هل يُحرَج الرئيس المكّلف تمهيدًا لإخراجه؟ - خليج نيوز

لبنان 24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
قبل اقل من شهر وقف رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أمام النواب الذين انتخبوه أو الذين لم ينتخبوه رافعًا يده بقسم لم يُعطَ لغيره من الرؤساء، ولكنه لم يكن يتصّور أن حكومة العهد الأولى ستأخذ هذا الجدل السياسي والتقني، الذي يرافق مراحل تشكيلها على يد الرئيس المكّلف نواف سلام. ولم يكن يتوقع عندما صُفق له أكثر من مرّة عندما كان يلقي خطاب القسم أن الذين صفقوا له كثيرًا ستكون لهم مواقف معاكسة للتشكيلة التي يسعى إليها الرئيس المكّلف، التي يكتنفها غموض غير مسبوق، وذلك نظرًا إلى التباين في وجهات النظر بين الذين سمّوه، ولو في آخر لحظة وعن غير اقتناع، وبين الذين سمّوه وهم مقتنعون بما يمكن أن يحققه من إنجازات، وبين الذين لم يسمّوه عن قناعة مسبقة.

Advertisement

كان الرئيس عون يعتقد أن حكومة عهده الأولى ستشكّل في غضون أيام. وقد يكون سبب هذا الاعتقاد توق اللبنانيين إلى التغيير الفعلي وليس الصوري، ولكن ليس بهذه الطريقة، التي يعتمدها الرئيس المكّلف، الذي تواجهه أكثر من عقبة وعثرة في خطواته الأولى. هذه هي البداية، كما تقول أوساط سياسية مراقبة لعملية التأليف، خصوصًا أن رئيس الجمهورية لم يعلن موقفه منها بعد، وهو الذي سيوقع على مراسيم التشكيل بالتوازي مع توقيع رئيس الحكومة. فرأي رئيس الجمهورية أساسي في المرحلة النهائية باعتباره شريكًا أساسيًا في عملية إصدار مراسيم التشكيل، وهو بالتالي ليس مجرد صندوقة بريد، إذ أن لرأيه الأرجحية لكي تبصر الحكومة النور لتنطلق في مسيرتها الإصلاحية بدءًا من بيانها الوزاري ومرورًا بنيل الحكومة ثقة مجلس النواب ووصولًا إلى العمل الفعلي في نقل اللبنانيين من ضفة التعثر والانهيار بكل أشكاله إلى ضفة التعافي التدريجي.
من الطبيعي أن الرئيس المكلف يعرف جميع أسماء الذين يقترحهم للتوزير، على عكس رئيس الجمهورية الذي لا يعرف معظم هؤلاء معرفة جيدة، وهو لا يستطيع أن يوقّع على "بياض" من دون أن يتأكد من أن هذه التشكيلة ستحظى بالثقة المطلوبة في مجلس النواب المنقسم بين مؤيد لتوجهات الرئيس المكّلف، وبين رافضي عدم تطبيق المعايير الموحدة في عملية انتقاء أسماء الوزراء المحتملين. وهذا ما عكسه في شكل واضح موقفان متناقضان لكل من النائبين ميشال الدويهي ومارك ضو، وما فيهما من مضامين لا توحي بأن المسار الذي ستسلكه الحكومة في حال حظيت بموافقة رئيس الجمهورية سيكون سهلًا، مع تنامي المواقف المعارضة للطريقة التي يعتمدها الرئيس سلام، والتي قد تؤدي ربما إلى حجب الثقة عنها، خصوصًا إذا توافقت كتلتا "الجمهورية القوية" و"لبنان القوي" وكتلة "الكتائب اللبنانية" وغيرها من الكتل الأخرى، التي تعبّر عن التوجه السنّي العام، على حجب الثقة عن الحكومة العتيدة.
فإذا ما قيس ما جاء في خطاب القسم من وعود مع ما يرافق عملية التأليف من إحباطات وخيبات أمل فإن النتيجة التي توقعهّا اللبنانيون لن تكون في مستوى طموحاتهم. هذا ما يقوله الذين يرفضون أن تؤول وزارة المالية إلى الوزير السابق ياسين جابر باعتباره ينتمي سياسيًا إلى حركة "أمل". وهذا ما عبّر عنه بصراحة متناهية النائب الدويهي، وهو واحد من النواب التغييريين، والذي كانت له اسهامات كما غيره من النواب في تسمية القاضي نواف سلام.
أمّا الذين يؤيدون ما يقوم به سلام من خطوات يعتبرها البعض تغييرية بمعناها الحقيقي، ومن بينهم النائب مارك ضو، فيرون أن "زمان الأول قد تحوّل"، وأنه من الطبيعي أن تكون الطبقة السياسية التي أوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه من افلاس سياسي واقتصادي غير راضية على مقاربة سلام في تشكيلته الوزارية. ومن الطبيعي وغير المستهجن أن تشنّ عليه حملات غير مسبوقة لإحراجه كمقدمة لإخراجه.    

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق