حقاني كان من أهم جامعي الأموال لصالح حركة طالبان
جاء تبني تنظيم “داعش” التفجير الانتحاري الذي قتل فيه وزير اللاجئين الأفغاني خليل الرحمن حقاني وعدد من معاونيه أمس الأربعاء في واستهدف مقر الوزارة في كابول، ليسلط الضوء على اختراق امني كبير في حكم طالبان، بينما تمر الحركة بأزمة صراع داخلي.
ونشر تنظيم داعش صورة للانتحاري الذي نفّذ الهجوم، قائلا إنه فجر سترته الناسفة بعد أن “اجتاز بنجاح الحواجز الأمنية داخل المقرّ”، بحسب بيان نشرته وكالة أعماق للأنباء ونقله موقع سايت الذي يرصد أنشطة الجهاديين.
وقبل حتى أن يعلن تنظيم داعش مسؤوليته، سارعت سلطات طالبان إلى اتهام التنظيم الجهادي بالوقوف خلف هذا “الهجوم الدنيء” بحسب وصف مسؤول حكومي.
ضربة في قلب هيكل السلطة
وبينما كان مقتل الوزير خليل الرحمن حقاني أبرز عملية قتل في أفغانستان منذ استيلاء طالبان على البلاد عام 2021، فإنه بحسب “نيويورك تايمز” يعتبر بمثابة ضربة في قلب هيكل السلطة في طالبان بعد سنوات من الهيمنة التي لا جدال فيها، ويأتي في لحظة صراع داخل الجماعة.
وخليل الرحمن الذي كان يحمل سلاحا أوتوماتيكيا في كلّ إطلالاته هو شقيق جلال الدين، مؤسس شبكة حقاني التي تنسب إليها أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان خلال عقدين من حكم حركة طالبان الذي أنهاه الغزو الأميركي للبلاد في العام 2001. وهو أيضا عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني.
ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى خمسة ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه “قائد بارز في شبكة حقاني” التي صنّفتها واشنطن “منظمة إرهابية”.
وفي شباط/فبراير 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأمريكية “إرهابيا عالميا”.
وكان خليل الرحمن خاضعا لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.
قاد ابن أخيه سراج الدين حقاني ، القائم بأعمال وزير الداخلية، الجهود الرامية إلى إعادة تشكيل صورة طالبان العالمية. ومنذ صعود طالبان إلى السلطة، بدا حقاني حريصاً على التواصل مع الغرب للحصول على الاعتراف ــ ولكن دون جدوى حتى الآن.
ويبدو أن هذا الجهد يتعارض في بعض الأحيان مع إملاءات الزعيم الأعلى لطالبان، الشيخ هيبة الله أخوندزاده، الذي أصدر سلسلة من المراسيم القاسية على نحو متزايد والتي تقيد حقوق المرأة وحرياتها في أفغانستان، والتي لم تحظ بشعبية ليس فقط في الخارج ولكن أيضا في الداخل.
وتسببت تصرفات الزعيم الأعلى في إحباط أعضاء حكومته، حيث يزعم أعضاء طالبان الأكثر براجماتية ضرورة اتباع سياسة أقل تقليدية.
ومن بين هؤلاء سراج الدين حقاني، الذي كان صريحاً نسبياً بشأن رغبته في السماح للفتيات بالالتحاق بالمدارس بعد الصف السادس، وعودة النساء إلى العمل في المكاتب الحكومية.
أما خليل حقاني فقد كان رجل دولة مخضرماً في العائلة، وبطلاً في الحرب مرتين، وشقيق مؤسس الجماعة جلال الدين حقاني.
ورغم أنه كان وزيراً بالوكالة في الحكومة، وممثلاً خاصاً للزعيم الأعلى لطالبان، فإنه لم يكن في صميم السلطة السياسية للعائلة مثل ابن أخيه.
ومع ذلك، فإن مقتله يعد ضربة كبرى ضد حكومة طالبان، التي وصلت إلى السلطة واعدة بالأمن والسلام، وقد يؤدي ذلك إلى تأجيج التوترات الداخلية.
وبحسب وزارة الخزانة الأمريكية، كان حقاني من أهم جامعي الأموال لصالح حركة طالبان. كما قاد العمليات العسكرية وكان حليفاً لتنظيم القاعدة في عملياته، وفقاً لتقرير صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة .
نزاع على النفوذ
ويبدو أن شبكة حقاني منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة طالبان. ويدور النزاع، بحسب تقارير صحافية، بين معكسر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لطالبان المقيم في قندهار وآخر أكثر براغماتية في كابول.
ومنذ عودة حركة طالبان إلى الحكم إثر الانسحاب الأمريكي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم داعش (ولاية خراسان) لا يزال ينشط في البلاد وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في طالبان.
وسُمع في أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابول أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي طالبان نادرا ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل.
وفي أواخر تشرين الأول/أكتوبر، قتل طفل وأصيب نحو عشرة أشخاص في هجوم استهدف سوقا في وسط المدينة.
وفي أيلول/سبتمبر، تبنّى تنظيم داعش هجوما انتحاريا أسفر عن مقتل ستة أشخاص وجرح 13 في مقرّ النيابة العامة في كابول.
وأكّدت المجموعة أن هدفها كان “الثأر للمسلمين القابعين في سجون طالبان”، علما أن الحركة غالبا ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.
أخبار متعلقة :