جولة ميدانية في مستشفى الأطفال بدمشق
في قلب العاصمة السورية دمشق، يقف مستشفى الأطفال الوحيد في البلاد شاهداً على معاناة لا توصف، حيث تتجسد فيه أوجاع الطفولة وصرخات الأمهات، وسط انهيار شبه كامل للقطاع الصحي.
مشاهد من الألم
في أحد الأروقة، تظهر سيدة من مدينة الحكسة في شرق سوريا سافرت أكثر من 11 ساعة لتصل إلى المستشفى وتبدو وهي تراقب ابنتها الصغيرة التي تعاني من مرض حاد، دون أن تتمكن من تقديم العون لها، سوى دموع تذرفها على وجنتيها.
وقالت لأخبار الآن: “أنا متواجدة في
وعندما سألناها لماذا لم تجر العملية في الحسكة أو دير الزور أو أي محافظة قريبة.. بدا وكأن السؤال غريب أين تلك المستشفيات وأين القطاع الصحي في مناطق شهدت حربا لأكثر من 13 عاما، في وقت كان النظام السابق السابق يجد المال لشراء الأسلحة ولا يجد المال لبناء الإنسان وعلاج الأطفال.
طفل حديث الولادة بحاجة للعلاج في مستشفى الأطفال بدمشق
قصص مؤلمة
تجولنا في المستشفى ووجدنا في زاوية أخرى، رجل يبكي بحرقة على حال طفله ابن الأيام القليلة مشكلة صحية لا يعرف ما سببها، ولكن ما هو معلوم أنه لا يوجد له مكان في المستشفى لذلك يجلس على الأرض يحتضن ابنه مع زوجته بانتظار الفرج للحصول على العلاج اللازم.
المرضى يأتون من مناطق بعيدة، يقطعون مسافات طويلة بحثاً عن بصيص أمل في العلاج. لكنهم يصطدمون بواقع مرير: نقص حاد في الأسرة، وانعدام في المستلزمات الطبية الأساسية، مما يضطر الأهالي إلى النوم في العراء أمام المستشفى، في ظروف تفتقر لأدنى مقومات الراحة والكرامة.
وفي قسم الطوارئ، ترقد فتاة تعاني من جلطة دماغية، وحيدة هائمة على نفسها افترشت الأرض أملا في الحصول على سرير حالها كحال العشرات،
سألناها عن قصتها فقالت بعيون يملؤها الحزن وابتسامة مصطنعة على الوجه: ” أنا وحيدة أهلي متوفين ومن سنة تقريبا وانا بالمستشفى، أعاني من جلطة دماغية، كنت أنام بالشارع والآن انام على الأرض في المستشفى.
وتابعت: أنا بحاجة للعلاج بحاجة للدواء من يستطيع تقديم المساعدة فليساعدني.
فتاة تعاني من جلطة دماغية في مستشفى الأطفال الجامعي بدمشق
المشهد ليس نادرًا. فالمرضى يأتون من أقاصي البلاد، يسافرون لساعات، يحملون أملًا هشًا في أن يجدوا سريرًا أو دواء. لكنّهم، غالبًا، يواجهون واقعًا أشد قسوة: لا أسرّة، لا أدوية، ولا حتى مساحة لراحة الأهالي الذين يضطرون للنوم في العراء أمام المستشفى، محاطين ببرودة الليل وصرخات أبنائهم.
الكوادر الطبية تبذل جهدًا خارقًا وسط غياب المستلزمات لا يوجد ما يكفي من الحقن، ولا من أدوية السرطان أو أجهزة التنفس المستشفى، على أهميته، يعمل بما يشبه المعجزة وسط الحصار والتهميش، ويشكل شاهدًا حيًا على فشل النظام الصحي في توفير الحد الأدنى من الرعاية للأطفال.
هذه الأزمة لا تنحصر في الجدران المهترئة للمستشفى، بل تمتد إلى ضمير العالم كيف يمكن أن يكون هذا هو الواقع في بلد يحتاج أكثر ما يحتاج إلى الحياة؟
أب بجانب ابنه في المستشفى بينما يتلقى العلاج
واقع صحي متدهور
أعلنت وزارة الصحة السورية عن خطة إنقاذ متعددة المراحل للنهوض بالقطاع الصحي، تشمل إعادة بناء المنشآت الصحية، وتأمين الأجهزة الطبية، وتأهيل منظومة الإسعاف، وتوفير أدوية السرطان والأدوية التخصصية.
كما تم التأكيد على أهمية التشاركية مع المجتمعات والمنظمات الدولية لدعم المشاريع الصحية، وإعادة بناء وترميم المنظومة الصحية في سوريا، كخطوة أولى نحو تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.
المشهد في مستشفى الأطفال الوحيد في سوريا ليس مجرد صورة آنية، بل هو انعكاس لواقع مؤلم يعيشه آلاف الأطفال وأسرهم يومياً إنقاذ هذا المستشفى وتوفير الدعم اللازم له هو خطوة أساسية نحو حماية الطفولة وضمان مستقبل أفضل للبلاد.
على المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية أن تتحرك بسرعة لتقديم الدعم والمساعدة، فكل يوم تأخير يعني المزيد من المعاناة.
أخبار متعلقة :