إما أن تدفع أو تطرد.. مطالب المؤجر تصطدم بفقر المستأجر في سوريا - خليج نيوز

أزمة عقارات وارتفاع الإيجارات في سوريا

بعد أشهر من سقوط النظام في سوريا وفرحة السوريين بالتحرير والخلاص، بدأ حلم العودة يتحقق وبالفعل بدأت العودة التدريجية إلى حياة أكثر استقرارًا، لكن سرعان ما اصطدم هذا الحلم بحقيقة أخرى هي ارتفاع جنوني وغير مسبوق في أسعار العقارات والإيجارات، وضع آلاف العائلات أمام شبح التشرد من جديد، ولكن هذه المرة بسبب الفقر، لا الحرب.

في الأحياء المتوسطة والفقيرة ارتفعت الإيجارات إلى ثلاثة وربما أربعة أضعاف ويقول محمود وهو أحد سكان العاصمة دمشق : لاتوجد رقابة على أسعار الإيجارات وهي ترتفع بشكل مبالغ فيه حالها كحال جميع السلع في البلد.

واضاف: كنت أدفع ما يعادل 20 دولار للبيت المكون من غرفة واحدة وحمام صغير واليوم وبعد التحرير أدفع اكثر من 100 دولار على نفس البيت مع أني لا استطيع تأمين هذا المبلغ شهريا.

إما أن تدفع أو تطرد.. مطالب المؤجر تصطدم بفقر المستأجر في سوريا

لا بيع ولا إيجار

في منطقة زملكا التقت أخبار الآن بسيدة سئمت من ارتفاع الإيجارات المتكررة، فاتفقت هي وزوجها وأولادها على تأمين مبلغ مالي كبير لشراء منزل لكنها اصطدمت بالأسعار المرتفعة جداز

حيث أشارت السيدة إلى أنها تمكنت من تأمين مبلغ 300 مليون سوري ما يعادل (30 ألف دولار) لكنها لم تجد أي منزل في أطراف دمشق أو أطراف حمص بهذا المبلغ.

والمشكلة لا تقتصر على دمشق. من حلب إلى درعا إلى دير الزور، ترتفع الأسعار بشكل متسارع يفوق قدرة الغالبية الساحقة من السكان الإيجار الشهري لشقة بسيطة في أطراف دمشق، التي كانت تُؤجر قبل الحرب بنحو 15 ألف ليرة سورية، تجاوز اليوم المليون ليرة، أي ما يعادل عشرة أضعاف متوسط راتب الموظف الحكومي.

أسباب الارتفاع

يعود الخبراء أسباب هذا الارتفاع إلى عدة عوامل متداخلة:

  • تدمير البنية التحتية: الحرب دمّرت مئات آلاف الوحدات السكنية، مما خلق فجوة ضخمة بين العرض والطلب.
  • عودة المهجرين: مع استقرار الوضع الأمني نسبيًا، عاد آلاف النازحين إلى مدنهم، مما زاد الضغط على ما تبقى من عقارات صالحة للسكن.
  • ارتفاع تكاليف البناء: أسعار مواد البناء تضاعفت عدة مرات بسبب العقوبات، ونقص الاستيراد، وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة.
  • جشع بعض المستثمرين: بعد الحرب، تحوّلت العقارات إلى وسيلة للربح السريع، خصوصًا من قبل بعض التجار والمستثمرين الذين يشترون العقارات ويؤجرونها بأسعار خيالية.

قوانين لا تحمي الفقراء

يُلاحظ غياب تدخل حكومي فعّال لضبط سوق العقارات أو حماية المستأجرين. وعلى الرغم من وجود بعض القوانين التي تنظم العلاقة بين المالك والمستأجر، إلا أن تطبيقها يبقى ضعيفًا، وغالبًا ما يخضع للنفوذ والوساطات.

في كثير من الحالات، يتم طرد العائلات عند أول تأخير بدفع الإيجار دون أي إنذار قانوني، ويجدون أنفسهم فجأة بلا مأوى.

فراس أبو دانيال يعمل سائق سيارة أجرة قال لأخبار الآن بأنه تعرض للطرد من منزله قبل أيام لأنه اعترض على زياة الإيجار، وأضاف أن يجوب الشوارع يوميا ليلا ونهارا للبحث عن مصدر رزقه الوحيد من خلال السيارة التي يمتلكها والتي تحتاج هي الاخرى إلى إصلاح وتجديد لتسمتر في العمل، لكن مع ارتفاع الأسعار يوميا وغلاء المعيشة يجد الأمر صعبا للغاية.

إما أن تدفع أو تطرد.. مطالب المؤجر تصطدم بفقر المستأجر في سوريا

المستقبل القريب: إلى أين؟

في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية في سوريا، وضعف القوة الشرائية لدى المواطنين، يخشى مراقبون من تفاقم مشكلة السكن بشكل أكبر خلال السنوات القادمة، ما يهدد بزيادة ظواهر التشرد والفقر المدقع.

بالنسبة للكثيرين من السوريين، لم تعد الحرب وحدها عدوهم. بل أصبح الفقر وسقف الإيجار الذي لا يرحم، معركة يومية جديدة يجب خوضها للبقاء على قيد الحياة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق استهداف الضاحية: تصعيدٌ بوجه عون ومعادلة الاستقرار - خليج نيوز
التالى هذا ما تحتاج إليه الحكومة لكسب ثقة الناس - خليج نيوز