السيد محمد عبد الله، خبير مكافحة الإرهاب في الصومال، لقناة أخبار الآن: “العقوبات المستهدفة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتعزيز التنسيق العسكري هي أمور حاسمة لتعطيل مسارات تهريب الأسلحة وتحجيم الجماعات المتطرفة في المنطقة”. ومع ذلك، أشار عبد الله إلى أن جهود مكافحة الإرهاب الحالية ضد جماعة الشباب غير كافية وتشهد تراجعًا، بينما يستمر نفوذ الجماعة في التوسع.
الأمن البحري
أكد اللواء محمد شيخ علي، خبير الأمن البحري والمحاضر السابق في جامعة البحر الأحمر والمتخصص في القانون والعلوم السياسية: “تحسين دوريات المراقبة في خليج عدن، إلى جانب مبادرات أمنية قوية للسواحل، أمر ضروري لحماية التجارة ومواجهة التهريب”. وأضاف أن المنطقة تعاني من ضعف في الأمن وقلة دوريات المراقبة البحرية، مما يخلق فرصًا لتدفق الأسلحة غير المشروعة دون عوائق.
جهود الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية
أشار فريق المراقبة التابع للأمم المتحدة حول الصومال وإريتريا مرارًا إلى أن خليج عدن يعد مسارًا رئيسيًا لتهريب الأسلحة إلى جماعة الشباب وتنظيم الدولة الإسلامية في الصومال (ISS) ومجموعات مسلحة أخرى. وقد دعا الفريق إلى تطبيق أكثر صرامة لحظر الأسلحة وتعزيز المراقبة البحرية لتعطيل هذه الشبكات. وبالمثل، شدد الاتحاد الأفريقي (AU) على ضرورة تعزيز التنسيق بين الدول الأعضاء لمكافحة تهريب الأسلحة ودوره في تأجيج التمردات عبر القارة. وقد لعبت قوات أميصوم (AMISOM) والتي أصبحت الآن أتميس (ATMIS) دورًا مهمًا في الحد من تدفقات الأسلحة، لكنها تواجه تحديات كبيرة في توسيع نطاق عملياتها.
يجب على المجتمع الدولي التحرك بشكل عاجل وحاسم لوقف التأثير المتزايد للجماعات الإرهابية قبل أن تتمكن من ترسيخ نفوذها في المنطقة كما أن السماح لهذه الجماعات بتعزيز قوتها سيؤدي إلى تصعيد الأزمة، مما قد يتطلب حربًا شاملة ومكلفة لإعادة السيطرة. وعليه فإن التدخل الاستباقي من قبل المنظمات الدولية أمر ضروري لكبح هذا التهديد، والحفاظ على استقرار المنطقة، ومنع العواقب الوخيمة التي يمكن أن تزعزع استقرار القرن الأفريقي ومسارات التجارة العالمية الحيوية.
0 تعليق