يبدو أن الحياة السياسية في لبنان ستعود مجدداً الى مرحلة الكباش السياسي والتي من غير المعروف مداها الزمني ونتائجها، وذلك إثر ما أسماه "الثنائي الشيعي" بالـ "الخديعة" التي تعرّض لها خلال الاستشارات النيابية حيث جرى تكليف رئيس محكمة العدل الدولية نوّاف سلام لتشكيل حكومة العهد الأولى، الامر الذي ظهر ل"الثنائي" كمحاولة جديدة لإقصائه أو أقلّه إضعافه.
Advertisement
سيناريوهات عدّة ستفرض نفسها على المشهد السياسي في المرحلة المُقبلة؛
الأوّل هو عدم توصّل "الثنائي الشيعي" ورئيسي الجمهورية والحكومة إلى أي تسوية. أمّا السيناريو الثاني فيتجسّد في الوصول الى اتفاق كامل الأوصاف يُشعر أقطاب الطائفة الشيعية في لبنان بأنهم استعادوا زمام المبادرة وحصلوا على ضمانات حاسمة تجعلهم قادرين على إعادة ترميم واقعهم السياسي.
ووفق السيناريو الأول، لو وقع، فإنّ البلد سيدخل في أزمة جدية، إذ إنّ رئيس الحكومة المكلّف قد يتّجه الى التأليف بمعزل عن "الثنائي الشيعي" ويستبدله بتمثيل وزراء من المعارضة الشيعية، وهذا الأمر من شأنه أن يوصل البلد الى مواجهة شعبية وسياسية كاملة ويؤدي الى تضرّر عهد الرئيس الجديد جوزاف عون، وعوضاً عن أن ينغمس في حلحلة ملفّات الإنماء وإرساء الاستقرار يجد نفسه أمام كباش سياسي طويل الأمد لن ينتهي بسرعة.
بلا شكّ فان هذا السيناريو لا تريده كل من الولايات المتحدة الاميركية والمملكة العربية السعودية وفرنسا، إذ سيسعى هؤلاء الى تأمين الاستقرار الكامل في لبنان والبناء عليه لأطول فترة ممكنة، وذلك لعدّة أسباب أهمّها الواقع السوري وأولويات واشنطن.
وبالعودة الى السيناريوهات، فإنّ السيناريو الثاني قد يتحقق فعلياً في حال توصّل الجميع الى اتفاق والذي من المرجّح أن يحصل بعد كباش شرس بين الرئيس المُكلّف و"الثنائي" يكسب بموجبه الأخير حقائب وزارية وازنة وضمانات شاملة تتخطّى مسألة الحكومة، وهذا الأمر يجعل "الثنائي" مجدداً رقماً صعباً ويكرّس حضوره السياسي لمرحلة مقبلة.
وتشير مصادر سياسية مطّلعة أن الأزمة الحقيقية التي سيمرّ بها خصوم "الثنائي" في حال حصول السيناريو الأول تتمثل في أنهم سيواجهون قواعدهم بتراجعهم عن السقوف السياسية التي رفعوها ، ولن يستطيعوا بطبيعة الحال تمرير أي قانون انتخاب من دون موافقة "الثنائي"، الذي سيسعى الى تحصين واقعه النيابي بقواعده الشعبية التي تفوق قدرات خصومه بفارق كبير والتي كان يخفّف منها من خلال قانون الانتخاب الذي يحفظ حقوق الاقليات الشعبية.
0 تعليق