سريعًا، انتهى سجال " الرابحين والخاسرين"من انتخاب قائد الجيش جوزاف عون رئيسًا للجمهورية، وطويت معه صفحة الاستحقاق الرئاسي بكلّ محطّاته وفصوله، وصولاً إلى الجلسة الحاسمة، والتوافق الوطني الذي أفرزته، لتُفتَح صفحة جديدة، يرى كثيرون أنّ خطاب القسَم الذي ألقاه الرئيس العتيد ينبغي أن يشكّل "خريطة طريقه" بأتمّ معنى الكلمة، ولا سيما أنّه نال استحسان معظم اللبنانيين وتأييدهم، لكونه يلبّي تطلّعاتهم إلى حدّ بعيد.
سريعًا أيضًا، انطلق "العهد الجديد" في ديناميكيات العمل، بدءًا من العمل على تشكيل أولى حكوماته، من دون إبطاء، وحتى من دون إعطاء هامش زمني للتشاور، الذي لا يتّسع له الوقت، بعد سنتين وثلاثة أشهر من الفراغ "القاتل"، ليتعمّد الرئيس جوزاف عون "تبكير" موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الوزراء، على أمل أن تنعكس السرعة على تأليف الحكومة، فلا تقع الأخيرة رهينة الشروط والشروط المضادة على جري العادة.
وإذا كان إنجاز الاستحقاق الرئاسي قد انعكس ارتياحًا في الأوساط السياسية والشعبية، وسط موجة من التفاؤل بقدرته على التغيير، فإنّ هذه الأجواء عزّزها الانفتاح الإقليمي والدوليّ على لبنان، الذي ترجم بحركة موفدين لم تتوقف، بل على النقيض، ازدادت في الأيام الأخيرة، مع تسجيل حركة خليجية لافتة إزاء لبنان، بعد "شبه قطيعة" بدأت خلال العهد السابق، ووسط ترقّب لزيارة محتملة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قريبًا إلى لبنان...
إعادة الانتظام للمؤسسات
لم ينتظر الرئيس جوزاف عون كثيرًا حتى بدأ العمل، فحدّد سريعًا موعدًا للاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة، من دون أن يعطي مجالاً واسعًا للمشاورات السياسية، التي اقتصرت على عطلة نهاية الأسبوع، ومن دون أن يعتمد "تكتيك" سلفه الرئيس السابق ميشال عون الذي كان "يؤخّر" الاستشارات لأسبوعين أو أكثر، من باب أنّ الدستور يمنحه "صلاحية" تحديد الوقت الذي يجده مناسبًا لدعوة النواب إليها.
وبعيدًا عن المقارنات التي لجأ إليها البعض منذ اليوم الأول، بل منذ خطاب القسم، يمكن القول إنّ الديناميكية السريعة التي اعتمدها الرئيس جوزاف عون، بدءًا من الملف الحكومي، تعكس في مكان ما، رغبته في إرسال "دعائم" متينة لحكمه، ولا سيما أنّ البلاد أحوج ما تكون اليوم إلى إعادة الانتظام للمؤسسات الدستورية، وهو مسارٌ يبدأ بتسمية رئيس الوزراء، على أن يكتمل بتشكيل حكومة متجانسة ومتناغمة، تستطيع أن تنفّذ ما هو مطلوب منها.
ولعلّ الأهمّ من الاستشارات الملزمة لتسمية رئيس الحكومة، التي يحدّد الدستور اللبناني مسارها بوضوح، هو ما سيعقب هذه الاستشارات، على مستوى تأليف الحكومة، فالعملية إما تكون سريعة، بعيدًا عن سياسات المحاصصة التقليدية، وتتوّج بصورة أو بأخرى البداية "المبشّرة" للعهد، وإما تكون على العكس من ذلك، بطيئة، فتحبِط إلى حدّ بعيد "المعنويات المرتفعة" التي انبثقت عن انتخاب الرئيس وخطاب الرئيس وما بعدهما.
إيجابيات يُبنى عليها
وبانتظار أن تتّضح معالم الصورة، بعد انتهاء الاستشارات الملزمة، وتلك غير الملزمة التي يقوم بها الرئيس المكلف في المجلس النيابي، يتحدّث العارفون عن سلسلة "إيجابيات" يمكن البناء عليها، لاستكمال البداية "المبشّرة" بالعهد، بدءًا من الانفتاح الخليجي على لبنان، ولا سيما على مستوى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، اللتين خرجتا من الساحة اللبنانية، لتعودا إليها اليوم، من بوابة الاستحقاق الرئاسي تحديدًا.
ولعلّ الدعوة التي تلقاها الرئيس جوزاف عون لزيارة المملكة العربية السعودية، وتأكيده بأن الرياض ستكون وجهته الخارجية الأولى، لا يُعتبَر تفصيلاً في هذا المشهد، إذ يعبّر في مكان ما عن خرق للكثير من الحواجز التي كانت موضوعة في الفترات السابقة، بما قد يؤمّن فرصة حقيقية للعهد الجديد بتحقيق الإنجازات، ولو أنّ ذلك سيتطلب وجود حكومة تلبّي التطلعات، وتطلق ورشة الإصلاحات التي طال انتظارها أيضًا.
ويبقى الأهمّ في سبيل كلّ ذلك، تكريس وقف إطلاق النار في جنوب لبنان، مع بدء العدّ العكسي لانتهاء مهلة الستين يومًا قبل انتهاء الشهر الجاري، علمًا أنّ الخروقات الإسرائيلية التي لا تزال متواصلة، بل وصلت إلى أوجها في الأيام الماضية، تشكّل تحديًا حقيقيًا للعهد، ولو أنّ الوسطاء يؤكدون أنّ الأمور ذاهبة إلى الحلّ، خصوصًا بعد انتخاب الرئيس، ما يؤسّس المناخ الملائم لترتيب وضعية "اليوم التالي" للحرب، إن جاز التعبير.
هي بداية "مبشّرة" للعهد إذاً، للكثير من الأسباب والاعتبارات، فالديناميكيات سريعة، والرغبة حقيقية في تحقيق الإنجازات، بما ينسجم مع عناوين خطاب القسم الجاذبة، والانفتاح الإقليمي والدولي عامل مؤثّر بطبيعة الحال. لكن بموازاة كلّ ذلك، يبقى استحقاق الحكومة "مفصليًا" في تحديد "البوصلة"، وهو استحقاق سيُبنى عليه الكثير في رسم معالم "العهد"، بين استمرار النهج السابق، أو إطلاق "ثورة الإصلاح"، إن صحّ التعبير!
Advertisement
سريعًا أيضًا، انطلق "العهد الجديد" في ديناميكيات العمل، بدءًا من العمل على تشكيل أولى حكوماته، من دون إبطاء، وحتى من دون إعطاء هامش زمني للتشاور، الذي لا يتّسع له الوقت، بعد سنتين وثلاثة أشهر من الفراغ "القاتل"، ليتعمّد الرئيس جوزاف عون "تبكير" موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الوزراء، على أمل أن تنعكس السرعة على تأليف الحكومة، فلا تقع الأخيرة رهينة الشروط والشروط المضادة على جري العادة.
وإذا كان إنجاز الاستحقاق الرئاسي قد انعكس ارتياحًا في الأوساط السياسية والشعبية، وسط موجة من التفاؤل بقدرته على التغيير، فإنّ هذه الأجواء عزّزها الانفتاح الإقليمي والدوليّ على لبنان، الذي ترجم بحركة موفدين لم تتوقف، بل على النقيض، ازدادت في الأيام الأخيرة، مع تسجيل حركة خليجية لافتة إزاء لبنان، بعد "شبه قطيعة" بدأت خلال العهد السابق، ووسط ترقّب لزيارة محتملة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قريبًا إلى لبنان...
إعادة الانتظام للمؤسسات
لم ينتظر الرئيس جوزاف عون كثيرًا حتى بدأ العمل، فحدّد سريعًا موعدًا للاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة، من دون أن يعطي مجالاً واسعًا للمشاورات السياسية، التي اقتصرت على عطلة نهاية الأسبوع، ومن دون أن يعتمد "تكتيك" سلفه الرئيس السابق ميشال عون الذي كان "يؤخّر" الاستشارات لأسبوعين أو أكثر، من باب أنّ الدستور يمنحه "صلاحية" تحديد الوقت الذي يجده مناسبًا لدعوة النواب إليها.
وبعيدًا عن المقارنات التي لجأ إليها البعض منذ اليوم الأول، بل منذ خطاب القسم، يمكن القول إنّ الديناميكية السريعة التي اعتمدها الرئيس جوزاف عون، بدءًا من الملف الحكومي، تعكس في مكان ما، رغبته في إرسال "دعائم" متينة لحكمه، ولا سيما أنّ البلاد أحوج ما تكون اليوم إلى إعادة الانتظام للمؤسسات الدستورية، وهو مسارٌ يبدأ بتسمية رئيس الوزراء، على أن يكتمل بتشكيل حكومة متجانسة ومتناغمة، تستطيع أن تنفّذ ما هو مطلوب منها.
ولعلّ الأهمّ من الاستشارات الملزمة لتسمية رئيس الحكومة، التي يحدّد الدستور اللبناني مسارها بوضوح، هو ما سيعقب هذه الاستشارات، على مستوى تأليف الحكومة، فالعملية إما تكون سريعة، بعيدًا عن سياسات المحاصصة التقليدية، وتتوّج بصورة أو بأخرى البداية "المبشّرة" للعهد، وإما تكون على العكس من ذلك، بطيئة، فتحبِط إلى حدّ بعيد "المعنويات المرتفعة" التي انبثقت عن انتخاب الرئيس وخطاب الرئيس وما بعدهما.
إيجابيات يُبنى عليها
وبانتظار أن تتّضح معالم الصورة، بعد انتهاء الاستشارات الملزمة، وتلك غير الملزمة التي يقوم بها الرئيس المكلف في المجلس النيابي، يتحدّث العارفون عن سلسلة "إيجابيات" يمكن البناء عليها، لاستكمال البداية "المبشّرة" بالعهد، بدءًا من الانفتاح الخليجي على لبنان، ولا سيما على مستوى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، اللتين خرجتا من الساحة اللبنانية، لتعودا إليها اليوم، من بوابة الاستحقاق الرئاسي تحديدًا.
ولعلّ الدعوة التي تلقاها الرئيس جوزاف عون لزيارة المملكة العربية السعودية، وتأكيده بأن الرياض ستكون وجهته الخارجية الأولى، لا يُعتبَر تفصيلاً في هذا المشهد، إذ يعبّر في مكان ما عن خرق للكثير من الحواجز التي كانت موضوعة في الفترات السابقة، بما قد يؤمّن فرصة حقيقية للعهد الجديد بتحقيق الإنجازات، ولو أنّ ذلك سيتطلب وجود حكومة تلبّي التطلعات، وتطلق ورشة الإصلاحات التي طال انتظارها أيضًا.
ويبقى الأهمّ في سبيل كلّ ذلك، تكريس وقف إطلاق النار في جنوب لبنان، مع بدء العدّ العكسي لانتهاء مهلة الستين يومًا قبل انتهاء الشهر الجاري، علمًا أنّ الخروقات الإسرائيلية التي لا تزال متواصلة، بل وصلت إلى أوجها في الأيام الماضية، تشكّل تحديًا حقيقيًا للعهد، ولو أنّ الوسطاء يؤكدون أنّ الأمور ذاهبة إلى الحلّ، خصوصًا بعد انتخاب الرئيس، ما يؤسّس المناخ الملائم لترتيب وضعية "اليوم التالي" للحرب، إن جاز التعبير.
هي بداية "مبشّرة" للعهد إذاً، للكثير من الأسباب والاعتبارات، فالديناميكيات سريعة، والرغبة حقيقية في تحقيق الإنجازات، بما ينسجم مع عناوين خطاب القسم الجاذبة، والانفتاح الإقليمي والدولي عامل مؤثّر بطبيعة الحال. لكن بموازاة كلّ ذلك، يبقى استحقاق الحكومة "مفصليًا" في تحديد "البوصلة"، وهو استحقاق سيُبنى عليه الكثير في رسم معالم "العهد"، بين استمرار النهج السابق، أو إطلاق "ثورة الإصلاح"، إن صحّ التعبير!
0 تعليق